بعد أن قرأت أهم ما جاء فى حوار حمدين صباحى مع وائل الإبراشى، تمنيت أن يقوم السيد رئيس الجمهورية بعقد لقاء مع صباحى
بعد أن قرأت أهم ما جاء فى حوار حمدين صباحى مع الزميل وائل الإبراشى على قناة دريم مساء الأربعاء الماضى ــ تمنيت أن يقوم السيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى بعقد لقاء مع صباحى ويناقشه فى كل ما قاله ويستمع إليه، أو على الأقل يناقش من كبار مستشاريه ما جاء فى الحوار وكيفية الاستفادة منه فى المستقبل.
ظنى أن هذا الحوار التليفزيونى واحد من أهم الحوارات السياسية فى الفترة الأخيرة؛ لأنه تضمن العديد من الأفكار والاقتراحات والرؤى، التى يمكن أن يستفيد منها المجتمع فى المرحلة المقبلة.
لا يمكن لأحد أن يتهم حمدين صباحى بأنه ضد الدولة أو حتى النظام، فالرجل شارك بفاعلية فى انتخابات الرئاسة ضد السيسى، ولولاه لتحولت الانتخابات إلى استفتاء.
والرجل لا يمكن توجيه التهمة الجاهزة إليه بأنه إخوانى أو من أنصارهم؛ لأن حياته قامت على مناهضة هذا الفكر المتطرف والمتاجر بالدين، ثم إنه كان أحد أهم قادة جبهة الإنقاذ التى لعبت الدور البارز فى إسقاط حكم الإخوان فى ٣٠ يونيو.
وصباحى لا يمكن اتهامه بأنه من «الطابور الخامس الملتحق بالصهيونية والامبريالية»، لأن انتماءه الناصرى جعله طول الوقت أحد أهم المنددين بالصهيونية وإسرائيل.
كما لا يمكن لأحد أن يتهمه بأنه ينفذ أجندة بعض رجال الأعمال بحكم أنه دائم الانتقاد لعلاقة التحالف الوثيقة بين السلطة وبعض رجال الأعمال الفاسدين منذ انفتاح السادات المشوه عام ١٩٧٤ وحتى سقوط مبارك المدوى فى يناير ٢٠١١.
بل إن الرجل ورغم حبه لعبدالناصر فهو ينتقد بعض الممارسات التى قادت لإجهاض التجربة، وصار منفتحا على كل التيارات الوطنية، مؤمنا بالعددية وبحقوق الإنسان.
هذه التوليفة الفريدة تجعل ما قاله حمدين صباحى فى حواره مع الإبراشى وصفة جيدة للخروج من الأزمة التى نعيشها.
فى حواره لا يطالب الرجل من قريب أو بعيد بعودة الإخوان ويرى أن الشعب حكم عليهم بالفشل، ولا يؤيد دمجهم جماعة أو حزبا بالحياة السياسية، لكنه يعارض التنكيل بهم أو مطاردتهم أو إهانتهم، بل محاسبتهم فى إطار القانون. هو يرى ايضا أن فض اعتصام رابعة كان واجبا لكن الطريقة التى تم بها لم تكن مهنية أو على درجة من الكفاءة.
يرى صباحى أن ثورة ٢٥ يناير من أنبل الثورات و٣٠ يونيو صححت مسارها، بعد أن حاول الإخوان خطفها، وبالتالى علينا ألا نلتفت إلى الآراء الشاذة هنا أو هناك، أى الإخوان الناقمين على ٣٠ يونيو أو الفلول الناقمين على ٢٥ يناير.
يقول ايضا أنه لا بديل عن السيسى وأن شعبيته لا تزال موجودة، لكنه ينتقد بشدة التناقض بين كل هذا وتقريب المعادين لثورة ٢٥ يناير، خصوصا فى بعض تعيينات أعضاء مجلس النواب الأخيرة، هو يرى أن عضلات الأمن تنمو، والرؤية لدى الحكومة ليست واضحة، وينتقد بشدة تغول بعض أجهزة الأمن، وإقصاء الشباب، خصوصا فى الجامعات الذين يمثلون أنبل شىء فى هذه البلاد، ويطالب بالإفراج عن كل الشباب المحبوسين، وعدم اللجوء إلى سياسة التخوين مثلما يحدث مع محمد البرادعى.
يحذر من الصراع العربى الإيرانى. يرى فى تركيا وإيران مجرد منافسين والصراع الحقيقى مع العدو الصهيونى، ورغم ذلك يؤكد أن السعودية جزء من الأمة العربية وإيران لديها مشروع توسعى، وتركيا لديها طموحات فى التمدد، وعلى مصر أن تتدخل كقوة عاقلة لدرء نار الفتنة فى العالم الإسلامى وعدم تحويل الخلاف إلى صراع سنى شيعى.
صباحى يتحدث تحت سقف ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، أى تحت سقف الدستور والقانون.. فلماذا لا يتم الاستماع إلى مثل هذه الرؤى ومناقشتها، بدلا من إصرار البعض على حشر الرئاسة فى مربع ضيق جدا بحيث تبدو امتدادا لما قبل ٢٥ يناير؟!.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة