لغز طائرة عسكرية أمريكية.. مهمة سرية لم تكتمل قبل 63 عاما

في ليلة من ليالي مارس/أذار 1962، أقلعت طائرة عسكرية أمريكية محملة بجنود متخصصين في مهمة سرية غامضة، لكنها لم تصل إلى وجهتها.
كانت الرحلة 739، المستأجرة من قبل القوات الجوية الأمريكية، تحمل على متنها 107 أشخاص، بينهم 93 جنديا متخصصين في الاتصالات والقنص والإلكترونيات.
لكن طائرة "لوكهيد كونستليشن" اختفت فوق المحيط الهادئ دون أن تترك أثرا، لتصبح واحدة من أكبر الألغاز الجوية في التاريخ.
ورغم مرور عقود من الزمن، لا تزال أسر الضحايا تكافح من أجل الاعتراف الرسمي بتضحياتهم، بينما تحيط الشكوك والفرضيات بسر اختفائهم الغامض.
مسار الرحلة
في 15 مارس/أذار 1962، كانت الولايات المتحدة تزيد من وجودها في فيتنام بهدوء، حيث أرسلت المستشارين والمعدات لدعم حكومة جنوب فيتنام ضد متمردي "الفيتكونغ". وفق ما طالعته "العين الإخبارية" في مجلة "فلاينج".
خلال ذلك، كانت الرحلة 739 التابعة لـ"خطوط النمر الطائر" في طريقها إلى سايغون، متوقفة في هونولولو و"ويك آيلاند" وغوام، لكنها لم تصل إلى وجهتها النهائية أبدا.
اختفت الطائرة قبل الوصول إلى محطة التوقف التالية في الفلبين، دون أن تترك أي أثر، مما جعلها واحدة من أكثر الألغاز الجوية غموضا خلال عقد كامل من الصراع.
وفي حين أن الوجهة النهائية للرحلة كانت معروفة، إلا أن سبب المهمة السرية لمن كانوا على متنها لا يزال لغزا بالنسبة لعائلاتهم.
تقول جينيفر كيرك، ابنة أخ أحد أفراد قوات رينجر الأمريكية الذي كان على متن الرحلة 739: "لا شيء، لا أثر لأي شيء على الإطلاق".
ورغم أن أفراد الطاقم والجنود فُقدوا أثناء تنفيذ مهمة عسكرية، لم تُدرج أسماؤهم في النصب التذكاري لقدامى محاربي فيتنام في واشنطن العاصمة، مما دفع عائلاتهم إلى المطالبة بإنصافهم.
وفي هذا الصدد، اعتبرت كيرك: "أنهم يُدفعون للنسيان، وهذا أمر غير مقبول."
رحلة الغموض والمأساة
كانت "خطوط النمر الطائر" شركة طيران أسسها طيارون أمريكيون خدموا في الحرب العالمية الثانية.
ومع توسع نشاطها، أصبحت تقدم خدمات الشحن العسكرية والتجارية، لكنها شهدت عاما كارثيا في 1962، حيث فقدت أربع طائرات، معظمها أثناء تنفيذ رحلات عسكرية.
في ليلة اختفاء الرحلة 739، أقلعت الطائرة من غوام وعلى متنها 11 فردا من الطاقم و96 راكبا، من بينهم جنود أمريكيون متخصصون في مهمات حساسة.
كان من بينهم الجندي دونالد سارجنت، الذي انضم للجيش بحثا عن حياة أفضل، وتم اختياره لاحقا لمهمة سرية من قبل الرئيس جون كينيدي نفسه، وفقا لما ذكرته عائلته.
تروي كيرك، ابنه أخ سارجنت "تم تكليفه بمهمة خاصة، اختاره (الرئيس) جون إف. كينيدي بنفسه".
كانت الطائرة تحمل وقودا يكفي لعشر ساعات طيران، لكن بعد ساعتين من الإقلاع، أرسل الطيار آخر إشارة تفيد بأن كل شيء يسير على ما يرام. وبعد ذلك... ساد الصمت. لم يتم تلقي أي نداء استغاثة، ولم يُعثر على أي حطام.
شهود يروون تفاصيل مخيفة
في الساعات التي تلت اختفاء الطائرة، أفاد طاقم ناقلة نفط أمريكية بأنهم شاهدوا انفجارا جويا هائلا بالقرب من مسار الطائرة المفترض.
ووفقا لتقرير "المنظمة الدولية للطيران المدني"، وصف الشهود المشهد بأنه "انفجار شديد السطوع مع نواة بيضاء محاطة بوهج برتقالي محمر، أعقبتهما أشياء تسقط في البحر".
أطلقت الولايات المتحدة واحدة من أكبر عمليات البحث في تاريخ الطيران، حيث غطت مساحة 200,000 ميل مربع بمشاركة 48 طائرة و8 سفن وأكثر من 1,300 شخص. ومع ذلك، لم يُعثر على أي دليل على مصير الطائرة أو ركابها.
نظريات ومؤامرات
مع عدم العثور على أي أثر، بدأت النظريات تتصاعد. ففي حين يعتقد البعض أن الطائرة تعرضت للتخريب، يظن آخرون أن ركابها ربما أُسروا أو نُقلوا إلى وجهة غير معروفة.
وحتى بعد مرور ستة عقود، لا تزال عائلات الركاب تعيش في حيرة وصدمة.
تقول كيرك: "بعض العائلات تعتقد أن الطائرة لم تتحطم، وأن ركابها ربما نجوا ولكن أُخفوا لسبب ما." لكن دون دليل مادي، يبقى هذا الاحتمال مجرد فرضية.