هل تعود ليبيا للازدواجية الحاكمة؟ (تحليل)
مع تزاحم الأحداث على الساحة السياسية الليبية وارتفاع وتيرة الاجتماعات، يعيش الشارع الليبي حالة من الترقب لما سيؤول إليه الحال
مع تزاحم الأحداث على الساحة السياسية الليبية وارتفاع وتيرة الاجتماعات، يعيش الشارع هناك حالة ترقب وانتظار لما سيؤول إليه الحال بعد لقائي "مالطا" و"الصخيرات"، فالأول أفرز لجانًا لحل المشاكل العالقة بين البرلمانيين المتصارعين، وأخبار أخرى عن تشكيل حكومة توافقية، يوم الخميس المقبل، فيما جاء الثاني تحت مظلة أممية أخرجت حكومة وصفت أيضًا بأنها توافقية و على رأسها فايز السرّاج.
أمام هذا المشهد السياسي ثنائي الصورة أصبحت الآراء والتوقعات مختلفة ومتباينة حول أي هاتين الحكومتين ستلقى القبول الشعبي والدعم الدولي، كذلك كيف ستواجه الحكومة التي ستباشر أعمالها كل التحديات التي تنتظرها سواء على الصعيد الأمني أو على المستوى السياسي والأهم من ذلك إنقاذ البلاد من أخطارٍ متوقعة على المستوى الاقتصادي خصوصًا في ظل تذبذب وتدني مستوى إنتاج النفط خلال السنة والنصف الماضية.
المحلل السياسي عصام الزبير وفي حديث له لـ"بوابة العين"، رأى أن الدعم والتأييد الشعبي هو الأساس الذي سيُسهم في نجاح أية حكومة.
وفيما يخص مخرجات لقاء مالطا أو ما عُرف بالحوار الليبي الليبي، اعتبر الزبير أن الحكومة التي ستنبثق عنه ستكون هي الأنجح والأحق؛ كونها أتت كنتاج توافق لطرفين كانا متنازعين وكان كل منهما يمتلك شرعيته، بالتالي طالما حصل الاتفاق فإن ما يصدر عنه هو الحكومة الشرعية، ولكن تحفظه على اتفاق الصخيرات متمثل في أنه يرى بأنه لم يأتِ بتوقيع الأطراف المعنية فعليًّا، حيث إن من وقعوا على الاتفاق تم تقديمهم على أنهم ممثلون لطرفي النزاع فيما هم ليسوا كذلك.
وأردف قائلًا: إن "الأمم المتحدة ومعها الدول العظمى يهمهم فقط القضاء على تنظيم داعش في ليبيا وكذلك الهجرة غير الشرعية والتي تتخذ من ليبيا بوابة لأوروبا، بينما لا يهمهم من يحكم البلد".
وفي سؤال حول ما إذا كانت ليبيا سترى سيناريو الحكومتين يتكرر، أجاب الزبير بأن "هذا أمر وارد جدًّا وسيُعاد نفس الأمر مرة أخرى حتى بين أفراد الشعب؛ فيكون هناك من هو مؤيد للوفاق الليبي الليبي، وآخر مع التوافق الليبي برعاية الأمم المتحدة، وهذا يقود إلى القول إن الأمم المتحدة فعلًا تسعى إلى الحل، ولكنها تقوم به بالطريقة الخاطئة".
من جهة أخرى، ينظر المحلل السياسي صلاح البكوش للأمور من زاوية مغايرة تمامًا، قائلا: إن "هناك ما يكفي من الزخم والدعم الداخلي والإقليمي والخارجي لمخرجات الصخيرات والحكومة المنبثقة عنه وهذا يجعلني أتوقع بأن هذه الحكومة ستمُر وستكون قادرة على ممارسة مهامها".
وأضاف في تصريحات لـ"بوابة العين"، أنه "على هذا الأساس اعتقد أن ما يقوم به عقيلة صالح (رئيس برلمان طبرق) ونوري أبو سهمين (رئيس المؤتمر الوطني العام) لا يعدو عن كونه مناورة سياسية للخروج من المأزق الذي وقعا فيه، وتأكيدًا لذلك أنه لم يعد هناك شركاء للاتفاق بين صالح وأبو سهمين".
