لا أشعر بالارتياح على الاطلاق للقانون رقم 89 لسنة 2015 الذى أصدره مجلس الشعب يوم الأحد الماضى (17/1)
لا أشعر بالارتياح على الاطلاق للقانون رقم 89 لسنة 2015 الذى أصدره مجلس الشعب يوم الأحد الماضى (17/1) بشان حالات اعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، وأحيى النواب والاحزاب الذين تمسكوا بأن يكون للبرلمان حق الموافقة على عزل رؤساء هذه الهيئات، وألا يكون حقا أصيلا لرئيس الجمهورية فقط، خاصة أن الدستور نص على ضرورة موافقة البرلمان بأغلبية الثلثين على تعيين اولئك الرؤساء. وكان مما له دلالة طيبة أن شهد مشروع ذلك القانون أقل نسبة موافقة(69%). وأحيى النواب المحترمين الذين تحفظوا عليه أو رفضوه.على أى حال، وإذا كان من المتصور أن يكون المستشار هشام جنينة أول من يطبق عليه، لدرجة أن أطلق عليه "قانون جنينة" ؟! إلا أننى أريد هنا أن ألفت الأنظار إلى أمر قد يكون غائبا عن البعض، وهو أن الجهاز المركزى للمحاسبات عضو قديم فى "المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة وللمحاسبة" التى تعرف اختصارا بـ"الإنتوساي"، وتضم 192 جهازا فى العالم. (وهى بالمناسبة سوف تعقد مؤتمرها الدولى القادم فى أبو ظبى فى ديسمبر من هذا العام).
وأحد المبادئ الأساسية التى تؤكدها الإنتوساى هى استقلالية الأجهزة أعضائها، والتى يتمثل أحد أهم أبعادها فى القيود التى ترد على قابلية رؤسائها للعزل من جانب السلطة التنفيذية التى تخضع هى نفسها لرقابة تلك الأجهزة! وبنظرة سريعة إلى بعض الأجهزة الرئيسية الأعضاء فى تلك المنظمة مثل مكتب المحاسبة القومى فى بريطانيا، ومحكمة المحاسبة فى فرنسا، ومكتب المحاسب العام فى أمريكا، ومكتب المراقب والمحاسب العام فى الهند، ومكتب المحاسبة العام فى اليابان...إلخ يتضح بجلاء رسوخ تلك المبادئ فى نظمها ولوائحها. ولذلك فإن إقالة رئيس دولة ما لرئيس جهاز الرقابة المحاسبية العامة، لن يكون أمرا يسهل تفهمه أو قبوله، فضلا أنه سوف يقدم – فى حالة مصر بالذات- هدية ثمينة لآلة الدعاية الإخوانية المتربصة بمصر. فأرجو الحذر و التمهل!
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الأهرام وبوابة العين الإلكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة