إبقاء جميع الاختيارات مفتوحة والحذر المبالغ فيه هو الخيار الأنسب في أي صراع أو نزاع داخلي له إبعاد إقليمية ودولية
إبقاء جميع الاختيارات مفتوحة والحذر المبالغ فيه هو الخيار الأنسب في أي صراع أو نزاع داخلي له أبعاد إقليمية ودولية، والعمل على الحد من تشعب الجبهات وتباعدها في ظل تعدد القوى الفاعلة الظاهرة بصور رسمية في الساحة المحلية، ومدى حجم وقوة القوى الخفية بين فئات المجتمع والتمرد والمعارضة الغير مشروعة، وحقيقة تواجدها التنظيمي والغطاء أو التعاطف الشعبي الذي تحظى به وعدم إغفال الاتفاقيات البينية والعرضية الداخلية الرسمية وغير الرسمية والسرية، والتي يقرها العرف الداخلي بين مختلف التيارات والجماعات والقبائل.
ففي النهائية يذهب الجميع وتبقى الأرض، ولذلك يجب أن لا يجازف أي طرف بالثقة والاعتقاد أنه الرهان الوحيد على المدى البعيد، وليس أكثر من مجرد وسيلة نقل بين ضفتين النهر، وهو منطق السياسة الطبيعي في كل العصور، فما الذي يخبيه الوقت لليمن؟ وهل ستكون هناك دويلات وعودة السلاطين وما قبل الاحتلال البريطاني بتجزئة اليمن، ونسمع عن الجمهورية اليمنية (الجنوبية) وتنفصل تعز تحت مسمى جمهورية تعز الاتحادية ودولة صنعاء ودولة حضرموت؟ هو انقسام نتمنى أن لا يحدث ونتمنى الاستقرار لليمن الموحدة، ولكن من مهد للسيناريو القائم لا تهمه الوحدة اليمينة والجميع في دول الجوار والمنطقة ككل تحت مجهر التقسيم والوقت كفيل بإثبات أو نفي ذلك.
فالدفاع عن الشرعية في اليمن وإعادة الأمل للأشقاء هو ركيزة أمنية استراتيجية وعمق أمني قومي، لا مساومة فيه لكل مشارك في جهود تحرير اليمن، ولكن ما هي تركيبة النسيج اليمني سياسيًّا؟ وما هي توجهات الشعب الذي تجد في الكثير من البيوت فيه صورة الرئيس الراحل صدام حسين؟ فهم يفخرون بعروبتهم وضد التوسع الفارسي، وفي نفس الوقت كأي دولة مسلمة لا يخلو كل بيت فيها من شخص عرضه للبرمجة الدينية المضللة متى ما توفرت الظروف لذلك، بالإضافة إلى سطوة سلطة الانتماء إلى القبيلة، والتي تعتبر تنظيم إداري قائم بذاته ليس له هيكلة رسمية في منظومة الدولة ووجود الأسلحة في كل بيت وشعب يعيش حالة اقتصادية صعبة ويقاتل من أجل لقمة العيش وشربة الماء اليومية، وكل منطقة فيها الكثيرون ممن يشعرون بالفخر بمنطقتهم الجغرافية ككيان منفرد دون المساس بيمنيتهم، فالتركيبة النفسية لكل صراع مهمة في حسم المعركة والموج القادم إلى المنطقة سيقتلع من الجذور الضعيف، سواء كان في الموقف أو الفعل، بينما على بضع أمتار من كل بيت عربي تقف طهران تنتظر الفرصة السانحة للانقضاض، وموسكو من الجانب الأخر بدعم صيني منقطع النظير تعد مسألة التدخل مجرد مسألة وقت فهو صراع مفتوح لا رحمة فيه.
فهل ستتسمر الحرب إلى ما بعد أبريل القادم بعد خسائر مالية وبشرية جسيمة في غضون 10 أشهر من الحرب والاغتيالت، وظهور تنظيمات سرية جديدة لها خلايا نائمة في بعض المناطق اليمينة التي حررت، كتنظيم جيش عدن الإسلامي التابع للحوثيين وصالح بجانب ثقافة الميليشيات مدفوعة الأجر مسبقًا، وإهمال الإخوان المسلمين ومن يمولهم، والدور المقبلين عليه في اليمن لا يبشر بخير، ناهيك عن قاعدة ونصرة وداعش، ولا أعلم إن كان قرار دمج 4 آلاف من المقاومة في الجهاز الأمني قد يؤدي بالغرض، فالظلام ينام في البيوت والقاتل لا ينام.
وتتواصل الاتصالات السياسية من أجل عودة المفاوضات، بينما المعركة على أرض الميدان مستمرة لتحقيق انجاز وحسم عسكري يساعد كل طرف على فرض رؤيته على طاولة المفاوضات، وانتصار المقاومة في عدن وأب والجوف، وحتى المحافظات المحيطة بها وصولًا للنصر في تعز وصنعاء، يجب أن لا يكون هو الهدف بحد ذاته دون البحث عن حلول حقيقية لمشاكل وصراعات اليمنيين بعيدًا عن تصريحات السياسيين والأحزاب وشيوخ القبائل، وتوقع مواجهات عنيفة قادمة أشرس وأكثر حده، فعند التخلص من الحوثيين وقوات صالح سنجد القاعدة وشبيهاتها يقفون في الصف ينتظرون معركتهم كذلك، وقد نسمع عن إعلان لتنظيم القاعدة وأخواتها بالسيطرة على منطقة حضرموت على سبيل المثال، نسبة لتواجدهم وتمركزهم في اليمن، وليس هناك خيار منطقي للجميع إلا الحوار مع عدم الوقوف عن حملة تحرير صنعاء قبل تقديم الطرفين لتنازلات حقيقة وليست إعلامية إصدار قانون المواطنة ونزع السلاح ومكافحة الإرهاب، وجعل صنعاء منطقة خالية من السلاح، وإنشاء مدينة عسكرية بالقرب من عدن، وتصويت شعبي على الدستور وتنفيذ قرار مجلس الأمن (2216) تنفيذًا كاملًا لإعادة الأمل لليمنين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة