ازمة أسعار النفط.. دول تقاوم وأخرى تواجه الإفلاس

الدول النفطية تأثرت كلها بأزمة الأسعار الحالية، لكن منها من وجد القدرة على المقاومة، ومنها من هو مهدد بالإفلاس

تفاوتت نسبة الضرر من بلد نفطي لآخر في العالم جراء موجة انخفاض الأسعار التي كسرت مع بداية سنة 2016، حتى حاجز 30 دولارا قبل أن تعاود الانتعاش قليلا، وذلك بسبب طبيعة اقتصاد كل بلد ومدى اعتماده على البترول في تحصيل مداخيله من العملة الصعبة.

فنزويلا
تبرز فنزويلا كواحدة من أكثر الدول تضررا، لكون 95 % من مداخيلها تعتمد على البترول، وقد أدى تراجع احتياطي العملة الصعبة في البلاد إلى توقف استيراد العديد من المنتجات مما خلق حالة ندرة أدت إلى موجة تضخمية غير مسبوقة يمكن أن تصل وفق المحللين إلى أكثر من 100 % في 2016، أي مضاعفة كل أسعار السلع والبضائع.

الجزائر
بدورها، تعيش الجزائر تراجعا غير مسبوق في مداخيلها من العملة الصعبة، وصل في 2015 إلى نحو 24 مليار دولار، مما دفع الحكومة إلى إعلان زيادات في أسعار الوقود والكهرباء ورفع رسوم عدد من المواد المستوردة وتعطيل بعض مشاريع البنية التحتية التي أعلنت عنها في السابق، لكن الجزائر تملك حاليا هامش مناورة يقدر بـ150 مليار دولار من احتياطي الصرف، سيمكنها حسب الخبراء من مسايرة الأزمة لمدة 3 سنوات على الأكثر.

ليبيا
أما ليبيا التي تعاني مشاكل الحرب الأهلية بعد سقوط نظام القذافي، فقد زاد انهيار أسعار البترول من متاعبها إذ تراجع ناتجها المحلي الخام المعتمد أساسا على المحروقات بواقع 24 بالمائة في 2015، علما أن البلد يعتمد أيضا في مداخيله من العملة الصعبة على  تصدير البترول والغاز بنسبة 95 بالمائة.

العراق
وفي العراق البلد المعتمد أساسا على البترول، أدى تهاوي الأسعار إلى  انخفاض الناتج المحلي الخام بـ12 بالمائة في سنة 2015،  وقد جاءت التطورات الأخيرة بسيطرة تنظيم داعش على العديد من الآبار والمصافي البترولية،  بما يزيد من تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.
  
السعودية
يمثل البترول في المملكة العربية السعودية، 90 % من مداخيلها، مما جعل الصدمة البترولية تتسبب في عجز غير مسبوق في ميزانياتها، وصل حسب تقديرات صندوق النقد الدولي إلى 20 % من الناتج المحلي الخام سنة 2015، لكن هذا العجز لا يعدو كونه "محاسبيا" فقط لأن السعودية تمتلك احتياطي نقد أجنبي يصل إلى 750 مليار دولار يجعلها قادرة على مواجهة الأزمة الحالية والاستمرار في تمويل مشاريعها.

الاستثناء الإماراتي
وفي باقي دول الخليج، أثرت الأزمة نسبيا على قطر والكويت وعمان بتسجيل عجز في الموازنة، دون أن يشكل ذلك خطرا على اقتصادياتها بسبب تراكم فوائض الصرف في السنوات الماضية بفعل ارتفاع أسعار النفط، في حين صنعت الإمارات الاستثناء بإعلان رئيس وزرائها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قرار بلاده التوقف عن تصدير النفط والاحتفاظ به للأجيال القادمة كون اقتصاد البلاد لم يعد بحاجة إليه. 

إيران
أما في إيران التي تستعد للعودة إلى الأسواق بعد نهاية العقوبات عليها، فقد خلق انهيار أسعار النفط في 2015 وضعا  صعبا على البلاد التي تعتمد بنسبة الثلث على صادراتها من البترول، خاصة أن ذلك تزامن مع الحصار المفروض عليها في السنوات الأخيرة والذي لم يمكنها من تحقيق فوائض مالية تقيها تقلبات سوق النفط الدولية.

نيجيريا
وفي عمق إفريقيا، تضررت نيجيريا كثيرا من تهاوي الأسعار، حتى وإن كان إنتاج البترول يمثل 30 % فقط من ناتجها الحلي الخام، كما تضررت بالمثل أنغولا بحيث تراجعت ميزانيتها من 72 مليار إلى 52 مليار دولار في 2015. أما في كازاخستران إحدى جمهوريات آسيا الوسطى،  فقد انهارت العملة بواقع 20 % في بلد يعتمد على ثلثي مداخيله من البترول.

روسيا
وتظهر روسيا أيضا في قائمة الدول المتأثرة بالصدمة البترولية، حيث تراجعت عملتها الروبل مقابل العملات الرئيسية كالدولار واليورو في 2015 وأدت إلى رفع أسعار السلع المستوردة .. وتعتمد روسيا في مداخيلها على 50 % من البترول والغاز، لذلك أدى انخفاض الأسعار إلى تراجع عوائدها من العملة الصعبة، إلا أن أكبر بلد في العالم من حيث المساحة يمتلك احتياطيا للصرف قدر ب380 مليار دولار نهاية 2014، مما سمح له بتسيير الأزمة وهو يبذل اليوم مساع حثيثة لإعادة إنعاش الأسعار.   

بريطانيا
وحتى بريطانيا أعلنت عن تخصيص 250 مليون جنيه استرليني، أي ما يعادل 325 مليون أورو، لدعم صناعتها البترولية المتمركزة في الشمال الشرقي للمملكة، حيث توجد آبار بحر الشمال، وسيستغل المبلغ في مساعدة المنتجين على تجاوز الأزمة الحالية والحفاظ على مناصب العمل، علما أن تكاليف الإنتاج في هذه المنطقة تعد الأغلى في العالم.

بيد أن الرهانات من وراء إنقاذ الصناعة البترولية في بريطانيا، هامشية مقارنة بدول أخرى تتوقف حياتها تماما على البترول وقد تودي بها أزمة الأسعار الحالية إلى الإفلاس، في حال استمر مداها الزمني إلى ما بعد نفاذ احتياطاتها من العملة الصعبة المحققة في فترة انتعاش الأسعار السنوات الماضية.