3 سنوات على تشغيل أول مفاعل نووي ببراكة.. طموح الإمارات يحلق بالعرب
في الأول من أغسطس/آب 2020، نجحت دولة الإمارات في تشغيل الوحدة الأولى من محطة "براكة" للطاقة النووية السلمية.
ومنذ 3 سنوات، وتحديدا يوم السبت الموافق الأول من أغسطس/ آب 2020، أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية نجاح شركة نواة للطاقة التابعة للمؤسسة، والمسؤولة عن تشغيل وصيانة محطات براكة للطاقة النووية السلمية، في إتمام عملية بداية تشغيل مفاعل المحطة الأولى، والتي تعد الأولى في العالم العربي.
وتقع محطة "براكة" غرب أبوظبي. وقد تولى كونسورسيوم بقيادة "كيبكو" الكورية بناءه في اتفاق بلغت قيمته نحو 24.4 مليار دولار.
وفي 17 شباط/فبراير من العام 2020، أعلنت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في دولة الإمارات إصدار رخصة تشغيل للوحدة الأولى من محطة "براكة" للطاقة النووية.
- إنجاز وخطوة مهمة.. "براكة الأولى" تعيد تمويل محطات براكة بالاعتماد على بنوك إماراتية
- إشادة أمريكية.. محطات براكة "نموذج متكامل" لنمو مستدام
وفي 24 فبراير/ شباط الماضي، بدأ التشغيل التجاري لثالث محطات براكة، وبهذا الإنجاز نجحت دولة الإمارات في التشغيل التجاري لثلاث من محطات براكة الأربع خلال 22 شهرا فقط، حيث بدأ التشغيل التجاري للمحطة الأولى في 6 أبريل/نيسان 2021، والثانية في 24 مارس/آذار 2022.
ومحطات براكة للطاقة النووية السلمية، في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، جعلت دولة الإمارات العربية المتحدة الأولى في العالم العربي التي تستخدم تكنولوجيا الطاقة النووية في إنتاج الطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة.
ورحلة البرنامج النووي السلمي الإماراتي وما يحققه من إنجازات، يتوج مسيرة عمل وإنجاز وكفاح، الأمر الذي يسهم في تسريع هدف الإمارات بأن تكون "أفضل دولة في العالم" بحلول الذكرى المئوية لقيام الاتحاد عام 2071.
إنجاز يحمل أهمية خاصة أيضا، كونه يتزامن مع استضافة دولة الإمارات نهاية العام الجاري مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28، الذي يستهدف مواجهة التحدي الأكثر تهديداً لمستقبل كوكب الأرض، وهو تغير المناخ.
وتعد الطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة التي تنتجها محطات براكة للطاقة النووية هي الحل الأمثل لمواجهة ظاهرة التغير المناخي، وتسريع مسيرة الحياد المناخي بحلول 2050، وخفض البصمة الكربونية.
كما يأتي هذا الإنجاز في عام الاستدامة، بعد أن أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، 2023 "عام الاستدامة" في دولة الإمارات العربية المتحدة، في مبادرة ملهمة تستهدف نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية وتشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيق استدامة التنمية، وهو الأمر الذي يتجسد في محطات براكة.
واتبعت دولة الإمارات نهجا استباقيا للتحديات التي تواجه العالم فيما يخص التغير المناخي وأمن الطاقة، حيث يتضمن هذا النهج الاستثمار على نطاق واسع في الطاقة النووية ومصادر الطاقة الصديقة للبيئة وذلك منذ أكثر من عقد من الزمان.
وظهرت نتائج هذا النهج اليوم، والتي تمثلت في دعم جهود دولة الإمارات الرامية لمواجهة ظاهرة التغير المناخي، إلى جانب توفير فرص تنافسية مميزة للشركات المحلية، من خلال الحصول على شهادات الطاقة الصديقة للبيئة إلى جانب دعم مجالات البحث والتطوير والابتكار.
