ليستر المرعب.. فريق من القرن الـ 19
ليستر ليس سوى فريق إنجليزي عادي جدا طريقة لعبه تنتمي للقرن التاسع عشر، وهي طريقة "kick and rush".
فريق ليستر سيتي الإنجليزي الذي كان مغمورا حتى الموسم الحالي، يمثل حالة كروية متفردة في إنجلترا وربما في دول أخرى عديدة، فمغامرته في مزاحمة كبار الدوري الإنجليزي وتصدر ترتيب المسابقة، أمر نادر التكرار سواء في الدوري الإنجليزي أو في غيره.
سبقه ريال سوسيداد في الدوري الإسباني موسم 2002/2003 حينما انتفض من المركز الـ13 الذي احتله في موسم 2001/2002 لينافس ريال مدريد على لقب الليجا حتى الجولات الأخيرة، وعملها فريق الفتح السعودي الذي أكمل مغامرته حتى الفوز بالدوري السعودي.
لكن للأمانة فإن نتائج فريق ليستر سيتي لا تعكس جودة مستواه بقدر ما تعكس أمرين ربما أكثر بروزا؛ أولهما تذبذب مستوى الكبار بداية من أرسنال ومانشستر سيتي واليونايتد وتشيلسي، والثاني التألق غير العادي للثنائي فاردي ومحرز.
ما دون ذلك فإن ليستر ليس سوى فريق إنجليزي عادي جدا، لا أبالغ إذا قلت إن طريقة لعبه تنتمي للقرن التاسع عشر حينما بدأت الفرق الإنجليزية في الظهور، واخترعت وقتها طريقتها الشهيرة اضرب الكرة واجرِ أو "kick and rush".
فخلال مباراته أمام ليفربول –ومثلها مباريات كثيرة سابقة- لم يحدث أن قام فريق المدرب الإيطالي رانييري ببناء هجمة من الخلف أو عبر تمرير الكرة على الأرض ثم الانطلاق في المساحات خلف ظهيري الجنب مثلا، وإنما اعتمد الفريق بشكل كلي على ضرب الكرة طوليا من حارس المرمى أو المدافعين عند منطقة مرماهم إلى منطقة مرمى الفريق المنافس، والاعتماد على حل من اثنين؛ أولهما قدرات المهاجم القوي فاردي في الاستحواذ على الكرة، والثاني أن ترتد من الصراع الهوائي لتصل إلى أحد لاعبي الوسط ليقوم بتسديدها على المرمى أو يعيد ركلها داخل المنطقة مجددا.
لهذا لم يكن مفاجئا لي معرفة أن ليستر ثالث أقل فرق الدوري الإنجليزي امتلاكا للكرة هذا الموسم، كما أنه صاحب أقل نسبة نجاح في التمريرات المكتملة بسبب طريقته القديمة في بناء الهجمات.
لكن نجاح "الذئاب" وهو لقب الفريق هذا الموسم له سر، يكمن بحسب تقديري في اعتماده على أسلوب قديم، ما مثّل مفاجأة لعديد من الفرق المنافسة، والثاني هو إجادة لاعبيه المذهلة لهذا الأسلوب ما ضمن لهم تحقيق أقصى استفادة منه.
فضرب الكرة بشكل مباشر للأمام، يضمن لهم تنفيذ الهجمات المرتدة بأسرع وقت ممكن مع الاعتماد على المهارات الاستثنائية لكلا من رياض محرز وجيمي فاردي، اللذين سجلا 28 هدفا (15 لفاردي و13 لمحرز) من أصل 37 سجلها الفريق بالكامل.
كذلك اعتمد رانييري -وهو بالمناسبة مدرب عدو للبطولات، حيث لم يتوج بأي بطولة دوري مع أي فريق تولاه طوال تاريخه- على طريقة جيدة لتقليص الخطر على دفاعه المتواضع، عبر اعتماد طريقة الدفاع الضاغط من ثلث ملعب الفريق المنافس، مع استخلاص الكرة في نصف الملعب، وهو ناجح حتى الآن في هذا الأمر حيث تضعه إحصاءات الدوري الإنجليزي كثالث أكثر الفرق استخلاصا للكرة في الموسم الحالي، بفضل لاعب الوسط الأسمر نجولو كانتي الذي انتدبه رانييري في بداية الموسم من فريق كان الفرنسي.
السؤال الذي قد يبقى مطروحا لفترة هو عن مدى قدرة الذئاب على الاستمرار في مغامرتهم حتى الفوز باللقب مثلا، ورغم أن الإجابة مبكرة لكنني شخصيا لا أؤمن بقدرة ليستر على الذهاب بعيدا بالنظر لمقوماته الفنية المتواضعة، بل إنني أكاد أجزم بأنه لن يكون حتى ضمن الأربعة الكبار في البريميير ليج في نهاية الموسم.
aXA6IDMuMTQ1LjcuMTg3IA== جزيرة ام اند امز