2015 .. عام التشريعات الاقتصادية الأبرز في مصر
شهدت مصر حراكًا قويًّا في إصدار التشريعات الاقتصادية خلال العام 2015، سعيًا لتحسين المناخ الاستثماري
شهدت مصر حراكًا قويًّا في إصدار التشريعات الاقتصادية خلال العام 2015، سعيًا لتحسين المناخ الاستثماري وتذليل العقبات أمام جذب الاستثمارات لتمكين البلاد من الخروج من دائرة الاختناق الاقتصادي التي أحاطت بها منذ 4 سنوات.
قانون الاستثمار يتصدر حزمة التشريعات
وتصدرت تعديلات قانون الاستثمار المشهد على الساحة الاقتصادية التي جاءت بعد مُطالبات مجتمع الأعمال سنوات عدة.
وبحسب وزارة الاستثمار المصرية وضعت التعديلات إطارًا لحزمة حوافز متنوعة للمستثمرين، بدأت من تشريع نصوص جديدة لتفعيل الشباك الواحد لمنح التراخيص، عبر إلزام الهيئات والجهات الحكومية المختصة بتخصيص مكاتب لها داخل مقر الهيئة العامة للاستثمار وفروعها، ومنح الترخيص النهائى للمشروع خلال مدة أقصاها 15 يومًا.
وفى حال تجاوز هذه المدة يتم تحويل المشروع إلى لجنة تسوية منازعات الاستثمار التى عليها إصدار قرار نهائى فى غضون 60 يومًا، فضلاً عن وضع حد أقصى 120 يومًا للعمل أمام الجهات المعنية بإصدار بيان مالي يتضمن الالتزامات على «الشركات محل التصفية» بهدف تسريع وتيرة التصفية منعًا لنزيف الخسائر.
واهتمت التعديلات بالبعد التنموي بمنح استثناءات فى تكلفة تخصيص الأراضى والتأمينات، فضلاً عن المساهمة فى برامج تأهيل العمالة بمشروعات الطاقة والخدمات اللوجيستية، والمشروعات الصغيرة وغيرها من المشروعات المقامة فى المناطق النائية.
ومن أبرز التعديلات النص على عدم معاقبة الشخص الطبيعى على الجرائم المرتبكة باسم الشخصية الاعتبارية، إلا فى حالة إثبات علمه بالجريمة وارتكابها بإرادته تحقيقًا لمصلحة شخصية أو للغير.
وقال شريف عبدالعال مدير الترويج وتغطية الاكتتابات ببنك الاستثمار فاروس لـ "العين"، إن التعديلات بالفعل استهدفت خلق مرونة أكبر في تسوية النزاعات ومنح تراخيص المشروعات، ولكن نحتاج إلى المزيد من الجهودة لترجمة هذه التعديلات إلى واقع حقيقي بتفعيل نظام الشُباك الواحد.
وأضاف أن هذه التعديلات تتزامن مع تحسن المناخ الاستثماري في مصر بوتيرة معقولة خاصةً بعد التغلب على الاضطرابات الأمنية التي كانت تشكل العائق الحقيقي أمام جذب الاستثمارات على مدار 3 سنوات.
ورغم مرور 9 أشهر على التعديلات، إلا أن هناك نقاطًا ما زالت محل خلاف بين وزارتي المالية والاستثمار حول اقرار التعديلات إعادة الاستثمار وفقًا لمناطق التجارة الحرة، حيث اعتبرتها وزارة المالية ثغرة للتهرب الجمركي في ظل إعفاء صادرات وواردات المشروع من الضرائب والرسوم الجمركية.
وفي المقابل أوضحت وزارة الاستثمار أن خريطة الاقتصاد المصري تؤكد أهمية التوسع في تأسيس الشركات بنظام المناطق الحرية، غير أن الخلاف ما زال قائمًا بين وزارتي المالية والاستثمار حتى الان.
وفي تصريحات صحفية مؤخرًا، قال رئيس هيئة الاستثمار علاء عُمر، إننا أوضحنا للمجموعة الاقتصادية أن مشروعات المناطق الحرة تساهم بنسبة 25% من حجم الصادرات المصرية، ويقّر القانون فرض 1% رسوم تخزين على البضائع غير محددة الوجهة لمواجهة التهريب، بالتزامن مع إعفاء بضائع الترانزيت محددة الوجهة من الرسوم تفاديًا لإلحاق الضرر بتجارة الترنزيت.