وتم إرساء عقد تطوير محطات براكة في ديسمبر/كانون الأول 2009، وبعد ثلاث سنوات تقريبا، وتحديدا في يوليو/تموز 2012 بدأت أولى الأعمال الإنشائية بصب أول خرسانة في موقع المحطة الأولى، ثم بدأ العمل في تطوير أولى محطات الطاقة النووية في العالم العربي وفق المتطلبات الرقابية المحلية والمعايير العالمية.
وتوالت الإنجازات الرئيسية، ومن بينها اكتمال الأعمال الإنشائية للمحطة في الأول من مايو/أيار 2017، ليتم تتويج هذه الإنجازات في أبريل/نيسان 2021 ببدء التشغيل التجاري وإنتاج كهرباء وفيرة وصديقة للبيئة للمنازل وقطاعات الأعمال على مدار الساعة، وذلك للمرة الأولى في دولة الإمارات والعالم العربي.
وتسهم الكهرباء التي تنتجها المحطة الأولى إلى جانب المحطة الثانية في تسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة وذلك في إطار جهود الدولة المتواصلة للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وقام الآلاف من الكفاءات الإماراتية بدور أساسي في تطوير البرنامج النووي السلمي الإماراتي خلال العقد الماضي، والذين استفادوا من خبراتهم الكبيرة بقطاع النفط والغاز في تطوير محطات براكة، ولا سيما أن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وضعت على رأس أولوياتها استقطاب وتطوير الكفاءات الإماراتية لضمان تشغيل المحطات وفق المتطلبات الرقابية المحلية وأعلى المعايير العالمية.
وساهم ذلك في تعزيز المعارف والخبرات لدولة الإمارات في هذا القطاع المتقدم، وهو ما ستعم فوائده العديد من القطاعات الأخرى في السنوات المقبلة مثل الطب والزراعة واستكشاف الفضاء.
وتُعد محطات براكة ركيزة أساسية للتنمية المستدامة، حيث توفر وظائف مجزية وتحفز نمو القطاعات الصناعية المحلية، إلى جانب توفير فوائد بيئية كبيرة اليوم وعلى مدى الستين عامًا القادمة وما بعدها، من خلال تطوير مصدر آمن وموثوق للكهرباء الصديقة للبيئة على مدار الساعة، وتسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة في دولة الإمارات. وعند التشغيل الكامل ستحد محطات براكة الأربع سنوياً من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية التي تعد المسبب الرئيسي للتغير المناخي.
وعلى مدار السنوات الإحدى عشر الماضية، التزمت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بالركائز الأساسية لسياسة الدولة للطاقة النووية الخاصة بتطبيق أعلى المعايير العالمية الخاصة بالسلامة والجودة والشفافية وعدم الانتشار.
ونتيجة لذلك، وبعد مراجعات شاملة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية والرابطة العالمية للمشغلين النوويين، حصلت محطات براكة على تقدير دولي مميز جراء هذا الالتزام الذي سيبقى طيلة عمر البرنامج النووي السلمي الإماراتي.
وتحتوي محطات براكة للطاقة النووية السلمية على 4 مفاعلات تندرج ضمن الجيل الثالث من مفاعلات الطاقة النووية المتقدمة، ستنتج عند اكتمال تشغيلها 5600 ميغاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة.
وبينما تمضي دولة الإمارات قدما لتحقيق المزيد من الإنجازات ستوفر محطات براكة الأربع عند اكتمال تشغيلها 25% من احتياجات الإمارات من الطاقة الكهربائية الموثوقة والصديقة للبيئة لدعم التقدم والتنمية المستدامة للعقود المقبلة وما بعدها .
فوائد قياسية
وتتجاوز فوائد محطات براكة النووية الجانب الاقتصادي والبيئي إلى السياسي، ويمكن إبرازها فيما يلي:
- رسالة للعالم بأن الاستثمار في الطاقة النووية السلمية أفضل من الاستثمار في الطاقة النووية لأغراض غير سلمية وأن على الدول العمل من أجل ازدهار شعبها بدلا من استخدام الطاقة النووية كوسيلة لتهديد محيطها.
