ما بعد تسجيل 3 ملايين زائر"القاهرة للكتاب" نجاحات وانتقادات
شهدت أرض المعارض بمدينة نصر توافد 3 ملايين زائر وبيع ملايين النسخ وحفلات توقيع الكتب .
يمكن اعتبار الدورة السابعة والأربعين من معرض القاهرة الدولي للكتاب التي اختتمت الأربعاء، دورة ناجحة، رغم الكثير مما يمكن أن يوجه من ملاحظات وانتقادات عامة، بعضها يتكرر سنويًّا، انتهت فعاليات المعرض الأكبر والأضخم بين المعارض العربية، بعد أن تخطى عدد زواره 3 ملايين زائر (وفق الأرقام الرسمية الصادرة عن الجهة المنظمة)، وبمشاركة 850 ناشرًا من 34 دولة مقسمين إلى 50 ناشرًا أجنبيًّا و250 ناشرًا عربيًّا و550 ناشرًا مصريًّا، وحلت دولة البحرين ضيف شرف المعرض هذا العام، وكان شعاره الرئيسي "الثقافة في المواجهة"، وشخصية المعرض الكاتب الراحل "جمال الغيطاني".
15 يومًا شهدت خلالها أرض المعارض بمدينة نصر، بيع ملايين النسخ وزادت نسبة المبيعات 180%، وكانت حفلات توقيع الكتب الجديدة بالمئات ربما هي الأكبر في تاريخ المعارض العربية كلها! ضيوف من جميع أنحاء العالم، كتابًا وناشرين ومثقفين، فعاليات يومية متصلة من العاشرة صباحا وحتى الثامنة مساء، كرنفال كبير وضخم على شرف الكتاب ومحبيه وصناعه في مصر والعالم العربي.
«العين» استطلعت آراء كُتَّاب وناشرين وزوار حول معرض هذا العام، وتقييمهم له، خاصة بعد انتهاء فعالياته، والظواهر الأبرز التي استوقفتهم.
كثيرون يجدون أن سلبيات المعرض ما زالت ظاهرة ومعوقة للكثيرين عن الاستمتاع به كما يجب أن يكون .. محمود عبد الشكور، الناقد الأدبي والفني، كان له حضور بارز ومميز في معرض الكتاب هذا العام بمشاركته في بعض الفعاليات والندوات أو إدارته لبعضها، فضلًا عن صدور 3 كتب جديدة له في المعرض.
يقول عبد الشكور: "هل من المعقول أن يخرج جمهور معرض الكتاب وهو ينفض ملابسه من المعرض وكأنهم كانوا وسط الأنقاض وليس في زيارة أكبر منتدى للثقافة والإبداع في العالم العربي؟! من غير اللائق أبدًا أن يكون معرض الكتاب العريق في خيام تبللها الأمطار وتهزها الرياح ويمكن أن تسقط في أي وقت على الزوار والناشرين"، يضيف عبد الشكور: "لابد من تخصيص مكان مناسب ومتسع ونظيف فورًا وفي قلب المدينة أيضًا، هذا ما أراه وأقترحه؛ فالكتاب والثقافة أهم مليون مرة من أمور أخرى لا تستحق".
أما المترجمة والناقدة هبة شريف، رئيس المكتب الإقليمي لمؤسسة بروهيلفتسيا (المؤسسة الثقافية السويسرية) بالقاهرة وشمال إفريقيا، جاء تعليقها على معرض الكتاب يحمل تحليلًا ناقدًا وعميقًا، تقول شريف: "أفضل قاعة هي طبًعا القاعة الرئيسية وفيها جناح ضيف الشرف، وأيضا أجنحة العرض الرسمية للدول العربية والأجنبية والمؤسسات والمراكز الثقافية والوزارات... إلخ، فضلًا عن دار النشر الحكومية وهيئات وزارة الثقافة المصرية، وهي أيضًا التي تشتمل على قاعات الندوات التي تستضيف الفعاليات الثقافية في الطابق الثاني، وتبدو الأمور على السطح منظمة ومرتبة وغنية وسلم متحرك ورخام وموكيت، ومركز إعلامي ...إلخ، هذا ما يبدو ظاهريًّا على السطح، لكنك حين التعامل مع هذا الجناح وإدارة الندوات في القاعة الرسمية، ستلحظ فورًا "حالة الفوضى والارتباك" كمظهر لسوء الإدارة المنعكس بكل وضوح على التنظيم، ستجد ندوات تتغير مواعيدها في آخر لحظة، وقاعات تتغير في آخر لحظة، ولا تجد أحدًا يفيدك بمعلومة.
