محمد بن زايد ورسم الدبلوماسية الخارجية لدولة الإمارات
محطات خارجية لرؤية إماراتية في العام 2015
الزيارات الخارجية لولي عهد أبوظبي تعكس الموقف الإماراتي ورؤيتها لمجمل القضايا ذات الصلة بالدولة ومواقفها الإقليمية والدولية
تميّزت الدبلوماسية الإماراتية منذ نشأتها بالاتزان والمسؤولية كما ضبطها وخطط لها مؤسسو الاتحاد، وعلى رأسهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان –طيب الله ثراه- أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، الذي عزز مبدأ بلاده باحترام السيادة الوطنية لجميع الدول، وموقف الإمارات الثابت من احترام السيادة الدولية ومقررات ومواثيق الأمم المتحدة التي نصت عليها.
وفي ذات السياق كان للإمارات موقفها الثابت من تمسكها بحقوقها ومواقفها الخاصة، التي تمثل توجهها ورؤيتها للحفاظ على مصالحها وموقفها من القضايا الوطنية والإقليمية والعربية والعالمية وفق دورها السيادي.
ومن هذه الرؤية تعمّقت الممارسة لدى الجيل الثاني من القادة في الإمارات، في تعزيز مفهوم الدبلوماسية الإماراتية ذات الخصوصية والعمق التاريخي، والتي تجسّدت في مواقفها الصارمة من كافة القضايا التي تهم الشأن الدولي والمحلي العربي والإسلامي.
وفي هذا السياق تعكس الزيارات الخارجية حول العالم للشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الموقف الإماراتي ورؤيته لمجمل القضايا ذات الصلة بالبلد ومواقفه الإقليمية والدولية، من خلال رصد للزيارات الخارجية التي قام بها الشيخ محمد بن زايد والتي بدأها عربيا بالجارة المملكة العربية السعودية، إحدى أهم دول الخليج والفاعلين في مجلس التعاون، حيث زار ولي عهد أبوظبي السعودية عدة مرات واعتبرت الوجهة الأكثر زيارة، وحملت التصريحات التي تبعت هذه الزيارات بُعدا محليا وإقليميا ودوليا، مما يؤكد حرص الإمارات على المشاركة الفاعلة في الشأن العربي والعالمي وتناول مختلف المواضيع ذات الصلة .
وفي استعراض سريع للوجهات التي شهدت زيارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال العالم 2015، نقدم هذا التقرير الملخص للوجهات والمباحثات التي أجراها ولي عهد أبوظبي في هذا العام.
جولات السعودية
استهل الشيخ محمد بن زايد العام 2015 في أول جولاته العربية، زيارة للمملكة العربية السعودية في السادس عشر من فبراير، مصحوبا بوفد رفيع، حيث كان في استقباله العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وتناولت الزيارة الشأن العربي وتداعياته آنذاك، وتطورات الأوضاع الراهنة في المنطقة، وفي مقدمتها التطورات في اليمن وسوريا والعراق وليبيا، وأهمية تنسيق ودعم الجهود الإقليمية والدولية، وتفعيل العمل المشترك لمواجهة مختلف التحديات، وأولها مخاطر العنف والتطرف وأعمال التنظيمات الإرهابية المقوضة لدعائم الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وأهمية مواجهتها.
وكانت الزيارة التالية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان في الحادي والعشرين من مارس الماضي، والتي فُهم منها كما تظهر طبيعة الوفود المشاركة، أنها ذات طابع خليجي لمناقشة الملفات الخاصة بالشأن الداخلي لدول التعاون، وتطورات الوضع الدولي والانعكاسات الجانبية على كافة الأصعدة، وسعي دول الخليج العربي لمواجهة أهم الملفات الأمنية من أخطرها الإرهاب الذي يجتاح العالم.
وشهد شهر إبريل زيارتين دعيتا بالقصيرتين، الأولى في الثاني عشر من إبريل وكانت للرياض، وفي السادس والعشرين من إبريل للطائف، وكانت مجمل عناوينها في الصحافة المحلية والدولية، مناقشة الوضع المحلي والدولي وأكثر الملفات سخونة في العالم العربي.
مصر والمغرب
أما مصر الخارجة من حراك شعبي لثورة "30 يونيو"، فقد شكلت اهتماما في الدبلوماسية الإماراتية، حيث شهدت زيارتين بين شهري مارس ويونيو في 11 و9 على التوالي، عكست اهتمام الإمارات بالشأن المصري والتنسيق المشترك في أهم القضايا ذات الصلة، وما أبرزه المحللون من الاهتمام الإماراتي بالشأن المصري ودعم جهود الاستقرار الاقتصادي والسياسي فيها.