- تعد دولة الإمارات بإنجازها في هذا الملف نموذجا ملهما لدول المنطقة لتكرار نفس التجربة ومحاولة الاستفادة من الخبرات الإماراتية في هذا الصدد.
- دولة الإمارات التي تستضيف أهم مؤتمر دولي معني بالمناخ في العالم، تثبت للعالم على أرض الواقع التزامها بما يدعو إلى القيام به، الأمر الذي يعزز فرص نجاح كوب 28 في تحقيق أهدافه.
- تستعد دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28" أواخر العام الجاري، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم، في خطوة جديدة تؤكد ريادة دولة الإمارات، وتقدير العالم لجهودها في استدامة المناخ.
ويحمل مؤتمر الأطراف COP28 أهمية خاصة كونه سيشهد أول تقييم للحصيلة العالمية للتقدم في تحقيق أهداف اتفاق باريس، مما يتيح محطة مهمة وحاسمة لتوحيد الآراء السياسية والاستجابة للتقارير العلمية التي تشير إلى ضرورة خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 للتقدم في تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض فوق عتبة الـ1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050.
ويسهم هذا الإنجاز في إبراز مدى أهمية الدور المحوري للطاقة النووية كحل أمثل وواقعي لمواجهة ظاهرة التغير المناخي.
وتعد دولة الإمارات سباقة في تبني كل ما من شأنه حماية كوكب الأرض من تداعيات تغير المناخ، فهي الدولة الأولى في الشرق الأوسط التي تدعم وتوقع طواعية على اتفاق باريس للمناخ عام 2015
مصادر متنوعة للطاقة
حرصت دولة الإمارات، على اتخاذ سياسة التنوع في مصادر الطاقة، حيث قررت عدم الاعتماد بشكل رئيسي على المصادر التقليدية للطاقة والتي تشمل النفط والغاز، مما يساعد على الحد من الآثار الجانبية على البيئة.
اقتصاد خالٍ من الانبعاثات
يبرز الأثر المهم الآخر للطاقة النووية في دعم تطوير اقتصاد خالٍ من الانبعاثات الكربونية في دولة الإمارات، باعتبار محطات براكة أكبر مصدر للكهرباء الصديقة للبيئة في دولة الإمارات يتيح الحصول على شهادات الطاقة النظيفة وبالتالي تمكين الشركات من أوراق اعتماد الاستدامة والوصول إلى تريليونات الدولارات من التمويلات المتعلقة بالبيئة والمجتمع والحوكمة.
طاقة صديقة للبيئة
عند تشغيلها بالكامل ستوفر محطات براكة الأربع ما يصل إلى ربع احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء، وهو ما يكفي لإنارة أكثر من نصف مليون منزل من دون أية انبعاثات كربونية حيث ستحد المحطات الأربع من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً - السبب الرئيسي للتغير المناخي- وهو ما يعني تجنيب البيئة الانبعاثات من 4.8 مليون سيارة على أساس سنوي مع العلم أن مجمل عدد السيارات في دولة الإمارات يصل إلى نحو 3 ملايين سيارة.
وعليه فإن محطات براكة تقود جهود قطاع الطاقة في دولة الإمارات لخفض بصمته الكربونية كونها المصدر الأكبر للطاقة الخالية من الانبعاثات الكربونية في دولة الإمارات والمنطقة عموماً.
تسريع الحياد المناخي
تحد كل محطة من محطات براكة يتم تشغيلها تجارياً من 5.5 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً، كما تساهم المحطات بنسبة 25% من التزامات الدولة بخفض البصمة الكربونية.
aXA6IDE4LjIyMC4yMDAuMTk3IA== جزيرة ام اند امز