شُح الطروحات يواجه البورصات العربية خلال 2016
البورصات العربية تعاني من شُح الطروحات خلال العام 2016 بسبب الاضطرابات العالمية والإقليمية وانخفاض أسعار النفط
توقع خبراء أسواق المال والاستثمار أن تعاني البورصات العربية من شُح الطروحات خلال العام 2016 بسبب الاضطرابات العالمية والإقليمية وانخفاض أسعار النفط، والتي انعكست بالسلب على أداء كافة بورصات المنطقة.
وأوضح الخبراء أن الأجواء غير جاذبة للشركات، نظرًا لأن الانخفاض الذي أصاب أسعار الأسهم سيؤدي إلى انخفاض تقييم الشركات وانخفاض سعر الطرح عن المستهدف.
وبناءً على ذلك، حذر خبراء أسواق المال والاستثمار من فشل الطروحات سواء من حيث عدم اكتمال تغطية الطرح كما حصل في بورصتي مصر وأبوظبي العام الماضي، أو تعرض أسعار الأسهم لانخفاض حاد عقب الطرح كما حدث في أسواق السعودية ومصر ودبي خلال 2015.
هذه العوامل، دفعت بالفعل البورصة المصرية للموافقة على طلبات تقدمت بها 10 شركات لتأجيل طرح أسهمها في البورصة منها شركات موبكو للأسمدة وراية لمراكز الاتصالات والتوفيق للتأجير التمويلي والعالمية للطباعة.
كما شهدت سوق تداول السعودية موافقة هيئة السوق المالية الأسبوع الماضي على طلب شركة الشرق الأوسط للرعاية الصحية "ميكو" بتأجيل موعد طرح أسهمها للاكتتاب العام نظرًا لظروف السوق الحالية.
قال حازم بركات رئيس مجلس إدارة شركة بلتون كابيتال القابضة، إن المناخ الاستثماري في البورصات العربية بات مُرتفع المخاطر في التوقيت الحالي، ولا يناسب استقبال طروحات جديدة نتيجة تسارع وتيرة انخفاض أسعار النفط من جانب، وارتفاع حدة الصراعات الجيوسياسية في المنطقة من جانب آخر.
وأوضح أن هُناك قرابة 10 شركات في البورصة المصرية طالبت إدارة البورصة الموافقة على تأجيل طرحها بعد إتمام قيد أسهمها، وبدأت هذه الحالة تُصيب سوق تداول السعودية، نظرًا لأن الانهيار الحالي في أسعار الأسهم سيؤدي إلى تراجع سعر طرح السهم، ومن ثم انخفاض حصيلة الطرح.
وأضاف بركات أن تراجع حصيلة الطرح يشكل إزعاجًا لأغلب الشركات، سواء التي تبحث زيادة رأسمالها عبر الاكتتاب العام، حيث يُمكن حينها البحث عن بدائل أخرى للتمويل مثل القروض، أو الشركات التي يرغب أحد مُساهميها في التخارج منها، ولكن مع ذلك قد تضطر شركات أخرى لاتخاذ قرار الطرح في حالة احتياج أي مساهم للتخارج السريع من الشركة.
بل أن العام الماضي 2015 أطلق إشارات تحذير للطروحات الجديدة، بعد أن شهدت البورصة المصرية لأول مرة منذ سنوات طويلة فشل تغطية الاكتتاب في طرحين متتاليين، وهما دبي بي كيه للصناعات الدوائية، وشركة سي تي سنرجي التي شهدت تغطية30% فقط من الأسهم المطروحة.
وتكرر الأمر ذاته لأول مرة في أسواق الإمارات بفشل تغطية طرح أسهم شركة مسار في سوق أبوظبي؛ إذ غطى الاكتتاب 15% فقط من الأسهم المطروحة، واقتصر حينها الاكتتاب على المستثمرين الإماراتيين فقط من الأفراد والمؤسسات.
من جانبه، أشار أحمد علي الرئيس التنفيذي لشركة بيت الاستثمار العالمي جلوبل - مصر، إلى بزوغ نجم فشل تغطية الطروحات في عدة أسواق عربية منذ العام الماضي، والوضع الآن بات بالتأكيد أصعب بسبب عدم اقتصار المخاطر على الاضطراب السياسي في المنطقة، بل أصبح الوضع الاقتصادي المضطرب إقليميًّا وعالميًّا جزءًا أساسيًّا من لعبة الاستثمار.
