العلاقات الإماراتية الهندية وطموحات اقتصادية كبرى
ترقبًا لزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للهند
يتوقع أن تشهد العلاقات بين الإمارات والهند قفزة نوعية خلال الأعوام التالية، وارتفاعا في معدل التجارة والاستثمار بين الدولتين بنسبة 60%
تترقب الهند خلال الأيام القليلة القادمة زيارة رسمية من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، ومن المتوقع أن ترفع هذه الزيارة مستوى العلاقات الاستراتيجية المتكاملة والشاملة، حيث سيتم خلال الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات عدة، أبرزها الاستثمار في البنية التحتية والاستثمار في الطاقة المتجددة والتعاون في مجالات الفضاء والصحة.
وسيتم خلالها بحث سبل تطوير ودعم التعاون في 30 مجالاً رئيساً، أبرزها الأمن ومكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية والفضاء والصحة والتعليم والتكنولوجيا والبنية التحتية والطاقة المتجددة، بحسب تصريحات صحفية للسفير الهندي في الإمارات.
وتعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري للإمارات في العالم، كما تعد الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند عالمياً، ومن المتوقع أن تشهد زيارة الشيخ محمد بن زايد، توقيع اتفاق لرفع حجم التجارة بين البلدين بنسبة 60% خلال 5 سنوات لتصل إلى 368 مليار درهم، بجانب زيادة الاستثمارات الإماراتية في الهند خلال السنوات المقبلة إلى 276 مليار درهم.
وتتسم العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات والجمهورية الهندية بالقوة استنادا لجذورها التاريخية التي تعود إلى عدة قرون ماضية والمرتبطة بالمصالح المتبادلة والتعاون المشترك.
وتربط دولة الإمارات العربية المتحدة والهند علاقات قوية ومستمرة منذ فجر التاريخ وقد كانت علاقات الهند بمختلف إمارات الدولة منذ أن كانت التجارة هي النشاط الأول الذي يربط الشعوب في فترة ما قبل الميلاد وذلك بحكم الموقع المميز الذي يحتله البلدان على خطوط التجارة البحرية العالمية.
ولا شك أن الإمارات والهند يجمعهما تاريخ طويل من التواصل الذي يمزج بين "التجاري" و"الإنساني" و"الثقافي"، ويضفي على العلاقات بينهما نوعا من الخصوصية والتفرد، ويدفع دوما باتجاه العمل على تعزيز التعاون وتطويره وفتح آفاق جديدة له.
ومن المتوقع أن تشهد العلاقات بين الهند ودولة الإمارات العربية المتحدة قفزة نوعية خلال الأعوام التالية، التي من شأنها أن تتمخض عن ارتفاع في معدل التجارة والاستثمار بين الدولتين بنسبة 60٪ خلال السنوات الخمس المقبلة.
علاقات اقتصادية متنامية
شهدت الإمارات انعقاد أول منتدى اقتصادي إماراتي هندي في نوفمبر العام الماضي، والذي وضع الاستثمار على رأس أجندته.
وخلال تلك المناسبة أكد وكيل وزارة الاقتصاد للشؤون الاقتصادية، محمد أحمد بن عبدالعزيز الشحي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتطلع الى المزيد من الاستثمارات وزيادة فرص التبادل التجاري بين البلدين، مشيراً إلى أن الجالية الهندية في الإمارات نشطة جداً، وأن مساهمتها في نمو اقتصاد الإمارات العربية المتحدة ترحب بها البلاد.
ولعل الأرقام تقدم برهانا قويا على حجم التواصل والتلاقي بين الإمارات والهند، وتكفي الإشارة إلى بعض الإحصاءات الرسمية على هذا الصعيد، ومنها وجود نحو خمسين ألف شركة هندية تعمل في دولة الإمارات العربية المتحدة، ونحو 950 رحلة جوية بين البلدين أسبوعيا، أي بمعدل 135 رحلة جوية يوميا بين البلدين، وهذه معدلات كبيرة تعكس حجم وأعداد المسافرين من مطارات الهند إلى المطارات الإماراتية يوميا والعكس، بينما تجد شركات إماراتية ضخمة مثل إعمار العقارية، وموانئ دبي العالمية، وشركة الإنشاءات البترولية الوطنية، وشركة أبوظبي الوطنية للطاقة "طاقة"، وجهاز أبوظبي للاستثمار وشركات أخرى عدة، نطاقات وفرصا واسعة للعمل والاستثمار والانتشار في السوق الهندي بالغ الضخامة، بينما يبلغ حجم التبادل التجاري نحو الهند ستين مليار دولار، ويستفيد الاقتصاد الهندي من نحو 8 مليارات دولار سنويا تمثل قيمة تحويلات العاملين الهنود في دولة الإمارات حسب إحصاءات عام 2012.
ولا تتوقف الشراكة على التجارة فقط وإنما يرتبط البلدان أيضاً بإطار واسع من الاتفاقات، التي تغطي الشؤون الاقتصادية والدفاع والأمن، والثقافة، والمجتمع. ويقول سفير جمهورية الهند لدى الدولة، سعادة تي. بي. سيثارام، إنه تم الاتفاق على اشراك الشركات الهندية في تطوير البنية التحتية لدولة الإمارات. وقرر البلدان تعزيز الشراكة الاستراتيجية من خلال المشاركة في قطاعات النفط في كل من الهند ودولة الإمارات، وذلك من خلال التعاون في بلدان أخرى.
وتعتبر دولة الإمارات ثاني أكبر وجهة للصادرات الهندية، حيث بلغت قيمة هذه الصادرات أكثر من 33 مليار دولار في 2014-15. وكانت الهند أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات العربية المتحدة عام 2014، حيث بلغت قيمة التجارة غير النفطية أكثر من 28 مليار دولار.
تعد الهند واحدة من القوى الدولية الصاعدة، التي تمتلك ثقلا استراتيجيا في النظام العالمي القائم، وتمتلك عمقا تاريخيا وأخلاقيا وسياسيا يؤهلها للعب دور أوسع على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ويمكن القول إن التعايش المشترك هو إحدى نقاط الجاذبية في الحالتين الإماراتية والهندية، فتعايش عشرات الملايين من الهنود من مختلف الديانات والأعراق، يعد أحد المفاتيح لفهم الحالة الهندية، بل سر انطلاقة الهند التنموية وتنامي أدائها الاقتصادي، وبالقدر ذاته فإن الإمارات تبذل جهودا ملموسة ومتواصلة على مستويات مختلفة، سياسية وثقافية وتشريعية وتعليمية واجتماعية، من أجل تكريس قواعد نموذجها وتثبيت أسس التعايش ونشر التسامح والوسطية والاعتدال وقبول الآخر، ليس في داخل الدولة فقط، بل على المستويين الإقليمي والدولي.
وتحتضن الإمارة أكثر من مليونين و600 ألف هندي يعيشون على أرضها مما يعكس حجم العلاقات والمصالح المشتركة المتنامية بشكل كبير يوما بعد يوم، في حين أن عدد الشركات الهندية التي تعمل في الدولة بلغ نحو 50 ألف شركة تعمل في كافة المجالات الصناعية والتكنولوجية والصحية ويعمل بها نحو مليون هندي وفق إحصائية لسفارة الهند في أبوظبي.
وتقدر التحويلات السنوية التي أدلت بها الجالية الهندية الكبيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة (تشير التقديرات إلى أن نحو 2.6 مليون دولار) تصل إلى أكثر من 8 مليارات دولار وفق إحصائيات عام 2012.
محاربة الإرهاب
تسعى دولة الإمارات من خلال علاقتها القوية مع الهند لمحاربة الإرهاب، كونها تلعب دورا كبيرا في منطقة غرب آسيا.
وتنوي الامارات العمل على تفكيك البنية التحتية للإرهاب بالتعاون مع الهند، من خلال مراقبة وتنظيم تبادل المعلومات وتدفق الأموال، التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على أنشطة الجماعات المتطرفة.
كما يجري، منذ سنوات، تنسيق الجهود لمواجهة التطرف، وإساءة استخدام الدين من قبل الجماعات والبلدان من أجل التحريض على الكراهية، وارتكاب وتبرير الإرهاب أو استخدامه لأغراض سياسية.
ويعارض البلدان آفة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، أينما ارتكب وأياً كان مرتكبه، ودعتا جميع الدول إلى رفض الإرهاب والتخلي عن استخدامه ضد دول أخرى، وتفكيك البنى التحتية للإرهاب حيثما وجدت، وتقديم مرتكبيه إلى العدالة.
aXA6IDEzLjU5Ljg3LjE0NSA= جزيرة ام اند امز