العراق كان قد طلب رسميًّا عقد دورة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية؛ لبحث التحرُّك العربي تجاه تركيا
ترأس الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، أعمال الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، الذي انطلق اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بحضور الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية.
ويناقش الاجتماع -الذي يعقد بناء على طلب من العراق- التدخل العسكري التركي داخل الأراضي العراقية.
وكان العراق قد طلب رسميًّا عقد دورة غير عادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية؛ لبحث التحرك العربي إزاء دخول قوة عسكرية تركية إلى عمق أراضيه وتحديدًا في محافظة الموصل، وقد أيدت الطلب العراقي عدد من الدول العربية.
وقال الدكتور أنور قرقاش -في كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة الطارئة- إن هذا الاجتماع يأتي بناءً على طلب جمهورية العراق لمناقشة دخول قوة عسكرية تركية إلى عمق الأراضي العراقية وبتأييد من كل من الكويت والأردن وتونس وموريتانيا ومصر ولبنان، كما يناقش طلب دولة الإمارات بإدراج التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية والطلب القطري بإدراج مسألة القطريين المختطفين في الأراضي العراقية.
وأضاف قرقاش أنه لا يخفي علينا الظروف الدقيقة التي تمر بها منطقتنا العربية في هذه اللحظة التاريخية ومدى ما يدور بدولنا من أخطار تهدد عوامل الاستقرار فيها والمتمثلة على وجه الخصوص في محاولات المساس بالسيادة الإقليمية التي كانت ولا تزال أهم ضمانات الأمن القومي العربي بوجه عام .
وتابع: إنه بالإضافة إلى تفشي ظاهرة الإرهاب متمسحًا بالدين الإسلامي الحنيف، نشهد محاولات حثيثة لإثارة الفتن في مكونات المجتمعات العربية بما يمس أمننا القومي في الداخل والخارج وبث الدعايات المغرضة، مشددًا على أن كل ذلك يفرض علينا التمسك بكل ما تفرضه قواعد القانون الدولي وما تضمنته المواثيق الدولية من ضرورة الالتزام من جانب الجميع باحترام السيادة الإقليمية لكل الدول وحظر التدخل في شؤونها الإقليمية.
وقال: "لعلنا كدول عربية ضمن هذه الأسرة الكريمة نحرص ألا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وفي المقابل فإننا نأبى تدخل الآخرين في شؤوننا تحت أية ذريعة كانت وفي أية صورة يأتي عليها هذا التدخل".
وأضاف الوزير: "ونحن إذ نؤكد على ما سبق؛ فذلك لأنه يساورنا قلق عميق من محاولات التدخل في شؤون الدول العربية -كدول وطنية- من جانب بعض القوى الإقليمية، الأمر الذي يجعل من اجتماعنا اليوم لمناقشة التدخل التركي في العراق فرصة سانحة لنطرح على بساط البحث مظاهر التدخل الأخرى سواء من جانب تركيا أو إيران وما يقتضيه ذلك من مناقشة سبل حماية أمننا القومي والسيادة الإقليمية لدولنا -كدول وطنية - ضد مظاهر هذا التدخل وأخطاره.
ولفت إلى أن ما يزيد من قلقنا أن التدخل السافر من جانب تركيا وإيران قد ترك آثاره السيئة على الاستقرار في العديد من الدول العربية باعتباره انتهاكًا لسيادتها وسلامتها الإقليمية على نحو لا يُمكن التغاضي عنه ولا التهاون فيه ولا المساومة عليه.
وقال قرقاش، إنه لا ينبغي على هذه الدول الساعية إلى المساس بأمننا القومي أن تغتر ببعض مظاهر الضعف المؤقت الذي يشهده النظام العربي حاليًّا؛ ذلك أن سيادتنا وأمننا وسلامتها الإقليمية تمثل خطًّا أحمر يستوجب الدفاع عنه بكل ما أوتينا من قوة، ولنا في هذا الصدد ظهير قوي من نصوص ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة اللذيْن يجعلان من احترام السيادة الإقليمية حجر الزاوية في العلاقات السليمة فيما بين الدول، كما يجعل المساس بها صورة من صور العدوان .
