في غزة.. مكفوفون يتعلمون "الكاراتيه" ويتفوقون على الأصحّاء
يحتاجون إلى دعم أفضل يؤهلهم للمشاركة في مسابقات دولية
لم يسمح هؤلاء الأطفال بأن تمنعهم إعاقتهم عن ممارسة رياضة، قد يهابها الأصحاء، فنجحوا في إنهاء تدريبات الكاراتيه خلال 18 يومًا فقط.
يُنصت الطفل الكفيف مؤمن البيطار لحركة زميله بكل قوة، استعدادًا لصد هجمة مرتدة، خلال تعلمه لـ"الكاراتيه" أحد فنون القتال والدفاع عن النفس باليد، وذلك في إحدى الصالات الرياضية في مدينة غزة.
ويبذل مؤمن قصارى جهده للحصول على تدريباتٍ مكثفةٍ لمدة ساعتين يوميًّا، تؤهله للحصول على الحزام الأصفر، بعد التحاقه بالنادي.
وأصبح هذا الطفل مولعًا بهذه الرياضة، حتى إنها حازت على مساحة غير قليلة من تفكيره بعد عودته إلى البيت قادمًا من التدريب.
ويقول البيطار الذي كان يرتدي البزة البيضاء الخاصة برياضة الكاراتيه لـ"بوابة العين": "أحببت هذه الرياضة منذ دخولي لصالة الرياضة، وبعد عودتي من صالة التدريب، أَعُدّ الثواني والدقائق كيْ تأتي الحافلة الخاصة لنقلنا مرة أخرى إلى مكان التدريب".
أما زميله الطفل محمد مهاني، والذي زادت ثقته بنفسه بعد مشاركته في التدريب، فيقول: "ممارسة القتال جعلتني أشعر بأنني شخص طبيعي، أستطيع أن أرد أي هجمة ضدي عندما أتعرض للإهانة أو حتى الضرب من أي أحد".
ورغم إعاقته البصرية، يُصر محمد على تعلم القتال بقوة من خلال حفظ الاتجاهات ومسك اليد والإنصات إلى حديث المدرب بانتباه.
يوسف الشريف، زميل مؤمن ومحمد يشاركهما حب التدريب، فهو لم يتغيب يومًا واحدًا عن الصالة الرياضية التي يتعلم فيها أقرانه رياضة "الكاراتيه"، كما أفاد لـ"بوابة العين".
ويتمنى يوسف أن يحصل على تدريب مكثف بشكل أكبر ليستطيع أن يقضي يومه كاملًا في تعلم هذه الرياضة، كي يصبح فيما بعد مدرب كاراتيه ويكون نموذجًا مشرفًا لزملائه، حسب قوله.
فكرة تدريب أصحاب الإعاقات البصرية الجزئية والكلية، جاءت إلى المدرب حسن الراعي، عندما شعر بأن هذه الفئة قد تتعرض للإيذاء دون محاولة الدفاع عن أنفسهم، ومن هنا قرر إنشاء فريق خاص بهم لتعلم المهارات القتالية "الكاراتيه".
ويقول الراعي لـ"بوابة العين": "ركزنا في تدريب هؤلاء الأطفال على برنامج الإدراك الحسي الذي يعتمد على السمع بشكل أساسي، فعندما يسجل الطفل في هذا التدريب يتعلم في البداية الاتجاهات الأربعة عن طريق المناداة ليعرف الجهة من مكان الصوت".
الخطوة الثانية التي يتبعها الراعي في تعليم هؤلاء الأطفال هي عن طريق اللمس بمسك اليد، وهي تحتاج إلى جهد بدني كبير لتنظيم أداء اللاعبين، كما يقول.
ويبين أن بعض هؤلاء المكفوفين استطاعوا خلال 18 يومًا من التدريبات لمدة ساعتين في اليوم، إنهاء تدريباتهم بشكل كامل، في حين يستغرق الطفل العادي ضعف المدة كي يتدرب بالكفاءة ذاتها.
ويتابع: "يستطيع هؤلاء الأطفال أن يتفوقوا على أقرانهم الأسوياء من خلال سرعة الاستيعاب ومرونة التحرك، نظرًا لاعتمادهم على السمع فقط، ما يؤدي لتركيز أعلى لديهم، وبالتالي تحقيق نتائج أفضل".
الراعي يتمنى أن يحصل على الدعم اللازم لرعاية هؤلاء الأطفال، كي يستطيعوا المشاركة في مسابقات دولية، وهو على ثقة كاملة بأنهم سيتميزون في أدائهم بشكل كبير.