هاني سري الدين لـ"العين": السيسي اعتمد على الخليج والجيش لإنقاذ مصر
بوابة "العين" التقت الدكتور "هاني سري الدين" الذي يشغل منصب المستشار القانوني للتحالف الفائز بمشروع تنمية إقليم قناة السويس
مع بداية العام الجديد 2016، لا يزال الاقتصاد المصري يشهد تباطؤًا في معدلات النمو، وتراجعًا في التصنيف الائتمانى لمصر، واستمرارًا للمُسكنات المُعتادة لمشاكله، بعيدًا عن أي محاولة للبدء في إجراءات هيكلية لإصلاحه، يأتي ذلك بالتزامن مع تصاعد الجدل الدائر بين أوساط النخبة المالية في مصر عن طبيعة دور القطاع الخاص، ونمط العلاقة المُستقبلية بينهم وبين التحالف الحاكم، جراء التوسع في الاعتماد على المؤسسة العسكرية في عدد من المشروعات الاقتصادية الكبرى، وما يتبعه ذلك من مخاوف لدى رجال الأعمال من تهديد مصالحهم حال استمرار تعاظم الاستثمار الحكومي.
بوابة "العين" التقت الدكتور "هاني سري الدين" الذي يشغل منصب المستشار القانوني للتحالف الفائز بمشروع تنمية إقليم قناة السويس، والمُساهم في إعداد البرنامج الاقتصادي للرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال فترة ترشحه بالانتخابات الرئاسية، ورئيس هيئة سوق المال السابق، في محاولة لتقديم تصور واضح عن الرؤية المستقبلية للاقتصاد المصري، وأبرز القضايا التي تعيشها مصر، واستعراض تطورات مشروع "قناة السويس الجديدة"، التي تقول عنه الدولة، إنه "سيغير خريطة العالم".
هل تم الانتهاء من مشروع القانون المُحدد للبيئة التشريعية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس؟
نعم، انتهينا من إعداد مشروع قانون تطوير محور قناة السويس، وتم تسليمه لمجلس الوزراء في شهر مارس العام الماضي، ومن المفترض أن يشكل هذا المشروع - بعد انتهاءه- 30% من حجم الاقتصاد المصري، وستمتد المنطقة الاقتصادية الجديدة على مساحة 450 كيلومترًا مربعًا، وهي تعمل بإطار تشريعي مستقل؛ لانها منطقة "اقتصادية ذات طبيعة خاصة".
ماهي أبرز ملامح هذا القانون؟
سيكون هناك تفعيل لنظام الشباك الواحد، من خلال تمثيل لكافة الوزارات، بما فيها وزارة الدفاع في الهيئة الاقتصادية للمشروع، بحيث تقوم الهيئة بمناط الدولة في التعامل مع المستثمر، وذلك لتسهيل كافة التراخيص اللازمة للمستثمريين، وتجاوز عقبات البيروقراطية .
هل يمنح قانون المنطقة الاقتصادية لإقليم قناة السويس حق التملك للمستثمريين؟
القانون ينص علي حق الانتفاع فقط، ولا يمنح الملكية للمستثمر، للاعتبارات المرتبطة بطبيعة المنطقة الاقتصادية، حيث تتصل بسيناء والموانئ، ما جعل الحكومة ترى أن حق الانتفاع دون التمليك مسألة ضرورية، ونظام الانتفاع في القانون مرن يسمح بفترة انتفاع تمتد إلى 50 عامًا قابلة للتجديد، وتسمح لها فقط بتملك المبنى الذى تتواجد فيه، وهو التمليك المشروط بفترة الانتفاع حتى تتيح للبنوك مسألة التمويل لهؤلاء المستثمريين، لتعذر تمويل البنوك لأي مشاريع للمستثمر لا يملك أصوله لأنه سيضطر لرهن هذه الأصول.
وفيما يتعلق بنظام الجمارك والضرائب في هذه المنطقة ؟
الإجراءات الجمركية والضريبية التي تضمنها القانون مُبسطة، هناك مجموعة من اﻹعفاءات الضريبية لعدة سنوات؛ ﻷن اﻷهم هو خلق مجموعة جديدة من فرص العمل؛ لأن مسألة الربط الجمركي يُسبب العديد من المعوقات للمستثمرين، خصوصًا أن مصر تحتل مرتبة سيئة في النظام الضريبي والنظام الجمركي في تقرير صادر من البنك الدولي، وهذه المشروعات يمكنها أن تدر عائدات بالملايين، وهو أمر أهم بكثير من عائدات الضرائب.. اﻷكثر أهمية هو خلق وظائف وتحقيق تنوع استثماري في المنطقة.
تمتلك الهيئة حق إنشاء شركات وامتلاكها بشكل كلي أو جزئي مع القطاع الخاص، ما الذي يعنيه هذا، وما هي النشاطات التي قد تقوم هذه الشركات بتنفيذها؟ وكيف ستتعامل مع الشركات اﻷخرى في المنطقة؟
سيترك هذا اﻷمر للهيئة الجديدة لقناة السويس؛ ﻷن القانون يسمح بهذا القدر من المرونة للهيئة، يمكنها عقد شراكات مع القطاع الخاص، أو إنشاء شركات للصيانة والبنية التحتية، أو تصنيع بعض المنتجات.
