الجزائر تحتاج مليوني مؤسسة للقضاء على بطالة الشباب
الإحصائيات تكشف أن نصف مليون شاب يعانون البطالة في الجزائر، لكن الخبراء يؤكدون أن الحلول موجودة
تكشف الأرقام الرسمية في الجزائر عن أزمة بطالة حادة لدى فئة الشباب تقارب 30%، مع توقعات بأن ترتفع هذه النسبة في ظل تراجع مداخيل البترول، بينما يكمن العلاج -وفق خبراء- في تقليص الاعتماد على القطاع العام ودعم الشباب لخلق مليوني مؤسسة صغيرة ومتوسطة، تحتاجها البلاد في تطوير نسيجها الصناعي والخدماتي.
لم تعرف الجزائر منذ سنوات ضغطا على سوق العمل كالذي تشهده حاليا، إذ وصل عدد البطالين إلى ما يقارب مليون ونصف شخص من أصل 10.5 مليون من السكان الناشطين، بحسب أرقام الديوان الوطني للإحصاء سنة 2015، وهو هيئة رسمية تعنى بقياس المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
وتتركز نسبة البطالة الأكبر لدى الشباب في الفئة العمرية ما بين 16 و24 سنة، بحيث ترتفع إلى الثلث أي ما يعادل نصف مليون شاب بطال، وتتراوح النسبة ما بين 14 و16 بالمائة لدى حاملي الشهادات الجامعية، وتنزل إلى 10 % عند الذين لا يملكون شهادات.
البطالة مرشحة للارتفاع
من جانبه، قدم المجلس الاجتماعي والاقتصادي، في آخر تقرير له حول التنمية البشرية، ما يؤكد هذه الأرقام، مشيرا إلى أن الجزائر أحصت 472 ألف بطال في الفئة العمرية ما بين 18 و29 سنة مع نهاية سنة 2015، وذكر من بين هؤلاء 238 ألف رجل و234 امرأة، أي أن نسبة البطالة تزيد لدى الذكور عن الإناث.
وحذر المجلس الذي يعد هيئة استشارية تابعة لرئاسة الجمهورية في الجزائر، من أن هذه الأرقام مرشحة للارتفاع مستقبلا خاصة مع ارتفاع عدد السكان، إذ قدرت الجزائر مليون مولود جديد في سنة 2014 فقط، كما أن معدل البطالة سيزيد بفعل التسرب المدرسي، وفق تقرير المجلس، بتسجيل مليون ونصف مليون طفل راسب في الدراسة ونصف مليون يغادرون الدراسة باكرا.
أسعار النفط تعمق الأزمة
ومما زاد في متاعب الحكومة الجزائرية، أن مداخيلها من النفط تعرف تراجعا غير مسبوق وصل إلى 50 بالمائة سنة 2015، وهو ما دفعها لتبني سياسات ترمي إلى خفض النفقات في موازنتها لسنة 2016، من بينها تقليص معدلات التوظيف في القطاع العام.
ودأبت الحكومة على إدماج الشباب العاطلين عن العمل في المؤسسات العمومية والإدارات ومنحهم قروضا لإنشاء مؤسسات، من أجل تقليص نسبة البطالة، إلا أن هذه السياسة لاقت انتقادات عديدة لأنها تعتمد "حلولا ظرفية للأزمة يزول مفعولها مع تراجع موارد البلاد".
ودفعت هذه المؤشرات بمنتدى رؤساء المؤسسات –وهو هيئة لرجال الأعمال مقربة من الحكومة-، إلى إطلاق صندوق الاستثمار للشباب حاملي المشاريع بقيمة 2 مليار دينار (20 مليون دولار)، لتمويل مشاريع المقاولين الشباب.
ويهدف المشروع وفق علي حداد رئيس منتدى المؤسسات إلى "رفع العقبات التي تعيق الشباب عن الاستثمار وإنشاء جسور بين الجامعة وعالم المؤسسة بهدف تسهيل إدماج المقاولين المستقبليين".. وعكس المتشائمين من الوضع المالي للجزائر، قال حداد لدى إطلاق المشروع إن "تراجع أسعار البترول يعد فرصة كبيرة لتشجيع الإنتاج والالتفات إلى الشباب وتشجيعهم ليكونوا أكثر إبداعا".
"إنشاء المؤسسات هو الحل"
ويوضح الخبير الاقتصادي عبد الحق لعميري، في تصريح لـبوابة "العين" أن أكثر الحلول نجاعة لحل أزمة البطالة لدى الشباب هو تشجيع إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والابتعاد قدر الإمكان عن تشغيلهم في القطاع العام الذي يزيد من العب على الحكومة كلما تراجعت مداخيلها.
ويبرز لعميري أن الجزائر تعد حاليا 900 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة، وهي بحاجة إلى 2 مليون مؤسسة من أجل تدارك العجز المسجل في قطاعات الصناعة والفلاحة والخدمات، ورفع الناتج المحلي الخام خارج قطاع المحروقات الذي تعتمد عليه الجزائر بنسبة 98 بالمائة من مداخيل العملة الصعبة.
من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول، أن هذا الحل سيعود بالفائدة على الاقتصاد الجزائري، لأنه سيسمح بتقليص فاتورة الاستيراد التي تصل في الجزائر إلى 60 مليار دولار سنويا، كما أنه سيخلق شبكة مناولة قوية تساعد على مرافقة مشاريع البنى التحتية الضخمة التي أطلقتها البلاد وينفذها في الغالب مؤسسات أجنبية.
لكل العائق الذي يبرز أمام إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة يكن في العراقيل الإدارية الكبيرة وضعف الخدمات التي يقدمها القطاع البنكي إلى جانب تدهور مناخ الأعمال الذي لا يشجع في الغالب على الاستثمار.
aXA6IDE4LjIyMi4xODIuMjI2IA== جزيرة ام اند امز