40 عاما من العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وبكين.. ما سر الخلاف الدائم؟
تدخل الولايات المتحدة والصين العام الـ40 من التعاون الاقتصادي، في ظل مساعٍ لزيادة مساحات التفاهم وتجاوز الخلافات.
وفي 30 أبريل/نيسان 1984، تم توقيع أول اتفاق للتعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين، في ظل صعود الصين كقوة اقتصادية، إلا أن العلاقات بين البلدين غلب عليها نوع من التنافس التعاوني، على حد وصف عالم السياسة الدولية في جامعة هارفارد، جوزيف ناي، باعتبار أن علاقتهما تجمع بين حقيقة التنافس من حيث التكييف الاستراتيجي، والواقع الذي يغلب عليه الكثير من التعاون الذي تصاعد خلال العقود الأخيرة.
وتعتبر أمريكا منافسها الرئيسي هو الصين، حيث تسعى الأولى للحفاظ على النظام الدولي القائم، الذي يضعها كقوة مهيمنة على قمته، فيما تنظر الصين إلى الولايات المتحدة بمثابة التهديد الخارجي الرئيسي السياسي والاقتصادي والأمني، وتحاول بكين ترجمة مكامن القوة الاقتصادية إلى مكانة مؤثرة في تفاعلات النظام الذي يبدو أنه لا يزال قيد التشكيل، ومع ذلك، فكلا الجانبين لا يرغب في قطع أو تحجيم علاقاتهما الاقتصادية، فالعواقب ستكون كارثية على العالم.
وخلال السنوات الأخيرة شهدت العلاقات بين البلدين حالة من التدهور، ما دفع وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، ومن قبلها وزير الخارجية أنتوني بلينكن، إلى زيارة بكين رغبة من الطرفين في وقف تدهور علاقاتهما الاستراتيجية، السياسية والاقتصادية والمالية، شديدة التعقيد.
وقالت يلين إن زيارتها وضعت أساسا عمليا للتغلب على القضايا الخلافية بين الجانبين، إلا أن طبيعة هذه الخلافات تجعل من الصعب التغلب عليها خلال زيارة واحدة، ولم يتم التوصل إلى نقطة فاصلة للخلافات الاقتصادية بين بكين وواشنطن رغم الحديث عن قلق ومخاوف كل منهما من سياسات ومواقف الطرف الآخر.
وأضافت وزيرة الخزانة الأمريكية، أن فصل أكبر اقتصادين في العالم (يمثلان 40% نحو الناتج العالمي) يمكن أن يزعزع استقرار الاقتصاد العالمي، ومن المستحيل عمليا القيام به.
العلاقات الاقتصادية بين البلدين
تعد الولايات المتحدة والصين قطبي الاقتصاد العالمي، فأمريكا تحتل المركز الأول عالميا، وبلغ ناتجها المحلي نحو 26.9 تريليون دولار عام 2023، بينما تحتل بكين المركز الثاني بإجمالي 17.7 تريليون دولار.
ويقدر التبادل التجاري بين البلدين بقيمة 327.264 مليار دولار خلال النصف الأول من 2023، وفقًا لبيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية، حيث حافظت الولايات الأمريكية بجانب الاتحاد الأوروبي وآسيان، على مركزها في قائمة أول ثلاثة شركاء تجاريين لبكين.
وأظهرت الجمارك الصينية، أن صادرات بكين إلى الولايات المتحدة تقدر بـ239.35 مليار دولار، فيما بلغت صادرات الولايات المتحدة إلى الصين 87.913 مليار دولار.
وقال الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إن بلاده سعيدة برؤية الولايات المتحدة واثقة ومنفتحة ومزدهرة وناجحة، متطلعًا إلى أن تنظر واشنطن أيضًا إلى تنمية الصين بطريقة جيدة.
وأضاف خلال لقائه وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن البلدين يجب أن يكونا شريكين وليسا متنافسين، وأن يساعد بعضهما الآخر في تحقيق النجاح، والسعي إلى أرضية مشتركة وتنحية الخلافات بدلًا من الانخراط في منافسة شرسة، وترجمة الأقوال إلى أفعال بدلًا من قول شيء والقيام بعكسه.
ما يزعج الجانب الأمريكي
انزعجت الولايات المتحدة من عملية الإغلاق الصارمة في الصين بسبب أزمة كورونا، ما أدى إلى ارتباك سلاسل التوريد التي تعتمد عليها أمريكا بشكل كبير، بجانب تبني الحكومة الصينية قانونًا لمكافحة التجسس يعامل أبحاث السوق الروتينية على أنها تجسس، في إطار تضييقها على الشركات الأجنبية.
كما انزعجت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من وضع الصين قيوداً على صادرات الغاليوم والجرمانيوم، وهما معدنان يدخلان في إنتاج أشباه الموصلات.
ما يزعج الجانب الصيني
وفي 20 أبريل/نيسان 2024، وافق مجلس النواب الأمريكي على حزمة تشريعية بقيمة 95 مليار دولار تقدم مساعدات أمنية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان، ما يزيد من خطر حدوث نزاع في مضيق تايوان، التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها.
وتشتكي الصين من اقتراب البيت الأبيض من وضع اللمسات الأخيرة على لوائح لحظر الاستثمار الأمريكي في قطاعات التكنولوجيا الصينية ذات التطبيقات العسكرية، فضلًا عن حظر تصدير الرقائق الإلكترونية الأكثر تقدما إلى الصين، واستمرار تبني نهج ترامب فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية على الصادرات الصينية.
كما تبنى البيت الأبيض تشريعات، مثل قانون (CHIPS and Science) وقانون خفض التضخم، الذي يقدم إعانات مربحة للشركات التي تبنى في الولايات المتحدة، ما يحرم الشركات الصينية من تلك المزايا، وحتى منع الشركات التي تأخذ الإعانات من الاستثمار في الصين، كما أنه لم يتم التراجع عن قيود استبعاد عملاق التكنولوجيا الصينية "شركة هواوي" من السوق الأمريكية.