خبراء: وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل يتطلب بدائل فلسطينية قوية
جنرال صهيوني: السلطة تعاون على وقف العمليات
السلطة الفلسطينية تقوم بالتنسيق مع سلطات الاحتلال منذ توقيع اتفاق أوسلو، وهددت مرارًا بوقف التنسيق الأمني ردًّا على انتهاكاتها
مرت حوالي ثلاثة أشهر على قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تحديد العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية مع إسرائيل، بناءً على توصيات المجلس المركزي لمنظمة التحرير دون أن يترجم القرار على أرض الواقع، لخطورة نتائجه على وجود السلطة الفلسطينية ذاتها بحسب خبراء فلسطينيين.
وبينما ظل المسؤولون الفلسطينيون يطلقون الوعود بقرب تنفيذ توصية وقف التنسيق الأمني، خرج عدد من كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين الإسرائيليين بتأكيد استمرار التنسيق ونجاعته، وهو ما يشكل حرجًا شديدًا للسلطة الفلسطينية وللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ( الإطار القيادي الأول).
أخر تصريحات الجنرالات الإسرائيليين، لجادي شماني المسؤول السابق لقيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال ( الضفة الغربية تقع في نطاق تلك القيادة) الذي أكد أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تزود الجيش والمخابرات الإسرائيلية بالمعلومات الاستخبارية اللازمة لمواجهة عمليات المقاومة وخلاياها.
وقال شماني نهاية الأسبوع الماضي، إن نقل المعلومات الاستخبارية يعد أهم أنماط التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ونوه إلى أن التعاون الذي أبدته الأجهزة الأمنية الفلسطينية كان له دورًا بارزًا في تحسين الأوضاع الأمنية.
والتنسيق الأمني منبثق عن اتفاق "أوسلو" وبموجبه تأسس قناة اتصال دائمة بين الأمن الفلسطيني الناشئ حديثًا والأمن الإسرائيلي، لتبادل المعلومات الأمنية، ولإحباط الأعمال العسكرية من الطرفين.
وأكدت نتائج أخر استطلاعات الرأي- نشرت في ديسمبر الماضي- رفض أكثر من ثلثي الفلسطينيين استمرار التنسيق الأمني مع الإسرائيليين، ودعوا لوقفه.
ويؤكد اللواء الفلسطيني السابق الخبير في الشؤون الأمنية يوسف الشرقاوي، أن التنسيق الأمني بين الأمن الفلسطيني وأجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي يشهد تعاونًا عالي المستوى، ولم يتوقف منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية بداية أكتوبر الماضي.
وأشار الشرقاوي في حديثه لبوابة العين، إلى أن التنسيق الأمني يسير في اتجاه واحد وليس في الاتجاهين وفق الاتفاقات الموقعة بين الجانبين، موضحًا " الأمن الإسرائيلي يطلب دائمًا من الأمن الفلسطيني معلومات أمنية دقيقة عن أي نشاط فدائي، والأخير يلبي الطلب، بينما الأمن الإسرائيلي لا يستجيب لطلبات الأمن الفلسطيني المماثلة".
ولا تتردد معظم القوى السياسية الفلسطينية في اتهام أجهزة أمن فلسطينية بعينها، وعدد من كبار المسؤولين الأمنيين بمواصلة تزويد الأمن الإسرائيلي بمعلومات تؤدي إلى إجهاض عمليات فلسطينية تنطلق من الضفة الغربية ضد الاحتلال والمستوطنين.
صعوبة وقفه
واستبعد الشرقاوي أن توقف القيادة الفلسطينية التنسيق الأمني مع إسرائيل حتى أو تقلصه، وذلك "لأن التنسيق الأمني ملزم للسلطة وفق الاتفاقيات السياسية الموقعة مع إسرائيل" مشيرًا إلى أن تراجع السلطة عنه يعطي إسرائيل المبرر لاتخاذ إجراءات ليس بمقدور السلطة مواجهتها.
ويستبعد المحلل السياسي هاني المصري وجود نوايا حقيقية لدى القيادة الفلسطينية لإنهاء التنسيق الأمني، لافتًا " إلى أن إنهاء التنسيق الأمني يتطلب من السلطة والقيادة الفلسطينية اتخاذ إجراءات كثيرة وقوية قبل هذه الخطوة".
ووصف إعلانات السلطة والمنظمة المتكررة عن وقف التنسيق الأمني بأنه "كلام للاستهلاك الإعلامي"، وليس كلام للترجمة الحقيقية على الأرض، ويتابع "على العكس نحن نلمس على الأرض اتساع وتيرة التعاون والتنسيق الأمني مع الإسرائيليين"، وليس تراجعًا فيه.
ويقول المصري لبوابة العين: "السلطة الفلسطينية تتعاون مع إسرائيل لتوفير الأمن كشرط لضمان استمرارها"، أي بقاء السلطة مقابل أمن إسرائيل وليس أي شيء آخر. متوقعاً أن وقف التنسيق والتعاون الأمني من قبل السلطة ستقابله إسرائيل بحل السلطة الفلسطينية.
وأشار إلى أن وقف التنسيق الأمني يتطلب رؤية جديدة شاملة تسعى لتوفير وبناء بدائل عن المسيرة السياسية والسلطة الفلسطينية. وأضاف "من يريد وقف التنسيق الأمني عليه أن يقوم بعملية تغيير شاملة" فلا يمكن للقيادة الفلسطينية أن تعلن الحرب الشاملة على إسرائيل بوقف التنسيق الأمني وهي تحت رحمة الاحتلال.
وتتمسك إسرائيل بالتنسيق الأمني لمواجهة العمليات الفدائية الفلسطينية التي تجاوز الألف عملية في أقل من أربعة أشهر وفق إحصائيات الأمن الإسرائيلي، ويخشى الإسرائيليون أن تؤول إليهم المسؤولية الأمنية عن الأراضي الفلسطينية في حال وقف التنسيق الأمني.