هل تراجع إيرادات قناة السويس خلال الشهور الأخيرة يتنافي مع ما أعلنته الحكومة من تقديرات بشأن الزيادة في عائدات القناة إلى 13.5 مليار دولار بعد أن كانت تحقق 5.3 مليار دولار بعد مشروع قناة السويس الجديدة ؟
المسألة مرتبط بحالة الركود في التجارة العالمية، مما أحدث هبوطًا في حركة الملاحة بنسبة تتراوح مابين 20 إلي 25 %، لكن عمومًا ما يجب التأكيد عليه في هذا الأمر أن إصدار أحكامًا عامة على المشروع قياسًا على دخل شهر أو أكثر أمر غير منطقي؛ لأنه مشروع استراتيجي للفترة تمتد لـ 20/ 30 سنة، بما يعني أن انتقاص الإيرادات لا ينتقص من أهمية المشروع، أو حجم أهميته.
لكن المسألة مرتبطة كذلك بأولويات المشروعات القومية، وكيفية تمويلها وعائدها الاقتصادي والاجتماعي، وأثرها على توزيع الدخل، خصوصًا مع الأزمة النقدية التي تعيشها مصر؟
لا يجب أن تتعامل مع الأزمة النقدية كونها أزمة مزمنة، والمشاريع القومية كانت ضرورة في المرحلة الحالية، لجلبها فوائد اقتصادية وتنموية عديدة تحتاجها مصر: فهى تساعد على حشد الموارد والاستثمارات المحلية والدولية، ورفع معدلات التشغيل، والحفاظ على التنافسية في سوق التجارة العالمية، بجانب أحد الآليات لتشجيع الاستثمار الأجنبي في البلاد، وإيصال رسالة إيجابية للمستثمر الأجنبي بتوفر كافة الظروف المهيأة للاستثمار.
تردد اسمك كمُرشح لوزارة الاستثمار أكثر من مرة خلال الفترة الأخيرة . . فما هي حقيقة ذلك ؟
الطرح كله اجتهادات إعلامية أكثر منها معلومات موثوقة، ولم يحدث تواصل بين النظام وبيني بعرض منصب حكومي أو مناصب عامة أو سياسية بعد ثورة 30 يوينو.
لكن هل تقبل بمنصب وزارى فى الفترة المُقبلة حال عرضه عليك؟
لكل مقام مقال، دعني أتجنب هذا السؤال الافتراضي.
كُنت أحد المسئوليين الرئيسين عن إعداد البرنامج الاقتصادي للرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال فترة ترشحه للانتخابات الرئاسية .. فماذا كانت أبرز الملامح الرئيسية لهذا البرنامج ؟
تشجيع الاستثمار الخاص كان جوهر البرنامج، وكان الرئيس لديه تصورًا أن تعتمد الدولة في خطة الإنقاذ علي الدعم الخليجي ودور المؤسسة العسكرية كجزء فاعل في خطة الإنقاذ، وهذا ليس توجه في تغيير المسار للعودة لفكرة القطاع العام، ولكنها كانت جزءًا مرتبطة بمرحلة معينة.
لكن تسود انطباعات لدى الكثيرين عن إحياء "السيسي" نموذج الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في إدارة الاقتصاد، ومُخطط التنمية لدى الدولة؟
توجهات "السيسي" تختلف عن الرئيس الراحل "جمال عبدالناصر"، والتاريخ لا يُمكن أن يعيد نفسه، وحتى الدول الاشتراكية تخلت عن الفكر الاشتراكي في الاقتصاد وتبنت فكرة الاقتصاد الحر، فالصين وهي من أكبر الدول الشيوعية تبنت فكر الاقتصاد الحر، كما أن ماليزيا أقامت ٧٥ ٪ من اقتصادها على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولا يمكن بشكل قطعي أن يكون دور الدولة بديلاً عن الاقتصاد الخاص .
ويجب أن يكون مفهومًا لدى الجميع الحكومة والشعب أن المشاريع الحكومية لن تغني عن القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية، وأنها حالة مؤقتة، وخطة إنقاذ أكثر منها تحول استراتيجي في مناخ الاستثمار في مصر.
إلى أي مدى تعتقد أن ارتفاع حجم مساهمة المؤسسة العسكرية والقطاع الحكومي فى مشاريع اقتصادية سيكون خصمًا من نفوذ القطاع الخاص؟
لا يجب أن يكون هناك أي تعارض أو توتر بشأن هذا الأمر؛ لأن هذا الأمر مؤقت، ومازال حجم الاستثمار هو الحصة الأكبر في الاستثمار الوطني، وأن الدولة تُدرك أن هذه المشاريع مرتبطة بمرحلة الضرورة التي تمر بها البلاد وليس منهجًا اقتصاديًّا أو استراتيجية اقتصادية طويلة الأجل.
إلي أي مدى تعتقد أن عودة رجال الأعمال لمُمارسة السياسة من خلال تمويل الأحزاب السياسية إعادة للتزاوج بين المال والسلطة؟
أعتقد أن التجربة الحالية لن تُكرر التجارب السابقة في إساءة استخدام السلطة، وأن المسألة رهن التجربة، وإن كان لايزال لها بقايا ويجب الحذر منها.
aXA6IDE4LjIyNC41Ni4xMjcg جزيرة ام اند امز