وشهدت المملكة المغربية زيارة واحد كانت في 16 مارس 2015 وشهدت الزيارة تدشينات لمشاريع إماراتية في المغرب، كما تناول الجانبان القضايا ذات الاهتمام المشترك، وشهدت توقيع مراسيم واتفاقيات تعاون بين البلدين، وتناولت الصحف المغربية في مجملها اهتماما كبيرا بالزيارة والمشاريع المنفذة من طرف الإمارات.
أمريكا وروسيا
ومن جانب آخر فقد شهد العام 2015 زيارتين رسميتين للولايات المتحدة الأمريكية الشريك الاستراتيجي للإمارات، في 20 إبريل و13 مايو2015، فيما عرف بقمة كامب ديفيد ويجمع المراقبون على أهمية زيارة إبريل بالنسبة للجانبين، حيث سبقت بأيام قليلة القمة المرتقبة في كامب ديفيد وشهدت الزيارتان لقاءات متعددة مع عدد من كبار الأعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب في الولايات المتحدة على هامش زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وكان للشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية زيارتان للاتحاد الروسي، في 24 أغسطس و11 أكتوبر، وشكل هدف الزيارتين على التوالي حضور افتتاح فعاليات معرض ماكس الدولي للطيران والفضاء 2015 وفعاليات سباق الفورميلا 1 في مدينة سوتشي الروسية، كما شكلت الزيارة حسب وسائل الإعلام تناول وجهات النظر حول أهم القضايا الثنائية والعالمية.
الجولات الأوروبية
أما فرنسا فقد تميزت بكونها المحطة الأولى لمسار الزيارات الخارجية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، والذي وصل في زيارة لباريس في 10 من فبراير وصفت بالرسمية، والتقى خلالها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وتأتي الزيارة في ظل حضور فرنسي في المجال الاقتصادي والتنموي مع الإمارات يوصف بأنه من الأقوى خليجيا وعربيا.
وزار ولي عهد أبوظبي كلا من بريطانيا وإيطاليا في زيارتين رسميتين في 2 يوليو و6 أكتوبر على التوالي تمحورت حسب المراقبين حول فتح آفاق أوسع للتعاون والتنسيق في المجالات التي تهم البلدين مع الإمارات، وأهمية إقامة شراكات متنوعة بين المؤسسات والهيئات الاقتصادية والاستثمارية في كل من البلدان الثلاثة.
المحطة الصينية
وفي آخر أشهر العام 2015، كانت أهم محطات الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، وأكبرها في جمهورية الصين الشعبية، التي أدى لها زيارة في 13 ديسمبر واستغرقت ثلاثة أيام، واعتبرت زيارة استراتيجية وذات أهمية بالغة، حيث شهدت العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتنموية وتميزت بفعاليات متعددة، في مجال التعليم والتبادل العلمي ومقاييس الجودة والاتفاقيات الاقتصادية في مجال الموانئ والنقل والبترول وتميزت بإطلاق صندوق الاستثمــار الاستراتيجي المشترك برأس مال قدره عشرة مليارات دولار، وأجمع المراقبون على أنها كانت منعطفا في التعاون في الإماراتي الصيني.
نقلة استراتيجية
وفي نظرة عامة ومن خلال ما تقدم في التقرير لأبرز زيارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فإن هذه الزيارات شهدت الكثير من المباحثات التي نتج عنها عدد من الاتفاقيات والمعاهدات على مختلف الأصعدة، والتي تمثل بحسب المراقبين، نقلة استراتيجية للسياسة الخارجية لدولة الإمارات، والتي برزت بقوة على الساحتين الدولية والإقليمية بدورها الفاعل والمتمكن.
وكان للسياسة الخارجية الإماراتية أثرها الكبير في كثير من المحافل الدولية، من حيث مشاركاتها الدبلوماسية والعسكرية والمالية بكل قوة، في إعادة رسم السياسة الدولية، من خلال دورها في مكافحة الإرهاب والتصدي لأشكال التخريب والتطرف في العالم.
تنويع الشراكات
ويرى سياسيون أن الدور الذي اضطلعت به دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2015، هو دور محوري، استطاعت من خلاله بناء قاعدة جديدة للسياسة العالمية، بعيدا عن سياسة القطب الواحد، من خلال تنويع شراكاتها الاستراتيجية من التنين الصيني شرقا، حتى روسيا شمالا.
وشهدت الدبلوماسية الإماراتية – العربية، والإماراتية - الإسلامية على حد سواء، مشاركة محورية للإمارات، ابتداء من الدعم اللا محدود الذي قدمته لمصر في حربها على الإرهاب والتطرف داخليا، مرورا بالتحالف العالمي للحرب على الإرهاب ومواجهة التمدد الخطير لداعش في سوريا والعراق، وليس انتهاء في دورها الكبير في محاربة التمرد الحوثي في اليمن، ضمن قوات التحالف العربي لدعم الشرعية.
aXA6IDE4LjE5MS4xODkuMTI0IA==
جزيرة ام اند امز