وفاة عالم الاجتماع والأنثروبولوجيا المصري محمد حافظ دياب عن 77 عامًا
أبت 2015 أن ترحل إلا وهي تحصد معها مزيدًا من الغيابات لعقول مصرية وعربية وفذة
أبت 2015 أن ترحل إلا وهي تحصد معها مزيدًا من الغيابات لعقول مصرية وعربية وفذة؛ إذ توفي في ساعة متأخرة من مساء أمس (الأحد) شيخ علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا المعاصرين الدكتور محمد حافظ دياب عن عمر ناهز السابعة والسبعين، الدكتور محمد حافظ دياب، من مواليد العام 1938، وهو أستاذ علم الاجتماع وعلم اجتماع الأدب وشيخ الدراسات الأنثروبولوجية في الجامعات المصرية والعربية، والمتخصص في تحليل الخطاب المعاصر، قدم للمكتبة العربية العشرات من الدراسات والمؤلفات التي تغطي مساحات عريضة من التحليل الاجتماعي والثقافي لظواهر عديدة في المجتمع المصري والعربي المعاصر، من أهمها قراءاته للخطاب الإسلامي في عدد من وجوهه ومظاهره، منها دراسته القيّمة «الإسلاميون المستقلون.. الهوية والسؤال»، وكتابه المرجعي «سيد قطب.. الخطاب والأيديولوجيا» الذي قام فيه بمساءلة الخطاب «القطبي»، والكشف عن آلياته ومرجعياته الفكرية، وقدم تحليلًا وافيًا لأهم أفكاره الأصولية وردها إلى مصادرها العميقة في تكوينه وثقافته.. وأخيرًا كتابه المهم «نقد الخطاب السلفي» الذي عكف على إعداده وتأليفه لسنوات عديدة، وقدم فيه قراءة مستفيضة عن الخطاب السلفي منذ ظهور الإمام أحمد بن حنبل وحتى حزب النور السلفي الذي ظهر بعد ثورة 25 يناير..
الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة نعى على صفحته الشخصية على "فيسبوك" العالم الكبير، وقال "ببالغ الحزن والأسى ننعي باسم علماء الاجتماع في مصر والعالم العربي علمًا من أعلام علم الاجتماع في الوطن العربي هو الأستاذ الدكتور محمد حافظ دياب الذي صال وجال وفكر وقدر، وترك ميراثًا سوسيولوجيا عظيمًا وعددًا من التلاميذ النجباء". وتابع الدكتور زايد "كان رحمه الله قد أوصاني قبل أسبوع أن أهدى مكتبته الكبيرة إلى إحدى الجامعات، وقالت لي ابنته: إنها سوف تطلب منه أن تحتفظ بها، رحم الله أستاذنا رحمة واسعة".
من أبرز كتبه أيضا «الخلدونية والتلقي»، وكتابه المهم «انتفاضات أم ثورات في تاريخ مصر الحديث» الصادر عن دار الشروق، ضمن (سلسلة التاريخ: الجانب الآخر ــ إعادة قراءة للتاريخ المصري)، الذي تواكب صدوره مع ثورة 25 يناير 2011، ليستعرض من خلاله فصول العمل الوطني المصري بدءًا من المقاومة الشعبية المجيدة للحملة الفرنسية على مصر 1798 مرورًا بالتصدي لحملة فريزر أيام محمد علي باشا، والثورة العرابية 1881، فثورة 1919 أول ثورة وطنية تنفجر بعد الحرب العالمية الأولى، وأول حدث جمع المصريين على اختلاف عقائدهم ومذاهبهم وأجيالهم، ثم انتفاضات الطلبة والعمال في 1946 إلى يوليو 1952 حيث كانت «الثورة المجهضة»، على حد وصفه وحتى «هبّة الجياع» عام 1977... هذا فضلًا عن عشرات الدراسات والمقالات التي نشرها في العديد من الدوريات المصرية والعربية خلال مشواره العلمي والبحثي الزاخر.
محمد حافظ دياب من مواليد قرية منية سمنود بمحافظة الدقهلية في (3 يناير 1938)، وهو أستاذ الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع غير المتفرغ بكلية الآداب جامعة بنها، حصل علي درجة الدكتوراه في الاجتماع من جامعة القاهرة عام 1980 عن "حياة المهاجرين الجزائريين في مدينة مرسيليا الفرنسية". عمل بالعديد من الجامعات العربية، بجامعة عنابة (الجزائر) وجامعة الرياض (السعودية) وجامعة ناصر (ليبيا).
أشرف الراحل على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في الأنثروبولوجيا والفولكلور وعلم اجتماع الأدب، وهو عضو الجمعية الدولية لعلم الاجتماع، وعضو مؤسس للجمعية العربية لعلم الاجتماع، وعضو لجنة الدراسات الاجتماعية بالمجلس الأعلى للثقافة، وعضو مجلس بحوث العلوم الاجتماعية والسكان بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا 2002-2003، وعضو اللجنة العلمية الدائمة للترقية بأكاديمية الفنون، تدرس بعض أعماله في جامعات تونس والجزائر والمغرب وبنسلفانيا كمادة دراسية في علم اجتماع المعرفة والدين والثقافة.