التبعات السلبية للاتفاق النووي الإيراني على المنطقة
رفع العقوبات مكافأة غير مستحقة لإيران قد تطلق أيديها الإرهابية في المنطقة
كيف يؤثر الاتفاق النووي الإيراني بالسلب على الوضع في المنطقة
بدأت إجراءات رفع العقوبات الدولية عن إيران، في ظل تفاؤل حذر من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، خصوصا بعد مبادرة إيران في الإسراع عن الإفراج عن السجناء الأمريكيين لديها، والتي يعتبرها الكثير محاولة إيران لمغازلة الغرب، خاصة مع توقيت يحتدم فيه الصراع العربي الإيراني على جبهات كثيرة في المنطقة. وبالتالي، هناك إجماع عربي أن إيران لا تستحق رفع العقوبات المفروضة عليها، نظرا لنمط إيران العدواني في التعامل مع دول الجوار، وتأجيجها لكثير من المشاكل التي كان ممكن أن تحل عربيا، لولا التدخل الإيراني.
ظهرت العديد من التقارير الخاصة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية التي تشير إلى جهود إيران المستمرة لشراء الأجهزة الإلكترونية الحساسة والمواد الأساسية والتقنيات التي يحتاجها البرامج النووية والدفاع الإيراني، في حين رصدت عدة وكالات عالمية، مثل رويترز وفايس نيوز، المحاولات المستمرة لتهريب الأسلحة الروسية والصينية لإيران عن طريق السوق السوداء. مثل هذه الأعمال تضر بشكل واضح الأمن القومي العربي بأكمله، في حين أن السياسة الغربية لديها خطوط حمراء مربكة وتتغير بشكل مستمر، مع أنها قد أقرت عقوبات شديدة خوفا من الإرهاب النووي الإيراني.
ونصت الاتفاقية على ضمان الطابع "السلمي" لبرنامج إيران النووي في مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة على هذا البلد. فبعد موافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبدء تنفيذ الاتفاق مساء السبت، يفترض أن يتدرج رفع العقوبات عبر ثلاث مراحل تنتهي في 2025 إذا احترمت طهران التزاماتها مع عودة آلية للعقوبات في حال العكس. لكن السؤال الأبرز هنا، من سيوقف إطلاق يد إيران في المنطقة العربية؟ وأين ضمانات دول المنطقة من وقف الإرهاب الإيراني المستمر على جبهات مختلفة في اليمن والعراق ولبنان وأخيرا سوريا؟
لإيران تاريخ محفوف بالعنف والإرهاب تجاه دول الجوار، حتى في ذروة العقوبات الاقتصادية. فمنذ بداية العقوبات الاقتصادية عليها في 2003، دعمت إيران مجموعة من الشبكات الإرهابية التي ساعدت في تقويض جميع فرص التهدئة في المنطقة. رصدت صحيفة الواشنطن بوست أن ميزانية وزارة الدفاع الإيرانية تتراوح بين 14 و30 مليار دولار سنويا، لافتة إلى أن الكثير من هذه الأموال يذهب لتمويل الجماعات الإرهابية والمقاتلين المسلحين في جميع أنحاء المنطقة، وأكد بعض الخبراء الإقليميين أن ميزانية الدفاع الإيراني لا تضم حجم المبالغ التي تنفق على أنشطة الاستخبارات ودعم الجهات الأجنبية غير الحكومية، موضحين أن الإنفاق الفعلي قد يتجاوز الـ30 مليار دولار سنويا. وتشير إحصائية أخرى من مركز أبحاث بروكنجز إلى أن التمويل الفعلي لقوات الحرس الثوري الإيراني يفوق بكثير المبلغ المخصص لها في الموازنة العامة للدولة، حيث تستكمل تلك المبالغ عن طريق الأنشطة الاقتصادية الخاصة.
وقدر التقرير تمويل إيران لحزب الله اللبناني سنويا بنحو 100 إلى 200 مليون دولار، في حين يتراوح نصيب نظام بشار الأسد ما بين 3.5 و15 مليار دولار سنويا، كما تنفق إيران ما بين 12 و26 مليون دولار لدعم المليشيات الشيعية في سوريا والعراق، في حين تدفع ما بين 10 و20 مليون دولار لدعم جماعة الحوثي باليمن، إضافة إلى عشرات الملايين من الدولارات سنويا لدعم المسلحين الشيعة في مناطق مختلفة من المنطقة. حيث قدر نفس التقرير أن إيران تدفع شهريا ما بين 500 و1000 دولار للمقاتل في صفوف الجماعات الموالية لنظام الأسد، فيما يتلقى المقاتلون الأفغان في سوريا تدريبات في إيران أولاً قبل إرسالهم للقتال مقابل رواتب شهرية تتراوح ما بين 500 و1000 دولار شهريا أيضاً.
وأشارت تقارير سابقة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حذرت من أن رفع العقوبات عن إيران والإفراج عن أصولها سيسمح لطهران بإنفاق المزيد من المال على "الإرهاب". حيث إن رفع العقوبات عن إيران سيجعل مصادر تمويل أنشطتها الإرهابية أكثر تركزا، خصوصا مع وجود أكثر من جبهة مفتوحة قد تستغلها إيران بشكل شرس للتوسع في المنطقة.
وبالتالي، حتى في خضم العقوبات الاقتصادية، استطاعت إيران أن تمول أنشطتها بشتى السبل الشرعية منها وغير الشرعية. حيث لا بد للغرب أن يعيد حساباته في وقف ذلك الاتفاق، فإذا كان الغرب قد نجح في تقنين أنشطة إيران النووية، فإنه قد خلق أزمة أخرى للعرب بالذات، ألا وهي زيادة تمويل الأنشطة الإرهابية لإيران. ولذلك، ستصبح المعارك التي تتدخل فيها إيران أكثر ضراوة، ليس بشكل مباشر لكن عن طريق ميليشياتها المتفرقة التي تقوم بالحرب لها، مما سيقوض أي فرص للسلام في المنطقة على المدى البعيد.