بعد السبعة العجاف.. خبير ملاحي يوضح "سر إنجاز" قناة السويس
بعد 7 أيام عجاف، عامت السفينة الجانحة "إيفر جيفن" وتنفس اقتصاد العالم، ليثبت المصريون أن الإنجاز والتحدي أحد أهم سماتهم بالأوقات الصعبة.
في مهمة وصفت بـ"المستحيلة"، واصل عمال وفنيون مصريون الليل بالنهار في سبيل إعادة تعويم السفينة الأضخم في العالم وطمأنة الجميع حول شريان العالم، حيث بات الجميع من أقصى الأرض إلى أقصاها يتابع الأزمة لحظة بلحظة.
المصريون الذين ضحوا بأرواحهم خلال حفر القناة في القرن الثامن عشر ليقربوا شرق العالم من غربه تفانوا وصبروا وجلدوا فلم يضيع الله جهدهم.
كل هذا قابله سموم مغلفة بالكوميديا الخفيفة لتثبيط عزيمة أبناء النيل، حيث راح أهل الشر يسخرون ويشككون في المعدات والخبرات المصرية.
صوت الشامتين لم يكن مسموعا لديهم، فهم يواصلون الليل بالنهار لأجل هدف واحد رفعة اسم بلادهم وإنهاء التجلط البحري الطارئ في قناة السويس غير آبهين بدعاية الشر.
فلأول مرة في العالم، يتم تعويم سفينة جانحة دون تفريغ حمولتها، وفق رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع.
وعلى قدر نياتهم رزقوا، فباتوا مشاهير حيث انتشرت صورهم على منصات التواصل الاجتماعي وتوالت عليهم التهنئة والثناء من داخل مصر وخارجها وتصدروا صفحات الجرائد بعد إنجاز مهمتهم على أكمل وجه.
فبالإدارة الواعية للأزمة والخبرة والكفاءة والعزيمة تمكن رجال القناة من تعويم أضخم سفينة بالعالم بعد أن تحدثت صحف وقنوات عالمية عن أنه في حال لم تحل القاهرة الأزمة فإنه من الممكن الاستعانة بخبرات دول أجنبية لكن المصريين كان لهم رأي آخر واستؤنفت حركة الملاحة في الممر المائي من جديد.
إنجاز كبير
اللواء بحري نادر درويش، الخبير البحري في الحوادث البحرية بوزارة العدل المصرية والمرشد السابق بقناة السويس، وصف عملية التعويم بـ"الإنجاز الكبير".
وأضاف درويش، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية": "تمكنت مصر بخبرة رجال القناة من تحقيق إنجاز تحدثت عنه صحف العالم".
وتحدث "درويش" عن التحديات والصعوبات التي واجهت الخبراء والمتخصصين في الملاحة من أجل تحريك السفينة الجانحة.
وقال إن عملية تعويم السفينة من جديد كانت "معقدة وصعبة للغاية"، وهو ما أرجعه إلى "طبيعة السفينة كسفينة حاويات وحمولتها، حيث إن الحاويات تحتاج لرصيف معين ومعدات لرفعها، علاوة على الطين المتشابك والمتماسك فى جسد المركب، وكذلك جنوح السفينة بشكل كبير جدا من مقدمتها، فأصبحت العملية مستحيلة لشدها بالقاطرات".
كيف تمت المهمة؟
وأبرز أنه مما زاد من صعوبة عملية تعويم السفينة؛ القيام بعملية الخلخلة والتكريك تلك دون أن يتأثر المركب خاصة في الجزء الخلفي ويشمل الرفاس والدفة، مشيرا إلى أنه ما لم تتم عملية الخلخلة بحرفية شديدة فإن الجزء الخلفي للمركب سيتأثر وبالتالي التوقف عن الإبحار.
وأوضح الخبير البحري أن الحل تمثل في "خلخلة التربة المتماسكة من أسفل السفينة من جميع النواحي، والأطراف بواسطة كراكات متخصصة، تمهيدا لسحب الطين للخارج، حيث تمكنوا من خلخلة المركب وشده".
ولفت خبير الحوادث البحرية إلى أن "القاطرة هي سفينة ذات قدرة عالية على الدفع، أو شد المركب، هي التي قامت بعملية الخلخلة، بالإضافة للكراكات التي زادت العمق وخلخلة التربة، حتى تطفو السفينة ويتم تعويمها".
وحول السيناريو الذي تحدثت عنه بعض الصحف حول تخفيف حمولة السفينة حتى تطفو، ثم تحريكها، قال درويش: "هذا السيناريو كان من الوارد العمل به إذا كنا أمام سفينة بترول مثلا، لكننا هنا كنا بصدد سفينة حاويات، ويستلزم تخفيف حمولتها أجهزة ومعدات خاصة فضلا عن رصيف مجهز وهو ما لم يتوافر".
ونبه إلى أن "الحادث كانت له ظروف خاصة جدا، بسبب جنوح سفينة عملاقة تحمل نحو 20 ألف حاوية وطولها 400 متر وهي تعتبر من أطول السفن، وغاطسها كبير".
وتابع: "كنا أمام حدث كبير كان له تأثيره على أهم ممر ملاحي دولي، وله تأثيره على التجارة العالمية، وبالتالي أنظار العالم تتجه لمصر، ومن هنا أظهر الحادث أهمية قناة السويس بالنسبة للتجارة العالمية، ومدى تأثيرها عليه".
وحمل خبير النقل البحري "ربان السفينة" مسؤولية ما حدث.
وأكد درويش أنه من الدروس المستفادة من الحادث أنه سيتم تزويد القناة بمزيد من أدوات الإنقاذ، وأبرزها قاطرات ذات قدرة شد عالية أكبر من تلك الموجودة حاليا.
aXA6IDE4LjE5MS4yMDAuMjIzIA==
جزيرة ام اند امز