الإمارات وحرب أوكرانيا.. 3 سنوات من الدبلوماسية والإنسانية

لم تكن فقط مجرد وسيط محايد، بل صانعة فرص سلام، لتثبت أن الدبلوماسية النابضة بالإنسانية قادرة على اختراق جدران الحرب.
هكذا برزت دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال ثلاث سنوات من عُمر الحرب في أوكرانيا.
وساطات حرّرت آلاف الأسرى، ومساعدات إنسانية وصلت إلى ملايين المتضررين، وشراكة اقتصادية تُعيد الأمل لاقتصاد منهك.
فمنذ بدء الأزمة في 24 فبراير/شباط 2022، اتخذت الإمارات موقف الحياد الإيجابي المتوازن، والذي أتاح لها لعب دور إيجابي على طريق حل الأزمة، الأمر الذي توج بنجاح جهودها في إبرام 13 وساطة لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.
من بين تلك الوساطات، 10 خلال عام 2024، واثنتان في أول 5 أسابيع من 2025، وواحدة في 2023.
وساطات أثمرت في مجملها إطلاق سراح 3013 أسيرا من كلا الطرفين، وهو رقم كبير يجسد إنجازا دبلوماسيا وإنسانيا غير مسبوق في أزمة تشهد تصعيدا متواصلا بين جانبيها.
وعلى الصعيد الإنساني، خصصت الإمارات 105 ملايين دولار أمريكي من المساعدات الإنسانية لأوكرانيا، ونقلت أكثر من 1015 طنًا من المساعدات الطبية والغذائية والإغاثية.
كذلك نجحت الإمارات في توظيف حيادها الإيجابي لدعم التعاون الاقتصادي مع أوكرانيا، الأمر الذي توج بتوقيع اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بين البلدين قبل عدة أيام.
جهود دبلوماسية وسياسية وإنسانية قوبلت بتقدير وإشادة دولية ولا سيما من طرفي الأزمة، حيث وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الشكر للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات أكثر من مرة على وساطات وجهود بلاده لحل الأزمة.
حراك سياسي
وضمن أحدث تلك الجهود، التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرئيس الأوكراني، في زيارة أجراها الأخير للإمارات، في 17 فبراير/شباط الجاري.
وشدد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال اللقاء، على نهج دولة الإمارات الداعم للحلول السلمية للأزمات لمصلحة السلام والاستقرار في المنطقة والعالم من منطلق إيمانها بأن التنمية لا تتحقق إلا في ظل الاستقرار.
كما أكد حرص الإمارات على دعم كل ما من شأنه إيجاد تسوية سلمية للأزمة الأوكرانية ومواصلة العمل على تخفيف التداعيات الإنسانية لها.
من جهته، أعرب الرئيس الأوكراني عن شكره وتقديره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان للجهود الدبلوماسية الإماراتية المتواصلة في تبادل الأسرى والاهتمام الذي أبدته الدولة للجوانب الإنسانية للأزمة.
كذلك أجرى رئيس دولة الإمارات مباحثات عدة بشأن الأزمة مع نظيره الروسي، خلال زيارات متبادلة من الجانبين، كان أحدثها، زيارته لموسكو قبل 4 شهور.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال القمة التي جمعته مع بوتين، في موسكو في 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نهج دولة الإمارات الثابت في دعم العمل من أجل السلام والاستقرار في العالم بجانب دفع الحلول والمبادرات السلمية للنزاعات والصراعات.
من جانبه، أعرب بوتين عن شكره وتقديره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لجهود الوساطة التي بذلتها دولة الإمارات خلال الفترات الماضية، وأسفرت عن نجاح تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.
وعلى الصعيد الدبلوماسي أيضا، بذل الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، جهودا بارزة في هذا الصدد، من خلال المباحثات المتواصلة ومن خلال مشاركات الوزراء والدبلوماسيين التابعين للوزارة في المحافل الدولية.
وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بياناتها على محاور رؤية دولة الإمارات لحل الأزمة، مشددة على التزام الدولة بما يلي:
- مواصلة الجهود الهادفة إلى إيجاد حل سلمي للنزاع في أوكرانيا.