وأضاف: "إنه ووعيًّا منا بحقيقة كوننا نعيش في منطقة واحدة؛ فإنه من مصلحة الجميع خلق أرضية مشتركة للتعاون وإرساء الثقة فيما بيننا قوامها الحفاظ على المصالح المشتركة لجميع الدول على أساس الاحترام المتبادل لسيادة دول المنطقة واتباع سياسة حسن الجوار فيما بينها".
وقال: "لعلها فرصة طيبة أن يكون اجتماعنا اليوم على المستوى الوزاري لكي ندعو فيه للحرص على هذه المبادئ، لا سيما أن ما يعاني منه العراق تعاني منه دول عربية أخرى؛ فمبدأ احترام السيادة الإقليمية هو مبدأ عام لا يقبل التجزئة، ومن ثم يجب احترامه من الجميع وعلى الجميع".
وقال الدكتور أنور قرقاش: "نتطلع أن نخرج من هذا الاجتماع عاقدين العزم ومتوافقين على أن تكون علاقاتنا مع جيراننا قائمة على أساس الاحترام المتبادل لسيادتنا الوطنية، مع التعبير على حرصنا الجازم على حمايتها بكل ما أوتينا من عزم وتصميم".
من جانبه أكد الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، أهمية أعمال الدورة الطارئة لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية من أجل مناقشة الطلب العراقي للنظر في توغل القوات التركية في عمق الأراضي العراقية، مشددًا على أن هذا يُشكِّل انتهاكًا واضحًا لقواعد القانون الدولي والسلامة والأمن الإقليميين، ودعا القوات التركية للانسحاب فورًا للحدود الدولية المعترف بها.
وقال العربي -في كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة- إن التأييد العربي السريع والقوي لعقد الاجتماع يعكس حجم التضامن العربي الواضح مع العراق، معربًا عن دعم الجامعة للجهود الدبلوماسية التي تبذلها الحكومة العراقية من أجل إقناع تركيا لسحب قواتها، آملًا أن تستجيب الحكومة التركية لهذه المساعي.
وأكد العربي مساندة الجامعة العربية للحكومة العراقية وما تقوم به لمكافحة الإرهاب، خاصة وأن القوات العراقية تشن حاليًّا حملة عسكرية واسعة ضد تنظيم داعش الإرهابي، وأكد العربي أن الطلب الإماراتي بإدراج التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية يُشكِّل مدخلًا مناسبًا لبحث جميع المسائل المتعلقة بصيانة الأمن القومي العربي.
واستعرض العربي في كلمته تطورات الأوضاع في فلسطين واليمن وليبيا وسوريا.
من جانبه استعرض إبراهيم الجعفري وزير الخارجية العراقي، الجهود الدبلوماسية التي تبذلها بلاده لإقناع تركيا بسحب قواتها من العراق بأسلوب متحضر ودبلوماسي؛ كون العراق يعتمد الآن على قوة الدبلوماسية وليس دبلوماسية القوة .
وشدَّد الجعفري على أن الجانب التركي أصر على استخدام مصطلح إعادة نشر القوات، وهي ما زالت باقية والعراق لن يسمح أبدًا بذلك؛ لأنه يُعد انتهاكًا واضحًا لسيادته .
وطالب الجعفري مجلس الجامعة العربية باتخاذ موقف يرتقي لحجم الانتهاكات التي يتعرض لها العراق، مؤكدًا أن ما يبذله العراق من جهود دبلوماسية ليس من قبيل ضعفه، ولكن من قبيل القوة والحرص على الحفاظ على العلاقات مع جميع الدول.
aXA6IDE4LjIyNi4yMjYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز