فيلم "الموجة الخامسة".. رائحة الموت الآتية من السماء
الدمج بين الخيال العلمي والإثارة يُنتج تشويقاً، لكن إن كان هذا التشويق يخدم هدفاً معيناً، سيكون الحديث عن الفيلم شيقاً للغاية.
الدمج بين الخيال العلمي والإثارة يُنتج تشويقاً، لكن إن كان هذا التشويق يخدم هدفاً معيناً، سيكون الحديث عن الفيلم شيقاً للغاية.
في البداية قد لا يصدمنا مؤلف The 5th wave (الموجة الخامسة) كعادة أفلام الإثارة، إلا أن ثمة ما هو أبعد من ذلك في ثنايا هذا الشريط السينمائي الذي يعرض حالياً في صالات السينما العالمية.
يشير الفيلم إلى الغزو الخارجي القادم إلى كوكب الأرض، مجسداً الصراع بين الخير والشر، ضمن حكاية درامية تسير على عدة خطوط متعرجة، لتقول للمتفرج إن ثمة كائنات أخرى هاجمت البشرية بأربع موجات، وهي إذ تستعد لهجومها الأخير والخامس الذي سيعيد الكوكب إلى الإنسان، إلا أن هذه الحدوتة تتوضح أنها كاذبة، بمعنى أن الكائنات الشريرة تقمصت أدوار الخير لتنتهي ما تبقى من البشرية، لينتفض عليهم السكان الأصليون بحملة "الموجة الخامسة"، في فيلم يحذر من الإرهاب العالمي الدولي العسكري الذي يتجسد بقوات عسكرية معروفة بتوقيع المخرج جي بلاكيسون.
بين كاسي وسام.. آلام الكرة الأرضية
كاسي (كلوي غرايسموريتز) تحاول إنقاذ أخيها الصغير سام من الجيش الأمريكي الذي زعم أنه قادم لإنقاذ العالم من "الآخرين"، بينما كانوا يجنّدون الأطفال لقتل بعضهم البعض؛ هذا الجيش الذي يتخذ من قاعدة عسكرية بعد انهيار ولاية "أوهايو" الأمريكية، والمتمثل في قائده الكولونيل (بيف شراير).
تفقد كاسي والديها وتسخّر حياتها لاستعادة سام، وينقذها شاب (إيفان) هو نفسه الذي سيفجر القاعدة العسكرية لاحقاً، علماً أنه من الكائنات الأخرى، لكنه يقول إنه بمجرد أن التقى كاسي أصبح خيّراً، لكنه ككل الشخصيات الشريرة "الطيبة" يموت في نهاية الفيلم بعد أن يؤدي مهمته المستحيلة، ليفرغ الساحة لإطلاق عواطف بن (نيك روبنسون) نحو كاسي.
تصل كاسي بصعوبة إلى القاعدة ووسط المئات تعثر على أخيها الذي احتفظت له بدميته (دبدوب) التي كانت السبب في بُعده أصلاً عن أخته، وتنتهي الحكاية بسؤال ونهاية مفتوحة حول الخطوة المقبلة التي لا تبدو واضحة في ماهيتها.
وبين هذه التفاصيل، يُظهر الفيلم داء أنفلونزا الطيور الذي يتزامن مع الموجات الإرهابية، وهو يودي بحياة الآلاف، في مشهدية سينمائية مؤثرة تلعب على الوتر العاطفي كثيراً.
التحذير من خطر الإرهاب
الفيلم مقتبس من رواية بالاسم نفسه للكاتب الأمريكي ريكي يانسي، حيث كانت الأكثر مبيعاً منذ عامين في أمريكا وكندا، ليقوم كل من اكيفاجولدزمان وسوزانا جرانت بتحويلها إلى عمل سينمائي.
"الموجة الخامسة" فيلم يجيد العمل على الترويج لفكرة أن العالم في خطر وليس في مأمن من الإرهاب في كل بقعة من بقاعه، مسخراً لذلك طاقة كبيرة وإمكانيات تدعو البشرية إلى التسلح وجعلهم على أهبة الاستعداد للخطر القادم، مع ضرورة التمييز جيداً بين الخير والشر، حيث لعب الدور البارز في توضيح الأخطاء الثقافية في هذا الجانب.
القطع الديكورية كانت من أبرز أبطال الفيلم، التي ملأت الفيلم بالخراب والعواصف والزلازل والانفجارات وما إلى ذلك من مفردات شريرة أبدعت الصورة الفيليمة في تقديمها كمرادف للفكرة الأساسية "محاربة الإرهاب"، فيما تنوع المكان بين المنازل والغابات والقطع العسكرية والشوارع والأرياف والمدن والمكاتب وسواها، في دلالة أن الخطر محدق بأماكن الراحة والعمل، على حد سواء.
وتماشت مع ذلك المؤثرات الصوتية التي لعب الفيلم عليها جيداً بين كل هنيهة وأخرى من خلال موسيقى هنري جاكمان، التي تتطلب في مثل هذه الأعمال الغنية بالموسيقى والصوت وبعض الغموض والكثير من التشويق في 112 دقيقة.
ولكن بدت بعض المصادفات غير مبررة في الفيلم، كظهور إيفان المتكرر في لحظات مصيرية، ولقاء كاسي بـ سام وسط المئات، وكذلك الحب الأمريكي الذي لا ينساه لا المؤلف ولا المخرج في أي فيلم كان، رغم حرج اللحظة والأخطار المحدقة بالبطلين، إلا أنهما حظيا بالوقت ليعبرا عن حبهما لبعض متحدّين آلة الموت بوداعة وهدوء!.
وأعتقد أن الفيلم استطاع لحد ما التأثير في النفس، ولا سيما في تنقله بين الحالات النفسية والتصاعد والتباين في أوتار الحب والعاطفة والموت والفراق، وغيرها من مفردات سينمائية.
الفيلم الأمريكي من إنتاج غراهام كينج وتوبي ماغواير لعام 2016، وتمثيل آخرين هم ماغي سيف وماريا بيلو، ممن جسّدوا أدوار الخيال العلمي بحرفية بالغة، ولا سيما في تسخير الجسد والرشاقة في خدمة الهدف القوي.
aXA6IDMuMTQ0LjExNS4xMjUg جزيرة ام اند امز