شبح تجميد النشاط يخيم على شركات الوساطة المالية في مصر
هناك قرابة 35 شركة سمسرة مهددة بوقف النشاط نتيجة تراجع الإيرادات وانخفاض قيم التداول في البورصة المصرية
تواجه قرابة 35 شركة وساطة مالية في البورصة المصرية مخاطر إيقاف النشاط نتيجة الأزمات المتلاحقة التي أدت لانخفاض أحجام التداول من مستوى 2 مليار جنيه في 2008 قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية إلى 300 – 400 مليون جنيه الآن في الجلسة الواحدة.
وتكافح شركات السمسرة للحفاظ على بقائها في مواجهة التراجع الملحوظ في الإيرادات بمعدل يصل إلى 50%، وتتمثل أوجه السياسات المتبعة لتخفيف الضغوط في إغلاق فروع واكتفاء بعضها بالمقر الرئيسي، وتنفيذ خطط خفض الرواتب، وتسريح عاملين، فضلاً عن اتجاه بعض الشركات لخفض رأس المال لمواجهة الخسائر.
وحاولت شركات السمسرة على مدار قرابة 5 أعوام منذ ثورة يناير 2011، استصدار قرارات من البورصة وهيئة الرقابة المالية ومصر للمقاصة لخفض الرسوم المسددة نظير خدمات العضوية والربط الإلكتروني لشاشات التداول، فضلاً عن محاولات خفض قيمة اشتراكات خدمات الإنترنت والعمل عن طريق مركز الطوارئ الذي توفره شركات خاصة.
ونجحت شركات الوساطة في الأوراق المالية الشهر الماضي في استصدار قرار من البورصة يقضي بخفض الأعباء التي تتحملها الشركات بنسبة 15% نظير الحصول على خدمات البورصة.
من جانبه، قال عوني عبدالعزيز -رئيس شعبة الأوراق المالية بالغرفة التجارية في القاهرة لـ"العين"-: إن شركات الوساطة المالية واجهت تحديات صعبة للغاية على مدار 8 سنوات منذ الأزمة العالمية حتى الآن، ما أدى إلى لجوء عدد من الشركات إلى شبه الإيقاف المؤقت للنشاط.
وحسب عبدالعزيز فإن الشركات تعرضت إلى تراجع الإيرادات بنسب تصل إلى 50% تحت وطأة انخفاض العمولات نتيجة تخارج عدد من المستثمرين من البورصة ونزوح استثمارات الأجانب لأسواق أخرى منذ ثورة يناير 2011.
وأضاف أنه يمكن رصد هذا التراجع عبر النظر إلى تطور أحجام التداول التي انخفضت من 2 مليار جنيه في 2008 إثر اندلاع الأزمة العالمية إلى ما يتراوح بين 300 - 400 مليون جنيه في الجلسة الواحدة حاليًا.
وأوضح رئيس شعبة الأوراق المالية أن إدارة البورصة المصرية حاولت مساندة شركات السمسرة عبر خفض مختلف الرسوم التي تحصل عليها بواقع 15% باستثناء الرسم السنوي المحدد بـ 5 آلاف جنيه.
وتابع عبدالعزيز: مع ذلك لا يمثل هذا القرار سوى تمضيد للجرح الذي أصاب شركات الوساطة، ولن يستطيع إيقاف نزيف الخسائر الذي تعاني منه الشركات.
وأوضح أن هذه الأوضاع أدت إلى تعرض قرابة 35 شركة وساطة الآن إلى حالة شبه الإيقاف، أي إغلاق الفروع وتسريح عاملين والاكتفاء بالمقر الرئيسي للحفاظ على مجرد التواجد في السوق.
وأرجع عبدالعزيز لجوء الشركات لشبه الإيقاف المؤقت بدلاً من تجميد النشاط مؤقتًا رسميًّا، إلى تطلب هذه الخطوة سداد تأمينات متأخرة وتسوية الضرائب، وهو أمر صعب للغاية لأن هناك نزاعات ضريبة لشركات السمسرة تعود إلى عام 2002، ما يحول دون استيفاء شروط التجميد الآن.
وهناك 150 شركة سمسرة مقيدة بسجلات الهيئة العامة للرقابة المالية، ينشط منها 134 شركة فقط.
وتكشف بيانات التداول الرسمية الصادرة عن البورصة خلال شهر يناير عن التحديات الصعبة التي تعيشها شركات السمسرة؛ حيث إن الشركات الـ 10 الكبار تستحوذ على 55.7% من قيمة التداول، في حين يقتسم 124 شركة نسبة 44.3% المتبقية.
