"العين الإخبارية" تستحضر ذكريات الحرب.. شاهد على نصر أكتوبر يكشف فخ المزرعة الصينية
لم تكن مجرد حرب ولكنها كانت منعطفا دوّن فيه المصريون ذكرى نصر مجيد وأعطوا فيه درسا غيّر تكتيكات العالم ومفهوم النزاعات المباشرة فيه.
هكذا كانت -ولا تزال- حرب أكتوبر بميزان اللواء محمد زكي الألفي، أحد أبطالها المشاة، والشاهد الذي يستعرض ذكريات انتصارات شعب في يوبيلها الذهبي.
وفي السادس من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام يحتفل الشعب المصري بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة، والتي عبرت فيها القوات المصرية واستعادت الأراضي المحتلة عام 1973.
ذكريات بعيون شاهد
في مقابلة مع "العين الإخبارية" يستعيد اللواء محمد زكي الألفي، أحد أبطال المشاة في حرب أكتوبر، ذكرياته عن الحرب.
وقال إنه "رغم مرور نصف قرن على تلك الحرب، إلا أنها استعادت كرامة المصريين والوطن العربي"، لافتا إلى أن الشعب المصري وقف خلف قياداته في أحلك الظروف وأشدها في ذلك الوقت.
ويضيف الألفي أن حرب أكتوبر "أعطت درسا في مفاهيم الحروب خاصة للدول العظمى وتدخلاتها في بعض دول المنطقة العربية، مما غير تكتيكات والنظم العالمية للحرب بعد ذلك".
وكشف الألفي أن إنشاء القوة الرابعة في القوات المسلحة "الدفاع الجوي" بعد نكسة 67 كان لها الفضل الكبير في إعادة الروح المعنوية للجنود في ظل اختراقات الطيران الإسرائيلي المتعددة وقيامة بغارات جوية.
معركة قرية الجلاء
في معرض حديثه عن معارك سلاح المشاة الذي ينتمي إليه، أكد الألفي أنها "كانت في الطليعة بعد الضربة الجوية، وتتكون من الكتيبة 16 التي كان يقودها المقدم حسين طنطاوي رحمه الله. والكتيبة 17 كان يقودها المقدم علي هلال، وكانت مكلفة باقتحام النقاط الحصينة في خط بارليف لحظة العبور، وكتيبتنا 18".
وتابع: "كنت قائد سرية بالكتيبة 18 التابعة للواء 16 مشاة التابع بدوره للفرقة 16، حيث شاركت في معركة "قرية الجلاء"، وهي مزرعة تجريبية أنشئت في الخمسينيات، وعمل بها بعض الخبراء اليابانيون وكانت لهم كتابات على بعض الأماكن بها وظن الإسرائيليون أنها كتابة صينية ومن هنا أطلق عليها اسم المزرعة الصينية".
وشدد على أن "تلك المعركة كانت لها أهمية استراتيجية كبيرة، تنبع من منطلق أنه في حال تمكن العدو من الاقتحام منها والانتقال لغرب القناة، سيكون على مسافة 100 كيلو من القاهرة، كما أنه سيكون في نقطة مفصلية مهمة جدا ما بين الجيشين الميدانيين الثاني والثالث".
وأكمل أنه "في حال احتلال العدو للمنطقة، كان سيصبح كارت ضغط على مصر إذا تم وقف إطلاق النار أثناء الحرب، لأنها تقع بين الجيشين الثاني والثالث، ومن هنا كانت القيادة تولي أهمية قصوى للمزرعة الصينية، وما فعله جنودنا العظماء في الدفاع عن هذه المنطقة" معتبرا أنها ملحمة وبطولة كبيرة لا تنسى".
وبحسب الألفي، فإنه "من أصعب المواجهة المباشرة كانت مع مدرعة من مدرعات العدو الذي حاول اقتحام الحد الأمامي للدفاعات في مواجهة مباشرة، بغرض بث الرعب والقضاء على الضباط والجنود المصريين الأبطال".
مستدركا: "ولكن نظرا لارتكاز موقعي الدفاعي على ترعة جافة، شكلت مانعا لتلك المدرعة التي كانت تحمل 10 جنود من جنود المظلات الإسرائيلي".
بالمقابلة نفسها، تطرق الألفي إلى ذكرياته حول الفريق عبدرب النبي الذي كان قائد الفرقة الـ16 مشاة التابعة للجيش الثاني الميداني خلال حرب 1973.
وقال إن "الموقع الذي كانت ترتكز فيه خطير جدا لدرجة أن الرئيس الراحل أنور السادات والفريق محمد صادق وزير الحربية قاما بأكثر من زيارة للمكان لإعطائنا الإحساس بأهمية المكان للجنود".
وأوضح أن "الدفرسوار تأتي أهميته كمكان لقربه من القاهرة ويمكن الانطلاق منه إلى مدن القناة وكانت تخصص له قوة فرقة كاملة أي حوالي 300 دبابة لمواجهة أي اعتداء من جهته".
وثغرة الدفرسوار، أو الثغرة، هو المصطلح الذي أطلق على حادثة أدت لتعقيد مسار الأحداث في حرب أكتوبر، كانت في نهاية الحرب، حين تمكن الجيش الإسرائيلي من تطويق الجيش الثالث الميداني من خلال ما عرف بثغرة الدفرسوار، وكانت بين الجيشين الثاني والثالث الميداني امتدادا بالضفة الشرقية لقناة السويس.
وأكد الألفي أن "الكتيبة 18 استطاعت بالفعل صد العدو في الدفرسوار عند قرية الجلاء وأدارت معركة دفاعية قوية وتم تدمير العشرات من الدبابات".
وتحدث بشكل خاص عن "الرائد نوارين الباسل الذي استطاع وحده تدمير أكثر من 20 دبابة والرائد محمد الشافعي عطية الذي قاتل في نفس المعركة يومي 15 و16 أكتوبر ودمر 16 دبابة وأسر 10 جنود".
كما لم ينس "الرائد أحمد إبراهيم كحيل قائد السرية الثانية الذي دمر 4 دبابات وأصيب في أذنه ولم يترك موقعه رغم الإصابة الشديدة التي تركت أثرا عليه وهذا الفعل أوضح للعالم أجمع قوة الجندي المصري في المعركة وكونه نموذجا لبسالة الفرد المقاتل في مواجهة الدبابة".
وحول الوثائق الإسرائيلية الحديثة حول الحرب، أوضح أن الكتابات التي تشكك في نصر أكتوبر "غير وطنية"، معربا عن "أمانيه لو أن المشككين عاصروا القتال والضرب والإصرار في كل موقف واقتحام لكسر العدو، وضخامة الدعم الذي تلقاه العدو، والشهداء والمصابين الذين عادوا دون أجزاء من جسدهم".
وتساءل: "كيف يكون هذا انتصارا منقوصا؟"، قبل أن يتابع: "تعودنا على تلك الحرب النفسية للنيل من الرموز ونشر الشائعات منذ (الرئيس المصري الراحل) جمال عبدالناصر عندما كانت الإذاعات الأجنبية موجهة ضد مصر لتغيير الحقائق والتقليل من مكانتها".