برر وزير المالية العراقي سعي حكومته الى عدم صرف رواتب الموظفين لشهر ابريل من العام الحالي بسبب الازمة الاقتصادية
قال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري، إن أي قرار اقتصادي إن لم يكن مؤلما فهو ليس بقرار، مبررا سعي حكومته إلى عدم صرف رواتب الموظفين لشهر نيسان / إبريل من العام الحالي بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العراق والتي خلفها انخفاض أسعار النفط.
وذكر زيباري، في مكاشفة صريحة للناس: إن هذا واقع يجب أن يعرفه الناس، مشيرا إلى أن العراق تسلم قبل أيام مليارا و200 مليون دولار من البنك الدولي، وأنه قد يلجأ إلى الاقتراض من المؤسات الدولية بفوائد قليلة.
يذكر أن 7 ملايين عراقي يتقاضون الرواتب من مجموع سكان العراق البالغ عددهم 36 مليونا، وأن مجموع ما يتم توزيعه من رواتب شهريا يبلغ أربعة مليارات دولار.
كان هذا التصريح الذي أطلقه وزير المالية، بمثابة النار في الهشيم، لدى الملايين من العراقيين الذين أنهكهم الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد والفساد المالي الذي أدى إلى ثراء طبقة من السياسيين على حساب ملايين الناس، وكانوا قد خرجوا بتظاهرات عارمة الصيف الماضي طالبت بمحاربة الفساد وتوزيع عادل لثروات العراق.
لكن رئيس الوزراء حيدر العبادي، حاول التخفيف من وطأة الأمر فقال لدى لقائه وفدا من المنظمات الاقتصادية للاستثمار والإعمار، إن البلد يواجه تحديا خطيرا إلى جانب الإرهاب والمتمثل بانخفاض أسعار النفط، ودعا إلى إيجاد بدائل عن النفط من خلال تشجيع الزراعة والصناعة وتقليل النفقات الحكومية، وتفعيل السياحة، معبرا عن أسفه لتراجع زراعة النخيل في العراق، متناسيا أن الحروب التي خاضها العراق جرّفت وأحرقت مزارع النخيل في أغلب محافظاته.
وكان العراق يمتلك مطلع الستينيات والسبعينيات ما يقرب من 30 مليون نخلة، تناقص هذا العدد بعد حروب عديدة خاضها العراق وأدت إلى إتلاف البساتين، ليصل إلى حوالي 6 أو 7 ملايين، وكانت آخر عملية إبادة للنخيل قامت بها قوات الاحتلال الأمريكي عندما جرفت وأحرقت بساتين النخيل والحمضيات في البصرة وديالى وأدت إلى إتلاف أنواع نادرة من النخيل، وأصبح العراق يستورد التمور بعد أن كان المصدر الأول لأنواع فاخرة من أكثر من 70 نوعا من التمور.
وكانت الحكومة قد أعلنت في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي 2015 إلى اتباع سياسة التقشف وتقليل رواتب الموظفين، وخرجت تظاهرات قادها أساتذة الجامعات طالبت بعدم المساس بالرواتب، وأوضح العبادي حينها في لقاء مع أساتذة الجامعات أن انخفاض أسعار النفط، ودخول العراق في حرب مع الإرهاب، أصبح يستنزف ميزانيته وأن على الجميع تقبل الأمر والتصرف على أساسه.
لكن تصريح وزير المالية الأخير، الذي يبدو أنه الأمر الواقع لما يجري في البلاد، أشعل الشارع العراقي بموجة من الاستياء والغضب، والخشية من تصاعد معدلات الجريمة والسرقة لا سيما مع تفشي البطالة ونفاد صبر العراقيين، أمام موجة إحباط يعيشها الشارع بسبب الحرب مع الإرهاب وفقدان الأمن، وانتشرت في شوارع العاصمة بغداد مساء أمس الخميس قوات أمنية حفاظا على الأمن وسط أنباء عن حوادث سرقات لمنازل مواطنين وعمليات خطف وابتزاز مالي قامت بها عصابات خارجة عن القانون.
وقال أريز عبد الله رئيس لجنة النفط والغاز في البرلمان، لبوابة "العين": يمر العراق بأزمة اقتصادية كبيرة وهي تتفاقم يوما بعد يوم، ولا يمكن مواجهتها إلا بارتفاع أسعار النفط، وهذا الأمر من باب المستحيل، وقال إن على الحكومة أن تتخذ إجراءات سريعة وخطط استراتيجية من أجل تجاوز المشكلة وعبور الأزمة، وقال إن على المواطنين أيضا تفهم الوضع الاقتصادي، وأن يعتمد المواطن على نفسه من أجل كسب لقمة العيش، وأن يتجه للزراعة والأعمال الحرة، وأن لا يكون اعتماده فقط على الحكومة وعلى الراتب.