ويعود ذلك إلى أن الشريحة الأكبر من شركات السمسرة في مصر هي مؤسسات عائلية، يتراوح رأسمالها بين 5-15 مليون جنيه فقط، ما يصعب منافستها لشركات السمسرة الكبيرة المملوكة لبنوك الاستثمار والبنوك التجارية.
وعن الحلول المطروحة أمام شركات الوساطة المالية للخروج من الأزمة، قال رئيس شعبة الأوراق المالية أن هناك حلولًا تقليدية لجأت الشركات إليها خلال السنوات الماضية؛ مثل إغلاق الفروع، وخفض الرواتب، وتسريح عاملين، وخفض اشتراكات خدمات الإنترنت ومركز الطوارئ.
وأشار إلى أن اندماج شركات الوساطة لتقليل النفقات أو بيع ترخيص النشاط إلى مؤسسات أخرى هو أحد الحلول المطروحة أمام الشركات.
وتابع عبدالعزيز: إن هناك حلًا آخر تقدمت به الجمعية المصرية للأوراق المالية لوزارة الاستثمار للموافقة على حصول شركات الوساطة على جزء من أرباح صندوق حماية المستثمر ضد المخاطر غير التجارية، لأن الشركات هي من تقوم بسداد اشتراكات العضوية في الصندوق.
وتجدر الإشارة إلى أن صندوق حماية المستثمر توقف العام الماضي عن صرف أرباح للأعضاء، ومنها شركات السمسرة بسبب إصدار إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق قرارًا في 2014 ينص على أن الصندوق غير هادف للربح، وهو ما فسرته هيئة الرقابة المالية بعدم جواز توزيع الصندوق أرباحًا على الأعضاء.
وحسب الجمعية المصرية للأوراق المالية فإن أموال صندوق حماية المستثمر بلغت نحو 1.5 مليار جنيه، ويحقق عوائد سنوية تصل إلى 150 مليون جنيه، فيما لم تتجاوز إجمالي قيمة التعويضات التي سددها الصندوق حاجز 40 مليون جنيه منذ التأسيس في 2004.
من جانبه، أكد محمد فتح الله -العضو المنتدب لشركة التوفيق للوساطة في الأوراق المالية، عضو مجلس إدارة شركة مصر للمقاصة والإيداع والحفظ المركزي لـ"العين"- أن شركات السمسرة باتت في موقف متأزم للغاية، ولا يوجد أمامها سوى حل عملي وحيد يتمثل في توزيع صندوق حماية المستثمر أرباحًا على أعضائه.
ولفت فتح الله إلى أن شركات السمسرة هي الملزمة بسداد رسوم اشتراك الصندوق نيابة عن المستثمرين، وهو ما يكسبها حق الحصول على نصيب من أرباح الصندوق على غرار ما كان يحدث لمدة 9 سنوات، قبل صدور قرار اعتبار الصندوق منشأة غير هادفة للربح في عام 2014.
وأضاف أن الشركات السمسرة اتجهت إلى خفض ميزانياتها في ظل تراجع الإيرادات، إذ لجأ عدد منها إلى إغلاق فروع، علاوة على تقليل مخصصات تطوير الخدمات والتدريب.
وتشير بيانات التداول إلى أن عدد المستثمرين النشطين في البورصة المصرية يتراوح بين 80 إلى 100 ألف مستثمر، من بين قرابة 500 ألف مستثمر يمتلك أكواد تداول في السوق المحلية.
ويأتي انخفاض عدد المستثمرين النشطين رغم استقبال بورصة مصر 4 طروحات ضخمة خلال عام 2015 بقيمة تدور حول 6.2 مليارات جنيه.
من جهته، قال شريف سامي -رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية لـبوابة "العين" الإخبارية-: إن الهيئة ليست لديها أي مانع في توزيع أرباح صندوق حماية المستثمر على الأعضاء من شركات السمسرة، وأمناء الحفظ وشركات إدارة الصناديق والمحافظ المالية، ولكن هذا القرار يتوقف على موافقة وزارة الاستثمار.
وشدد على أهمية وجود ضوابط للموافقة على طلبات شركات السمسرة بتجميد النشاط مؤقتًا للحفاظ على حقوق جميع الأطراف المرتبطة؛ مثل العاملين والبورصة والرقابة المالية ومصلحة الضرائب، وهيئة التأمينات والبنوك والجهة المُؤجرة للمقر الرئيسي وفروع الشركة.
وأشار سامي إلى أن سوق المال شهدت على مدار الأعوام الماضية حالات إيقاف مؤقتة لنشاط شركات السمسرة، وهو أفضل من إغلاقها تمامًا بهدف إتاحة الفرصة لإعادة مزاولة النشاط عند تحسن أداء السوق وارتفاع قيم التداول.
aXA6IDMuMTM4LjEyMS43OSA= جزيرة ام اند امز