نسبة الخسائر الفلسطينية هي الأفضل مقابل نظيرتها الإسرائيلية منذ زمن طويل
تظهر إحصائيات القتلى والجرحى في صفوف الإسرائيليين، والشهداء والجرحى بين الفلسطينيين، تقلص الفجوة بين عدد قتلى الجانبين لصالح الفلسطينيين في الانتفاضة الحالية التي سجلت أعلى عدد من العمليات الفدائية في فترة زمنية قصيرة.
وحسب إحصائية مركز القدس لدراسة الشأن الإسرائيلي، فإن 29 إسرائيليًّا قتلوا منذ اندلاع الانتفاضة بداية أكتوبر الماضي، بينما استشهد 163 فلسطينيًّا، فيما سجل إصابة أكثر من 12 ألف فلسطيني وأكثر من 500 إسرائيلي.
واستشهد معظم الفلسطينيين وفق الإحصائية، بعد تنفيذ عمليات طعن بالسكاكين أو دهس بالسيارات أو إطلاق نار أو في قصف جوي أو الاشتباه بمحاولة تنفيذ عملية فدائية، فيما قتل الإسرائيلية طعنًا أو دهسًا بالسيارات أو برصاص الفلسطينيين.
وأظهرت إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية، إصابة 14250 فلسطينيًّا خلال تصديهم لقوات الاحتلال، من بينهم 1234 إصابة بالرصاص الحي، و2980 بالرصاص المطاط، وحوالي 10 آلاف بالاختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع.
تقليص الفجوة
ويقول الخبير في الشؤون الإسرائيلي علاء الريماوي: إن الفلسطينيين تمكنوا خلال الانتفاضة الحالية من تقليص الفجوة في العدد بين القتلى الإسرائيلي من ناحية والشهداء الفلسطينيين من الناحية الأخرى.
وأوضح أنه لأول مرة منذ نصف قرن من النضال الفلسطيني يكون مقابل كل قتيل إسرائيلي أقل من ستة شهداء فلسطينيين، لافتًا إلى مقتل 67 إسرائيليًّا خلال حرب 2014 على غزة، مقابل 2140 شهيدًا، وفي حرب 2012 قتيلا مقابل 155 إسرائيليًّا، وفي حرب 2008 على غزة قتل 13 إسرائيليًّا، بينما استشهد 1400 فلسطيني في انتفاضة 1987 المعروفة بـ"انتفاضة الحجارة" وقتل 160 إسرائيليًّا.
وبين الريماوي -لبوابة "العين"- أن دولة الاحتلال تعمل قدر المستطاع للحفاظ على أرواح جنودها ومستوطنيها فيما تسرف في قتل الفلسطينيين، لإبقاء الفجوة بين القتلى على الطرفين كبيرة وكبيرة جدًّا.
وأكد أن هذه الأرقام تقلق الإسرائيليين والأجهزة الأمنية والعسكرية، مضيفًا أنهم يحاولون منذ اندلاع الانتفاضة الحد من عمليات الفلسطينيين الفردية لتقليص القتل في صفوف الإسرائيليين، لكن كل المعالجات الأمنية والعسكرية فشلت.
وأشار الريماوي للتحذيرات التي أطلقها رئيس الحكومة الإسرائيلية في الأيام الثلاثة الأخيرة بحق الفلسطينيين، مشيرًا إلى أنه لوح باتخاذ إجراءات ماسة لم يتوقعها الفلسطينيون لوقف الانتفاضة، وهو ما يؤكد أنه وأجهزته العسكرية والأمنية في طريقهم لتشديد القبضة ضد الفلسطينيين.
فشل استخباري
وشكل حجم العمليات الفدائية الفلسطينية خلال (110) أيام من عمر الانتفاضة، صدمة للإسرائيليين في المستويات السياسية والعسكرية والأمنية، وهو ما أدى إلى هز أمن المجتمع الإسرائيلي بشكل كبير ظهرت نتائجه في استطلاعات الرأي الأخيرة.
وأقر رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال غادي آيزنكوت، بأن العمليات الفلسطينية في الضفة الغربية باتت تشكل تحديًّا جديًّا أمام إسرائيل.
وأكد خلال محاضرة ألقاها في مؤتمر لمعهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة "تل أبيب" الاثنين الماضي، أن إسرائيل لم تستطع طوال موجة العمليات الفلسطينية الحصول على إنذار مسبق واحد لوقف أي منها.
وأضاف أن التفوق الأمني الإسرائيلي كان يسهم في إحباط كثير من العمليات سابقًا أما الآن فظاهرة الطعن بالسكاكين تعتبر نوعًا جديدًا في ساحة العمليات، دون توفر أداة لردعها.
ألف عملية.. صدمة ثقيلة
وحسب إحصائيات الأمن الإسرائيلي، فإن الفلسطينيين نفذوا أكثر من ألف عملية طوال أيام الانتفاضة التي فجرها ارتفاع وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية اليومية بحق القدس والمسجد الأقصى.
وفي التفصيل الفلسطيني، فإن عدد العمليات الفدائية (طعن ودهس وإطلاق نار) بلغ (240) عملية، فيما مئات العمليات الأخرى كانت عبارة عن رشق بالحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة.
ويقول الريماوي: إن حجم عمليات الفلسطينيين في الانتفاضة الحالية هو الأكبر في تاريخ النضال الفلسطينيين، موضحًا "لأول مرة يكون هناك 240 عملية فدائية ناجحة في 110 أيام فقط".
وأكد أن تلك العمليات خصوصًا الفردية منها شكلت صدمة من العيار الثقيل للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فضلاً عن تعميقها الخلافات داخل الائتلاف الحكومي اليميني، الذي يقف عاجزًا عن مواجهة تلك الانتفاضة وعملياتها الفدائية.
رعب العمليات الفردية
ويقول المحلل السياسي د.أيمن أبو ناهية: إن آثار الانتفاضة الحالية تظهر جلية في كل المركبات الإسرائيلية، موضحًا "أن الأجهزة الأمنية جربت خلال أشهر محدودة عددًا كبيرًا من الأساليب الأمنية لقمع الفلسطينيين.. لكنها فشلت.
وأضاف أبو ناهية -لبوابة "العين"- أن حكومة نتنياهو تستخدم في الآونة الأخيرة سياسة العصا والجزرة مع الفلسطينيين لوقف الانتفاضة، لكن تلك السياسة أثبتت فشلها الذريع.
وأوضح المحلل السياسي أن أكثر ما يؤرق المستويات السياسية والأمنية الإسرائيلية ليس حجم العمليات الفدائية ولا أعداد القتلى والجرحى بين الإسرائيليين فحسب، بل إن تتحول تلك العمليات الفردية -ينفذها الشخص دون تخطيط مسبق أو إيعاز من الغير- إلى نهج مفضل لدى جيل الشباب الفلسطيني.
ويقول أبو ناهية: إن الحجم الكبير من العمليات الفلسطينية التي يقودها جيل الشباب يدفع المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية إلى حالة "الجنون"، متوقعًا أن تدفع إسرائيل التصعيد إلى درجات غير مسبوقة لردع الفلسطينيين.