ساديو كامارا.. عقل المؤسسة العسكرية في مالي

يبرز اسم الجنرال ساديو كامارا كأحد أقوى الشخصيات وأكثرها تأثيرًا، في قلب المعادلة السياسية والأمنية الجديدة في مالي منذ أغسطس/آب 2020.
كوزير الدفاع الحالي وعضو بارز في المجلس العسكري بقيادة الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا، يشكل كامارا العقل الاستراتيجي للجهاز العسكري، ويمسك بزمام المؤسسة العسكرية بقبضة حديدية.
ويدير كامارا المؤسسة العسكرية وفق رؤية واضحة تقوم على استعادة السيادة الوطنية والقضاء على الإرهاب، وهي أولويات لا تقبل التهاون في دولة تعيش منذ سنوات على وقع التهديدات المسلحة والتدخلات الأجنبية، بحسب مجلة "جون أفريك" الفرنسية.
بيئة عسكرية صارمة
ولد ساديو كامارا في بيئة عسكرية صارمة وتدرج في صفوف القوات المسلحة المالية، حيث عرف بانضباطه الصارم وتكوينه الأكاديمي العسكري الرفيع، الذي نال جزءًا منه في روسيا، إحدى الدول التي ظلت حاضرة بقوة في إعادة تشكيل العقيدة الدفاعية للجيش المالي.
ومع اندلاع موجة التململ الشعبي ضد نظام إبراهيم بوبكر كيتا (IBK) في صيف 2020، كان كامارا أحد المهندسين الهادئين لانقلاب 18 أغسطس/آب، الذي أطلق مسارًا انتقالياً جديداً أعاد للمؤسسة العسكرية دورها التاريخي في الحفاظ على وحدة الدولة واستقرارها.
ومنذ الساعات الأولى لنجاح التحرك العسكري، توزعت الأدوار داخل القيادة الجديدة بشكل يُظهر الانضباط والتناغم داخل صفوفها: تولى عاصمي غويتا رئاسة الدولة، فيما أسندت رئاسة المجلس الوطني الانتقالي (CNT)، إلى مالك دياو.
وأوكلت مهام المخابرات إلى الجنرال موديبو كوني، وتولى إسماعيل واغي ملف المصالحة الوطنية، بينما احتفظ كامارا بموقعه المحوري كوزير للدفاع، وهو المنصب الذي يدير من خلاله معركة الدولة لاستعادة سيادتها الكاملة في مواجهة التنظيمات الإرهابية والانفصالية، وتحجيم أي تأثيرات أجنبية لا تخدم المصالح العليا للشعب المالي.
رؤية إصلاحية
وعلى الرغم من الضغوط الدولية ومحاولات التشكيك في خيارات المجلس العسكري، يواصل ساديو كامارا فرض رؤيته الإصلاحية داخل المؤسسة العسكرية بمالي مرتكزًا على فريق صغير من الضباط الموثوقين الذين يتقاسمون معه نفس القيم.
وهو بذلك لا يكتفي بدور تقني في وزارة الدفاع، بل يعد حجر الزاوية في بناء جيش مالي جديد، أكثر مهنية، وأكثر استقلالية، وأكثر قدرة على مواجهة التحديات الأمنية المعقدة التي تعصف بالساحل الأفريقي.
خلال سنوات خدمته في وزارة الدفاع، أعاد كامارا هيكلة منظومة التسليح والتدريب العسكري، وفتح قنوات شراكة جديدة خارج الدوائر التقليدية، في مسعى لتحرير القرار الدفاعي المالي من الارتهان للقوى الغربية. كما دافع عن السيادة المالية في كل الملفات، واضعًا مصلحة البلاد فوق أي اعتبارات إقليمية أو دولية.
ساديو كامارا لا يتحدث كثيرًا في الإعلام، لكنه حاضر بقوة في الميدان، وفي الاجتماعات الأمنية، وفي جبهات المواجهة، وفي ملفات التعاون الدفاعي.
ومع كل تقدم تحرزه القوات المسلحة بمالي ضد الجماعات الإرهابية، تزداد شعبية المجلس العسكري بين فئات واسعة من الشعب المالي، الذي يرى فيه مشروعًا وطنيًا حقيقيًا يعيد الاعتبار للكرامة الوطنية المهدورة.
ويُنظر إلى الجنرال كامارا اليوم بوصفه رمزًا للعزم والانضباط، وصوتًا هادئًا يُوازن بين مقتضيات المرحلة الانتقالية والحاجة إلى قرارات حاسمة وحازمة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز