النائبة الإيزيدية فيان دخيل لـ"العين": العالم لم يعد يكترث بمصائبنا
حاورت "بوابة العين"، النائبة الإيزيدية فيان دخيل التي بكت في الأمم المتحدة بسبب المآسي التي يتعرض لها العراقيون على أيدي "داعش".
قبل عام ونصف العام، وتحديدًا في أغسطس من العام 2014، كان صوت النائبة العراقية فيان دخيل، يصرخ في مبنى البرلمان العراقي، وهي تبكي "أنقذوا النساء الإيزيديات، سارعوا لنجدة الإيزيديين الذين يتعرضون لإبادة جماعية، من قبل تنظيم داعش"، قبل أن تكرر صرختها في الأمم المتحدة.
حصلت النائبة فيما بعد على جائزة رفيعة في النمسا تمنح للنساء في مناطق النزاع، ثم جائزة رزان زيتونة لـحقوق الإنسان لعام ٢٠١٥ من منظمة التآخي لحقوق الإنسان في دبي، ومؤخرا في برلين لدورها في الدفاع عن حقوق الإنسان، في هذا الحوار مع "العين" نتعرف على أبعاد قضية الإيزيديين من خلال النائبة فيان دخيل، ونعرف منها أين وصلت مساعيها، وعن موقفها من الأزمات السياسية في بغداد، وتجديد ولاية مسعود البارزاني لإقليم كردستان، وأيضا عن حياتها الخاصة، كامرأة تعيش حياة موزعة بين بغداد وكردستان، ورسالتها التي تحملها إلى عالم لم يعد يكترث بمصائب الآخرين.
* بعد مرور أكثر من عام على دموعك؛ ماذا تحقق للإيزيديين ؟ هل تحرك مجلس النواب ؟ هل تحركت الحكومة لنجدتهم؟
* أتصور أصبح الوضع أكثر مأساوية الآن، لأنه بعد مرور عام ونصف لا يزال الإيزيديون يعيشون في مخيمات تفتقر لأمور حياتية كثيرة، في البداية كانت الكثير من المنظمات ترسل مساعدات لكنها الآن أقل مما قدمته العام الماضي مثلا، والحاجة تزداد لمستلزمات الحياة الأساسية، الحكومة أعطت منحة مليون دينار عراقي ( ما يعادل 800 دولار أمريكي) ، الأوضاع في تلك المخيمات مأساوية جدا، الناس هناك يشعرون أنهم مهملون ولا أحد يسأل عنهم، حتى المنظمات الدولية انصرفت عنهم، والعالم مشغول بأمور أخرى، لا تزال قضية المخطوفات قائمة ولم تحل، هناك أكثر من ( 3600 ) إيزيدي من النساء والأطفال مختطفين لدى داعش، البرلمان هو مؤسسة تشريعية، وكل ما استطاع أن يقدمه هو أن يعد ما تعرض له الإيزيديون إبادة جماعية، وهي بادرة جيدة، لكن بنفس الوقت كانت هناك قرارات مجحفة بحق الإيزيديين، منها قانون البطاقة الوطنية التي تجبر الطفل الإيزيدي أو المسيحي أو الصابئي أن يصبح مسلما في حال أسلم أحد والديه، وهذا قرار يتعارض مع حقوق الأقليات.
أما من جانب الحكومة فهناك إخفاق كبير جدا في ما يتعلق بملف الإيزيديين، ووزارة الهجرة والمهجرين لم تتعامل مع القضية بجدية، ولم تقدم شيئا للمخطوفات الإيزيديات.
* قمت بعرض المأساة التي تعرض لها المكون الإيزيدي على يد داعش أمام مجلس الأمن والأمم المتحدة وفي أوربا وأمريكا وأماكن أخرى، كيف وجدت ردود أفعال العالم تجاه القضية؟
* كل الجهات والمنظمات الدولية تعاطفت مع ما حصل من فظائع للإيزيديين، وكانت استجابة تلك الجهات عالية جدا، لكن السؤال، ماذا فعلوا من أجلنا، والجواب، أنهم لم يقدموا شيئا ملموسا، لا الأمم المتحدة ولا المجتمع الدولي ساعد في إطلاق سراح المختطفين لدى داعش.
* حصلت على لقب امرأة العام 2015 من قبل جائزة تكريم للإنجازات العربية في دبي، ما هو أثر ذلك التكريم على دور المرأة العربية في الحروب والنزاعات ؟
* تكريم المرأة شيء وواقعها شيء آخر، التكريم يدفعها لتقديم المزيد من العطاء والتميز، لكن للأسف نحن في مجتمع الشرق الأوسط، لا يعطى دور للمرأة إلا في الاضطهاد، لكن عندما يتعلق الأمر بالحقوق فلا تعطى حقوقها كما ينبغي، والحروب غالبا ما تصب أهوالها على المرأة، سواء أكانت زوجة أو أم أو طفلة.
* أربيل تشهد صراعا سياسيا داخليا من جهة، وصراعا آخر مع المركز من جهة أخرى.. كيف تقيمين المشهد ؟
* نعم هنالك صراع سياسي داخل كردستان، كنا نتمنى أن لا يحدث، وكنا نتمنى أن نتكاتف ونحن نواجه داعش، وأيضا هنالك صراع بين إقليم كردستان وبغداد، بسبب اختلاف الرؤى السياسية، يجب أن لا يكبر ويصبح شرخا كبيرا في العلاقة، الصراع الداخلي هدأ نوعا ما، أما الصراع مع المركز فلا بد أن يهدأ هو الآخر، ويجب أن نوجه جهودنا لمواجهة عدو مشترك واحد هو الإرهاب.
* هل أنت مع تجديد رئاسة الإقليم للسيد مسعود البارزاني ؟
* أنا مع تجديد الولاية للسيد مسعود البارزاني، وأجده الشخص الأنسب لقيادة الإقليم، لأنه في المقدمة في جبهات القتال، وفي المقدمة في المباحثات الدبلوماسية، إنه رمز لكردستان، وهو رجل المرحلة وكل المراحل.
* كيف تقيمين التجربة السياسية في العراق منذ دخولك البرلمان عام 2010 ، هل هناك ضوء في آخر النفق؟
التجربة السياسية في حالة احتضار، وكلما يمر عليها الوقت كلما ذبلت وتصدعت، في عام 2010 كان الوضع أفضل من اليوم، اليوم أصبح الصراع أكبر، صراع الكتل وصراع الأحزاب، سيكون هناك ضوء في آخر النفق عندما نضع مصلحة المواطن قبل كل شيء، ومتى ما تجردنا من الكتلوية والفئوية والحزبية.
* لماذا برأيك لا يتوحد السياسيون إزاء الأهوال التي تحصل للعراق، خاصة التدخلات الخارجية وخرق السيادة؟
* المفروض أن يتوحد السياسيون، لكن لكل سياسي كتلة، ولكل كتلة برنامج، إذا قرأناهم بشكل عام، فالجميع يتفق على حقوق الشعب والدفاع عن الوطن، لكن بين السطور كل حزب يريد أن يكون له دور في الأحداث السياسية، إذا وضعوا ذلك جانبا ففي ذلك الوقت سنتحد ضد أي دولة.
* هل هناك أطراف خارجية تتلاعب بمصير البلد ؟
أعتقد ان هناك دولا إقليمية تتدخل بمصير البلد، الكل يتدخل، التدخل في العراق من كل الاتجاهات شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
* ماذا تحتاج المرأة العراقية لكي تكون امرأة قيادية ؟
* تحتاج المرأة أولا أن تثق بنفسها وبقدراتها، نحتاج أن يغير المجتمع نظرته للمرأة على أنها كائن ضعيف.. التجارب أثبتت أن المرأة العراقية أقوى من الرجل في الكثير من المواقف، في الصبر والتحمل والعطاء، وإذا ما تسلمت موقعا قياديا فإنها تبدع فيه أكثر من الرجل.
* لماذا لم تحصل المرأة في العراق على أدوار سياسية وقيادية مهمة ؟
* لأن الرجل لا يعطي المجال للمرأة لكي تأخذ أدوارا قيادية، الرجال متمسكون بالمناصب ولا يعطون الفرصة للمرأة للنفاذ إلى المواقع المتقدمة، لا يتخيل الرجل أن تكون المرأة أعلى منه إداريا أو سياسيا، لا يزال الرجل الشرقي يرى أن تكون المرأة في بيتها أفضل من أن تعمل، وإن كان لا يعترض على العمل أحيانا، الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي أنتمي إليه منح دورا مهما للمرأة، لكننا لا زلنا نطمح للمزيد.
* هل تمارسين حياتك العائلية بشكل طبيعي، هل لديك وقت للأسرة ولحياتك الخاصة في البيت، أم أن العمل السياسي يأخذ كل وقتك ؟
* أي امرأة عندما تدخل عالم السياسة، فإنها تفقد شيئا من خصوصيتها وحياتها الخاصة، وبعد الأحداث التي حصلت للإيزيديين أصبح تركيزي هو كيف نعيد لهذا الشعب حياته، وخاصة للأقليات، العمل يحتاج إلى جهد وسفر كثير، أسافر كثيرا وأقضي أوقاتا طويلة خارج البلد.
أنا أنتمي لعائلة كبيرة مكونة من تسعة إخوة وأخوات، الكل متعلمون، لدينا في العائلة سبعة أطباء وطبيبات، الوالد كان وزيرا في حكومة إقليم كردستان، وأنا أحمل ماجستير في علم المناعة والتحليلات المرضية.
حياتي مقسمة بين بغداد وأربيل، في بغداد أحضر جلسات مجلس النواب، وأخصص وقتا للإعلام وللمقابلات الشخصية.. وعندما أكون في أربيل أحب تناول الفطور مع العائلة، ثم أستقبل ضيوفي، وأخصص يومين لزيارة النازحين في المخيمات وأستمع إلى مشاكلهم، والوقت المتبقي أقوم فيه بزيارة القنصليات والبعثات الدبلوماسية في كردستان من أجل الحصول على دعم أكبر لقضيتي، التي هي تحرير المختطفات الإيزيديات وعودة النازحين إلى بيوتهم والحصول على حقوقهم في العيش الكريم.
aXA6IDMuMTM4LjEyNC4yOCA= جزيرة ام اند امز