وأوضح أن الأمر الملفت الآن هو أن مؤسسات الاستثمار العالمية تلتزم التحوط الاستثماري في أسواق المنطقة على عكس السنوات الماضية، خاصةً التالية للأزمة المالية العالمية في 2008، ما يعني أن المستثمرين إقليميًّا وعالميًّا يتوخون حذر الاكتتاب في الطروحات الجديدة.
وتابع علي، أن الجانب الأكثر خطورة الآن في الطروحات هو الفشل بعد إتمام الطرح أي تراجع السهم بشدة عن قيمة الطرح خلال الجلسات الأولى من التداول، وظهر ذلك بشدة العام الماضي في مصر في حالة سهم إعمار مصر للتنمية الذي فقد 13.4% من قيمته خلال الأسبوع الأول من تاريخ التداول.
وعند النظر إلى الطروحات التي شهدتها البورصات العربية على مدار العام الماضي، فسنجد أن الهبوط كان حليف أغلب الطروحات منذ بداية الطرح حتى تعاملات نهاية العام.
فعلى سبيل المثال في السعودية أغلق سهم مبيكو عام 2015 على انخفاض نسبته 19.5%، أما في مصر فقد أغلق سهم أوراسكوم للفنادق والتنمية على تراجع بمعدل 57.5%، فضلًا عن انخفاض سهم أوراسكوم كونستراكشن بنسبة 44.13%، فيما أغلق سهم إعمار تعاملات العام على تراجع بنحو 27.1%.
كما شهدت سوق دبي المالي تراجع سهم داماك العقارية بنسبة 14%، وهو الطرح الذي استقبلته السوق العام الماضي.
أوصى الرئيس التنفيذي لشركة بيت الاستثمار العالمي جلوبل - مصر، بأن تعمل الشركات على إنجاز إجراءات القيد وتجهيز ملف الطرح، وترقب الأوضاع خلال الأشهر الـ 6 المقبلة، حتى تتمكن من اتخاذ قرار الطرح من عدمه خلال النصف الثاني من 2016.
وتوقع أن تكون الأسواق العربية الأكثر استعدادًا لتلقي طروحات في نهاية العام هي السعودية باعتبارها سوق كبير يشهد تداولات يومية تتجاوز 6 مليارات ريال، وكذلك بورصة مصر التي تتسم بتنوع جيد من حيث الشركات المتداولة بها، وكذلك أسواق الإمارات التي يعتبر اقتصادها الأقل تأثرًا بأزمة النفط بسبب تنوع مصادر الدخل.
من جانبه، قال كريم خضر مدير المؤسسات بالبنك الاستثماري آي كابيتال، إنه على الرغم من أن أجواء الاستثمار في البورصة لا تلائم الطروحات في الأسواق العربية الآن ولكن الأمر يختلف من سوق لأخرى.
وتابع فعلى سبيل المثال الخطورة في مصر تكمن في انخفاض أحجام التداول اليومي دون مستوى 500 مليون جنيه ما يعادل 63.85مليون دولار، في حين تتمثل المخاطر في السعودية في تداعيات هبوط أسعار النفط على الاقتصاد بأكمله.
ولفت خض إلى أن الميزة التي تحققها الطروحات لأي بورصة هو جذب مستثمرين جدد للمساهمة في زيادة قيم التداول، وهذا من أهم معايير نجاح الطروحات.
ومع ذلك أشار إلى أن هناك طروحات قد تكون استثنائية وتحقق التغطية المستهدفة، وهذا يتوقف على تقييم سعر الطرح، حيث كلما انخفض عن القيمة العادلة للسهم ستزداد جاذبيته، وكذلك حسب طبيعة القطاع الذي تعمل فيه الشركة مثل القطاع الاستهلاكي في مصر الذي يحظى بجاذبية مرتفعة.
وأضاف مدير المؤسسات بالبنك الاستثمار سي آي كابيتال أن نوعية الأصول المطروحة تلعب أيضًا دورًا هامًا في نجاح الطروحات خلال أوقات الأزمات، فعلى سبيل المثال يترقب المستثمرون حول العالم معرفة تفاصيل طرح أصول من شركة أرامكو السعودية للوقوف على مدى جاذبية سعر الطرح.