- التأكيد على موقفها المتمثل في الدعوة إلى الدبلوماسية والحوار وخفض التصعيد.
- دعم جميع المبادرات التي من شأنها التخفيف من التداعيات الإنسانية الناجمة عن الأزمة كاللاجئين والأسرى.
حصاد الوساطات
5 فبراير/شباط 2025
إنجاز عملية تبادل شملت 300 أسير مناصفة من الجانبين الروسي والأوكراني
15 يناير/كانون الثاني 2025
إنجاز عملية تبادل شملت 50 أسيرا مناصفة من الجانبين.
30 ديسمبر/كانون الأول 2024
إنجاز عملية تبادل شملت 300 أسير مناصفة من الجانبين.
18 أكتوبر/تشرين الأول 2024
إنجاز عملية تبادل شملت 190 أسيرا مناصفة من الجانبين.
14 سبتمبر/أيلول 2024
إنجاز عملية تبادل شملت 206 أسرى مناصفة من الجانبين.
24 أغسطس/آب 2024
استعادت روسيا 115 من جنودها الأسرى، مقابل استعادة أوكرانيا لعدد مماثل من الأسرى.
17 يوليو/تموز 2024
استعادت روسيا 95 من جنودها الأسرى، مقابل عدد مماثل لأوكرانيا.
25 يونيو/حزيران 2024
صفقة تبادل بين روسيا وأوكرانيا أسفرت عن إطلاق سراح 180 أسيراً من كلا الجانبين.
31 مايو/أيار 2024
استعادت روسيا 75 من جنودها الأسرى، مقابل عدد مماثل لأوكرانيا.
8 فبراير/شباط 2024
استعادت روسيا 100 من جنودها الأسرى، مقابل استعادة أوكرانيا لعدد أسرى مماثل من روسيا.
31 يناير/كانون الثاني 2024
عودة 195 جنديا إلى روسيا، مقابل استعادة أوكرانيا لعدد مماثل من أسراها من روسيا.
3 يناير/كانون الثاني 2024
وساطة عاد بموجبها 248 جنديا إلى روسيا، مقابل استعادة أوكرانيا أكثر من 200 أسير، في إحدى أكبر عمليات تبادل للأسرى بين الجانبين منذ بداية الأزمة في فبراير/شباط 2022.
4 فبراير/شباط 2023
وساطة عاد بموجبها 63 أسير حرب "من الفئة الحساسة" إلى روسيا، مقابل استعادة أوكرانيا 116 أسيرا.
رسائل ودلالات
وساطات إماراتية ناجحة تحمل رسائل ودلالات هامة من أبرزها:
-تعطي بارقة أمل نحو حل أزمة تلقي بتأثيراتها على أمن واستقرار العالم
- تجسد الثقة التي تحظى بها دولة الإمارات لدى روسيا وأوكرانيا.
- تعبر عن تقدير روسيا وأوكرانيا لدور دولة الإمارات في دعم المسار الدبلوماسي لحل الأزمة بين البلدين.
- انعكاس لعلاقات التعاون والصداقة التي تجمع دولة الإمارات بالبلدين.
- تبرز سعي الإمارات الحثيث والمتواصل للدفع بحل سلمي للأزمة الروسية الأوكرانية.
-تبرز تعاظم مكانة دولة الإمارات وتواصل ريادتها الدولية وثقة العالم وتقديره لقيادتها ولجهودها ووساطاتها.
- تثبت صواب الرؤية الحكيمة للإمارات منذ بدء الأزمة في اتخاذ موقف الحياد الإيجابي المتوازن، والذي أتاح لها لعب دور إيجابي على طريق حل الأزمة.
دعم اقتصادي وإنساني
الحياد الإيجابي خلال الأزمة، نجحت الإمارات أيضا في توظيفه لدعم التعاون الاقتصادي مع أوكرانيا، الأمر الذي توج بتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما قبل عدة أيام خلال زيارة الرئيس الأوكراني للإمارات، الشهر الجاري.
وشهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وزيلينسكي توقيع "اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة" بين البلدين والتي تهدف إلى فتح آفاق جديدة للتعاون المشترك والتبادل التجاري والاستثماري بينهما.