وتابع: "أكثر من مائة عضو من مجلس النواب كانوا موجودين في الصخيرات وباركوا هذا الاتفاق ووقعوا عليه ولم يتبقَّ في البرلمان إلا القلة القليلة، وهذا ينسحب أيضًا على وضع نوري أبو سهمين في المؤتمر فلم تبق معه إلا الأقلية، بالتالي وفي تقديري أن المُحاصصة التي حصلت في حكومة السراج كانت غير مرضية لكليهما ما جعلهما يعترضان عليها".
وفي سؤال عما إذا كان الباب ما زال مفتوحًا لخلق نوع من التواصل والتوازن فيما بين مخرجات الصخيرات ومخرجات مالطا أجاب البكوش قائلًا: "أعتقد أن هناك محاولة لتوسيع دائرة التوافيق وليس بالضرورة مع شخصي صالح وأبو سهمين ولكن من خلال احتواء شخصيات أخرى من كلا الجسمين لربما عن طريق بعض الترضيات الوزارية، وهذا بدوره سيسهم بشكل كبير في انسياب الآلية التي ستساعد الحكومة الجديدة من ممارسة مهامها من داخل العاصمة طرابلس".
بالخروج إلى الشارع العام غلب على الآراء طابع الترقب والتمني، حيث تحدث عيسى أحمد عيسى (33 سنة) مدرس من طرابلس لـ"بوابة العين"، قائلًا: إن "حكومة السراج لن تنجح -من وجهة نظري-؛ لأنني أرى أنها مفروضة فرضًا من الخارج ولا يوجد عليها توافق شعبي، وأنا لست مقتنعًا تمامًا بمخرجات كل من المؤتمر والبرلمان فلا يمكنني التكهن بأداء الحكومة التي قد تتشكل الخميس حتى أعرف الأسماء التي على رأسها".
أما فوزي العجيلي (52 سنة) بائع خُضار قال -ويشوب كلامه بعض التذمُّر-، إنه حتى وإن لم يعرف حكومة فايز السرّاج والمنبثقة عن الأمم المتحدة، فإنه معها؛ لأنه يرى أنها ستحقق المنشود من خدمات للمواطن؛ إذ إنه سَئِم من الوضع القائم ويريد للبلد أن يستقر مع أي حكومة تأتي.
فيما كان عبد المجيد عيسى كركام (40 سنة) تاجر من طرابلس، واضحًا وبقوة في رفضه لمخرجات الصخيرات وغير راغب في الحكومة الواردة من هناك ويعتبرها فاشلة؛ "لأنها من الأساس بُدِئ التنسيق لها في العتمة ولم تكن واضحة الملامح منذ بدايتها".
وليد محمد حسن 45 سنة وهو محاسب في شركة، تحدَّث واثقًا بأن الأمم المتحدة ستكون مُوفقة جدًّا وراعية للحكومة المنبثقة عن الصخيرات ما يمنحها شرعية دولية، وهذا سيؤدي إلى المساعدة الدولية في القضاء على الجماعات المسلحة كذلك ستعمل الأُممُ المتحدة والمجتمع الدولي على دعم الحكومة في طرد المجموعات التي تحتل الحقول النفطية، أيضًا يرى أن هذه الحكومة ستكون قادرة على الإفراج على الأموال الليبية المجمدة في البنوك العالمية منذُ 2011.
وسط تلك التوقعات والتحليلات، بات من الصعب -إلى حد ما- الجزم بأن إحدى الحكومتين تحظى بالتأييد الكامل على الأقل على المستوى الشعبي، وما سلف يقود لعدة تساؤلات لعل أبرزها هو عن ماهية الآلية التي ستُتَّبع لتمكين حكومة السرّاج من البدء في ممارسة مهامها من العاصمة طرابلس في ظل وجود جسم قائم بها؟ أم أن خروج حكومة أخرى منبثقة عن المؤتمر والبرلمان سيعود بالليبيين إلى ازدواجية الحكم؟
aXA6IDE4LjE4OC4xMDcuNTcg جزيرة ام اند امز