لكن عبد الله، أكد أن الحكومة هي الجهة الرئيسة التي يقع عليها تحمل المسؤولية، ومن بين الإجراءات التي يجب أن تتخذها هو تقليل النفقات ومحاربة الفساد بشكل حازم، وتشجيع الاستثمار في الجانب السياحي والديني والتجاري، وكذلك النهوض بالزراعة.
وأشار رئيس لجنة النفط والغاز في البرلمان، إلى أن السياسات الخاطئة للحكومة هي التي أوصلت البلاد إلى هذا المنحدر، والغطرسة وعدم تفهم الوضع الاقتصادي الاستراتيجي، والبذخ في الصرف بلا تخطيط.
وفيما يتعلق بالوضع في إقليم كردستان، قال النائب أريز، الذي ينتمي إلى إقليم كردستان، إن الوضع هناك لا يقل صعوبة عن الوضع في بغداد، وإن الموظفين في الإقليم لم يتسلموا رواتبهم منذ أربعة اشهر.
وأوضح أن حكومة بغداد تحاول إيجاد بدائل لتجاوز الأزمة المالية، وتأمين رواتب الموظفين خلال عام 2016، لأن لديها إيرادا مستمرا من النفط والغاز رغم قلته لكنه مستمر، كما لجات الحكومة إلى الاقتراض من البنك الدولي.
وعن أسباب تدني أسعار النفط والكميات المصدرة قال المتحدث باسم وزارة النفط، عاصم جهاد، لبوابة "العين" إن هناك إرادات سياسية تعمل على إبقاء أسعار النفط منخفضة، وإن من أهم الدول المتضررة هي العراق وروسيا.
وأكد جهاد، أن السوق النفطية تمر بأسوأ مراحلها الآن، وعزا ذلك لكثير من العوامل أهمها مرتبط بما يجري من تداعيات أمنية في المنطقة، وإصرار بعض الدول المسيطرة على إنتاج اوبك على الإبقاء على مستويات الإنتاج، موضحا أن الولايات المتحدة التي كانت تعد أكبر مستهلك النفط، تحولت إلى مصدر للنفط، وأن السوق النفطية أغرقت بكميات أكثر من الطلب الحقيقي، مما دعا بعض الدول المستهلكة إلى شراء خزين نفطي كبير بأسعار رخيصة.
وأشار جهاد إلى أن العراق ليس لديه مشكلة في إنتاج النفط، ولكن المشكلة في الانخفاض المستمر للأسعار عالميا، وقال إن العراق حقق أعلى معدل بيع في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي 2015، بنسبة 3 ملايين و 300 ألف برميل يوميا، بمعدل أرباح يتراوح بين 7 - 8 مليارات دولار شهريا.
أما الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، فأوضح لبوابة "العين" أن تصريحات المسؤولين العراقيين بشأن صعوبة الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد هي مجسات تطرح لمعرفة ردود أفعال الناس إزاء الأزمة، مؤكدا أن الأزمة أمر حقيقي، وهي انعكاس لانخفاض أسعار إيرادات النفط، في بلد لم يتحصن لمثل هكذا أزمات، موضحا أن العراق حقق خلال السنوات السابقة وفورات كبيرة لم يحسن استثمارها بالشكل الأمثل، وكان يمتلك مليارين و800 مليون دولار في حسابات العراق كمدّور من موازنات الأعوام السابقة، وسلمت إلى حكومة العبادي، ثم صرفت من دون تشريع من البرلمان.
وأوضح المشهداني، أننا منذ الأيام الأولى للأزمة منذ حوالي عامين مضت، كنا نحذر من انخفاض أسعار النفط، لأن كل التوقعات العالمية كانت تشير إلى انخفاض أسعاره، وأنه لن يعود إلى سعر 70 دولارا للبرميل حتى بحلول عام 2020، مشيرا إلى أن الحلول التي تطرحها الحكومة غير عملية، لأن الزراعة والصناعة تحتاج من سنتين إلى خمس سنوات من أجل جني أرباحها، وأن ذلك سينعكس سلبا على المواطنين وسينتج المزيد من عمليات السلب والنهب والسطو على المنازل ويخلق مناخا خصبا للجريمة لأننا في عمق الأزمة، وأن أي بادرة للحل لن تلوح في الأفق قريبا.
aXA6IDMuMTM4LjE3NS4xNjYg جزيرة ام اند امز