ومن المتوقع أن تضيف الاتفاقية 369 مليون دولار إلى إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات، و874 مليون دولار إلى إجمالي الناتج المحلي لأوكرانيا بحلول عام 2031. وفق ما ذكرته وكالة أنباء "وام" الإماراتية.
كما تدعم تسريع الانتعاش الاقتصادي لأوكرانيا وتوفير فرص جديدة للتعاون في مجالات مختلفة مثل البنية التحتية والصناعات الثقيلة والطيران والفضاء وتكنولوجيا المعلومات.
الدعم الإنساني
وبالتوازي مع جهودها الدبلوماسية والسياسية المتواصلة لحل الأزمة الأوكرانية، تنشط أيضا التحركات الإنسانية لدولة الإمارات عبر تسيير جسر جوي إنساني لدعم اللاجئين الأوكرانيين والمتضررين من الأزمة.
وتمثلت تلك الجهود، في:- توقيع وكالة الإمارات للمساعدات الدولية اتفاقية تعاون مع مؤسسة أولينا زيلينسكا، في 18 فبراير الجاري تهدف إلى توفير مراكز إضافية للأسر الحاضنة ورعاية الأيتام وذلك من خلال تقديم مساهمة مالية قدرها 4.5 مليون دولار أمريكي.
تأتي هذه المبادرة ضمن المرحلة الثانية من المشروع، إذ سبق أن شيّدت دولة الإمارات عددا من مراكز الإيواء مجهزة بالكامل للأسر الأوكرانية الحاضنة، مما أسهم في توفير بيئة آمنة ومستقرة للأطفال الذين فقدوا رعاية ذويهم.
وتهدف المرحلة الثانية إلى تعزيز جهود دعم الأسر الحاضنة وتوفير السكن اللائق للأطفال.
- أرسلت دولة الإمارات لأوكرانيا منذ بداية الأزمة طائرات إغاثية محملة بأكثر من 1015 طنًا من المساعدات الطبية والغذائية والإغاثية.
- قدمت الإمارات 50 سيارة إسعاف وأكثر من 4500 مولد كهربائي لمواجهة تحديات الشتاء.
- دعمت دولة الإمارات القطاع التعليمي عبر توفير 7500 جهاز كمبيوتر محمول و10000 حقيبة مدرسية.
- سيّرت الإمارات سفينتين إغاثيتين إلى رومانيا، ليصل إجمالي عدد المستفيدين من هذه الجهود إلى أكثر من 1.2 مليون شخص، من بينهم مليون امرأة وطفل.
- تخصيص مساعدات إنسانية إغاثية بقيمة 105 ملايين دولار.
وفي مستهل الأزمة، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة في مارس/آذار 2022 عن تقديمها مساعدات إغاثية للمدنيين المتضررين في أوكرانيا بقيمة 5 ملايين دولار أمريكي، وذلك استجابة لنداء الأمم المتحدة العاجل، وخطة الاستجابة الإقليمية للاجئين في أوكرانيا، بما يعكس تركيز الدولة على مبادئ التضامن الإنساني في حالات النزاع.
وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتقديم مساعدات إغاثية إنسانية إضافية بقيمة 100 مليون دولار أمريكي إلى المدنيين الأوكرانيين المتضررين من الأزمة.
المحافل الدولية
- المشاركة في مختلف المؤتمرات الدولية الداعمة لحل أزمة سياسي وإنساني للأزمة، من بينها:
- مؤتمر دولي في باريس لحشد الدعم الإنساني لمساعدة أوكرانيا في ديسمبر/كانون الأول 2022.
- مؤتمر استضافته برلين، في يونيو/حزيران 2024.
المؤتمر الوزاري حول "البعد الإنساني لصيغة السلام في أوكرانيا المكونة من 10 نقاط"، والذي انعقد في مدينة مونتريال الكندية في أكتوبر /تشرين الأول 2024.
وما تزال دولة الإمارات مستمرة في تقديم الدعم الإنساني والإغاثي للاجئين والنازحين في أوكرانيا وذلك انطلاقاً من النهج الراسخ لدى قيادة الدولة الرشيدة بمد يد العون لكافة شعوب العالم لمساعدتها في تخطى أزماتها الإنسانية.