أحمد سعيد، 25 سنة، من زوار المعرض المواظبين عليه لسنوات، قال لـ "العين"، إن أهم ما استرعى انتباهه هذا العام الحشود الكبيرة على حفلات توقيع "وليد ديدا" أحد الكتاب الذين توزع أعمالهم بالآلاف، وله جمهور غفير خاصة بين الشرائح العمرية بين 13 و18 سنة، نسأله عن رأيه في هذه الظاهرة، فيقول: إنه "لا يمكن الجزم بأنها ظاهرة سلبية، لكنها تدل على فراغ يحتاج إلى جهود كبيرة لملئه، معنى أن يقبل الآلاف على مثل هذا النوع من الكتابة التي يراها كثيرون من قراء الأدب المحترفين أنها لا ترقى إلى أن تصنف كأدب، فهذا يؤكد أن أدوارًا كثيرة غائبة، من المؤسسات المعنية".
ويسأل سعيد: "أين المبادرات الحقيقية للحث على القراءة وإتاحة معارف وفنون أمام الشباب لتنمية ذائقتهم وصقل قدراتهم كي يتمكنوا من الفرز والاختيار على أسس صحيحة؟ للأسف غير موجودة".
مستوى بعض الإصدارات الضعيف هو ما صدم مي عبد الخالق (27 سنة) التي تعمل مساعدة بإحدى دور النشر المصرية. تقول عبد الخالف: إنها "لا تجد مبررًا لأن نرى في معرض دولي كمعرض القاهرة، إصدارات ضعيفة المتسوى وركيكة اللغة وتنتشر جماهيريًّا". تقول جملتها هذه وتعود تقرأ لنا بعض مقاطع من الكتاب الذي كان بيدها لتثبت وجهة نظرها، وتضيف "لا يمكن أن يكون إبداعًا أو حتى صالحًا للقراءة بأي شكل، لا أفهم كيف يتم الترويج لمثل هذه الأعمال في معرض الكتاب، تحت أي بند أو أي مسمى. تقول عبد الخالق -بانفعال ظاهر-: "ومن ضربات القدر في معرض هذا العام إن وليد ديدا يصدر كتابًا اسمه «روبابيكيا»؛ يعني تذهب إلى المكتبة وتمد يدك على الرف وتسحب كتابًا مكتوبًا على غلافه «روووبااابيكيااااا»)..
تقترح مي: "على خطى حملة المقاطعة اللي اتعملت علشان مذيعة ارتكبت جريمة انتهاك خصوصية البعض ونشرت ما لا يحق لها ان تنشره.. ليه بقى ما نعملش حملة مقاطعة لدور النشر اللي بتنشر إسفاف من عيّنة ديدا وأخواته!!".
على مستوى الفعاليات وتنظيم الأنشطة الثقافية، قالت الكاتبة والناقدة هويدا صالح، مسؤولة نشاط "ملتقى الشباب" بمعرض الكتاب: "انتهى المعرض بنجاح، وانتهت فعاليات ملتقى الشباب، الذي لم أبغِ منه سوى وجه الثقافة المصرية والعربية وحدها"، وتؤكد هويدا أنها حرصت على تمثيل جميع التيارات والتوجهات والأصوات في فعاليات نشاطها "لم أقصِ أحدًا، لم أستبعد أحدًا، من دعوته لأنني رأيت أنه مناسب لهذا التفاعل الثقافي، لم تتحكم في اختياراتي لا مصالح ولا عداوات، البعض تخلى عن ندوته، ربما لديه ظروف منعته، وربما تعمد، لا يهم، وجدت فورًا من ينقذ الموقف".
وتابعت صالح فيما يشبه كشف حساب ختامي عن فعاليات الملتقى: "استهدف الملتقى الشباب، سواء بطرح قضاياهم أو بجعلهم يتحدثون أو بحضورهم المدهش. لم تسقط مني ندوة، كل الندوات كانت ممتلئة وفيها تفاعل مدهش، ويدل على من يدعي أن الجمهور لا يريد ما هو جاد "مخطئ" تمامًا".
واختتمت صالح بقولها: "هناك أسماء شاركت حين طلبت منها ذلك رغم أن اسمها لم يكن في كتاب الفعاليات، فقط لأنها آمنت بالفعل الثقافي، لذا أشكر الأسماء المحترمة التي تقدمت للمشاركة في آخر لحظة. كما أشكر الدكتور محمد أبو الفضل بدران والمهندس أحمد بهاء الدين شعبان اللذين حضرا خصيصًا تكريمًا لمبادرات الشباب".
aXA6IDE4LjExNy45NC43NyA= جزيرة ام اند امز