مخاوف من تحالف إثيوبي سوداني يهدد حصة مصر في مياه النيل
عقب رفض أديس أبابا زيادة فتحات سد النهضة
تجددت المخاوف المصرية من تأثر حصة البلاد من مياه النيل بعد رفض إثيوبيا طلب القاهرة بزيادة الفتحات السفلية لسد النهضة
لا تزال أزمة سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على مياه النيل، تطل برأسها بقوة على المشهد في مصر، رغم جولة المفاوضات التي عُقدت مؤخرا بالسودان والتي انتهت بالتوقيع على وثيقة الخرطوم التي وقعتها مصر والسودان وإثيوبيا في ختامها.
وجدد رفض إثيوبيا طلب مصر بزيادة فتحات سد النهضة السفلية، المخاوف من أن يؤثر بناؤه على حصة مصر من مياه النيل، فيما تواصل إثيوبيا، بموافقة سودانية استكمال بناء السد الذي وصل حجم التشييد فيه إلى 50%.
وقال هاني رسلان رئيس وحدة السودان ودول حوض النيل بمركز الأهرام الاستراتيجي، لـ"بوابة العين": إن "سد النهضة الإثيوبي أصبح واقعاً أمام مصر بعد انتهاء 50% من بنائه، وذلك بسبب القدرات المحدودة للمفاوض المصري منذ بداية الأزمة، وغياب دور فاعل للوزارات والجهات المعنية في إدارة المفاوضات، وإصراره على التعامل مع القضية باعتبارها منشأة هندسية اسمها سد النهضة، وهي مغالطة كبرى".
واعتبر أن التعامل مع الأزمة تجاهل القضية الأهم التي تسعى إثيوبيا لتنفيذها بالتحالف مع السودان وهي تغيير القواعد الحاكمة لتوزيع المياه في حوض النيل، لتأسيس عصر جديد من الهيمنة الإثيوبية على المياه.
وعن الاقتراح المصري بزيادة فتحات سد النهضة السفلية، قال رسلان إن "هذا المقترح مسألة تفصيلية لها علاقة بسياسات التشغيل للسد وليس لها علاقة بجوهر الأزمة المتمثلة في سعة التخزين".
وأكد أن نتائج اجتماع الخبراء الفنيين بمصر والسودان وإثيوبيا تؤكد صعوبة تنفيذ هذا المقترح لعدم قبوله من الناحية الفنية والهندسية والاقتصادية من الجانب الإثيوبي وكذلك الشركة الإيطالية المنفذة للسد، والتي لم تقدم التزاماً واضحاً ومحدداً حتى الآن لمصر رغم امتداد المفاوضات بين الجانبين لأكثر من 5 سنوات.
وبحسب المعلومات المنشورة على موقع الشركة التي تتولى تشييد السد، فإنه سيصل مخزون الماء في السد مرة ونصف من حجم المياه الواردة للنهر الأزرق في السنة وعن هو حجم خسائر مصر بعد تشغيل السد، قال رسلان إن "الخسائر مرتبطة بانخفاض نصيب مصر من حجم المياه إلى 5 مليارات متر مكعب، وهو ما سيؤدي لبوار مليون فدان من الأراضي الزراعية التي تعتمد على المياه من أجل زراعتها، وما يتبع ذلك من تشريد لنحو مليوني أسرة تعتمد على هذه الأراضي، بجانب ارتفاع نسبة البطالة في مصر".
يذكر أن إثيوبيا بدأت تشييد 5 سدود منذ العام 2004 حتى اليوم، واحتل سد "مهر الأومو" الذي بدأ العمل بشكل فعلي عام 2015، المرتبة الأولى في توليد الطاقة الناتجة عنه بمقدار 1870 ميجا، بتكلفة بلغت 1.8 مليار دولار، ويليه في الأهمية مشروع سد النهضة، أضخم سد مائي كهربائي في إفريقيا، والذي تتولى تشييده شركة سيليني الإيطالية التي تبني سدودا أخرى في إثيوبيا.
مساعد الرئيس السوداني، ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إبراهيم محمود حامد، أكد لـ"بوابة العين" في اتصال هاتفي من الخرطوم أهمية إثيوبيا للسودان لأن أكثر من 85% من مياه نهر النيل تأتي من النيل الأزرق، مؤكداً أن أسس الاتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا ستقوم على تحقيق المصالح المُشتركة لكافة الدول الثلاثة في الاتفاق النهائي.
وعن طبيعة العلاقات الثنائية بين السودان وإثيوبيا، قال إبراهيم إن "هناك تعاونا بين البلدين في أكثر من جانب خصوصاً في عملية ترسيم الحدود بين بلاده وإثيوبيا التي قطعت شوطا بعيدا".
وأشار إلى توقيع اتفاق بين البلدين يقضي بمحاربة كافة الجماعات المسلحة على الشريط الحدودي بين البلدين، في أعقاب توترات شهدتها المنطقة مؤخرا.
من جهته، اعتبر محمد نصر علام وزير الموارد المائية والري المصري السابق أن مسار المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان الأيام الماضية عادت بنا إلى المربع صفر.
وقال علام لـ"بوابة العين": إن "المفاوض المصري فشل في تحقيق أي جديد في المباحثات الثنائية"، مضيفاً أن "البديل هو استبدال المسئولين عن هذا الملف بمن هم أكثر كفاءة لتحريك الملف أكثر من ذلك، والتوصل لتسوية نهائية لهذه الأزمة".
وعن موقف السودان من بناء سد النهضة، قال علام إن "السودان داعم للموقف الإثيوبي على حساب مصر، وذلك منذ بدء المفاوضات، مبرراً ذلك الدعم السوداني لإثيوبيا للمصالح السياسية والانتمائية والدينية المشتركة بين البلدين، بجانب التسريبات التي توضح التعهدات الإثيوبية للسودان بالحفاظ على حصتها من المياه".
وتوقع علام أن تتطور العلاقة الثنائية بين السودان وإثيوبيا لتشكيل تحالف استراتيجي مُشترك بين البلدين، مرجحاً توقيع السودان على اتفاقية عنتيبي، التي لا تعترف بحصة مصر المائية، من أجل الحصول على حصة مائية أكبر.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد اجتمع قبل يومين بالفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والدكتور حسام مغازي وزير الموارد المائية والري، وخالد فوزي رئيس المخابرات العامة، للوقوف على نتائج عدد من المشروعات، أتى على رأسها نتائج المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي.
aXA6IDMuMTMzLjEzMy4zOSA= جزيرة ام اند امز