تعديلات قانون المناطق الاقتصادية الخاصة
مع إطلاق مصر مشروع تنمية منطقة قناة السويس، اعتمد رئيس الجمهورية تعديلات على قانون المناطق الاقتصادية الخاصة، أبرزها إنشاء هيئة لكل منطقة اقتصادية بقرار من مجلس الوزراء وتحديد إلية تشكيل الهيئة التي تضم 9 أعضاء، أربعة منهم يمثلون الوزرات والمحافظات ذات الصلة.
ومن أبرز التعديلات السماح بإنشاء دائرة جمركية خاصة لكل منطقة بقرار من وزير المالية، فضلاً عن تخصيص أراضي المشروعات بنظام حق الانتفاع بمقابل رمزى أو تأجيل سداد كل المقابل أو بعضه، أو غير ذلك من التيسيرات ذات الصلة إلى ما بعد التشغيل الفعلي للمشروع.
ولاقى بند حق الانتفاع اعتراض شريحة من مجتمع الأعمال بدعوى صعوبة الحصول على تمويل مصرفي لهذه النوعية من المشروعات، فضلاً عن أنها لا تُلائم المشروعات التي تعتمد على ضخ استثمارات في البنية التحتية والمنشآت مثل الفنادق.
نزاع ضريبي يُحسم لصالح المستثمرين
لم تشهد مصر خلافًا ضريبيًا منذ عدة سنوات كالذي نشأ خلال هذا العام بعد أن أصدرت وزارة المالية في 2014 تعديلات على ضرائب الدخل تتيح فرض ضرائب 10% على الأرباح الرأسمالية الناتجة عن عمليات بيع وشراء الأوراق المالية بالبورصة وضريبة مماثلة على توزيعات أرباح الشركات.
وعند تطبيق الضريبة أبدى المستثمرين اعتراضًا كبيرًا، انحاز له البورصة المصرية خاصة بعد ضرب سوق المال هبوطًا عنيفًا.
وعلى إثر ذلك أصدر رئيس الجمهورية في أغسطس الماضي قرارًا يقضي بتأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة عامين وتفعيل ضريبة توزيعات الأرباح.
كما أصدرت وزارة المالية تعديلات أخرى هذا العام على ضريبة الدخل، تنص على توحيد ضريبة الدخل على الأفراد والشركات لتكون 22.5% بدلاً من 25% لمدة 10 سنوات بما فيها المناطق الاقتصادية الخاصة الجديدة التي كان من المفترض أن تخضع أرباح الشركات العاملة بها لضريبة نسبتها 10% فقط.
الخدمة المدنية الأكثر جدلاً في مصر
مظاهرات واعتراضات واجهت قانون الخدمة المدنية الذي اعتمده رئيس الجمهورية في مارس الماضي، والمُعد من قبل وزارة التخطيط بهدف وضع لخطة الإصلاح الإداري لوضع حد للفساد والمشاكل الإدارية لأكبر جهاز إداري في الوطن العربي يضم 7 ملايين موظف، فضلاً من تضخم الرواتب بقوة خلال السنوات الأربعة الماضية.
ومن أبرز النقاط محل الاعتراض هو إعطاء سلطات واسعة للمدير المباشر، حيث تتم الترقية وتحديد العلاوات والحوافز بناء على تقرير من الرئيس المباشر، فضلاً عن حدوث تغيُر بطريقة حساب الحوافز والجهود غير العادية.
قانون الضمانات المنقولة
كما حظي المستثمرون وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة بنصيب من حزمة التشريعات التي تستهدف تسهيل سبل الحصول على تمويل المشروعات، وذلك باعتماد رئيس الجمهورية قانون الضمانات المنقولة الذي أعدته الرقابة المالية بهدف تنظيم الضمانات المُقدمة للحصول على تسهيل ائتماني أوتمويل أو مُقابل دين.
وتشمل هذه الضمانات عدة أدوات مملوكة للطرف المدين مثل الديون المُستحقة له، أو السندات أو الودائع أو المعدات أو المحاصيل الزراعية والعقارات والمعادن وحقوق الابتكار في براءات الاختراع والعلامات التجارية.
وقال شريف سامي رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية لـ"العين"، إن تنظيم الضمانات المنقولة وإصدار سجل إلكتروني لها خطوة مهمة للغاية لضمان حقوق الدائنين، وفي المقابل تسهيل حصول الأفراد والشركات، وتحديدًا الصغيرة والمتوسطة على التمويل سواء كان مصرفيًّا أو عبر التأجير التمويلي.