الحواجز السياسية تضيِّع على المغرب العربي فرص نمو الاقتصاد
خلافات السياسيات ضيَّعت على المغرب العربي عقدين من الزمن كان يمكن فيهما تحفيز النمو الاقتصادي عبر الاندماج وفتح السوق
بدأت تعلو أصوات سياسية في الجزائر والمغرب مطالبة بفتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ أكثر من 20 سنة، في وقت تشير حسابات الاقتصاديين إلى أن التبادل التجاري بين دول المغرب العربي يعد ضعيفًا جدًا بسبب الحواجز التي تفرضها السياسة.
طالب حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض في الجزائر، بـ"إعادة الاعتبار لاتحاد دول شمال إفريقيا كما كان يتطلع إليه قادة الحركات التحررية"، وذلك بفتح الحدود بين الجزائر والمغرب لأن استمرار الغلق لا يصبّ في مصلحة الشعبين.
الاقتصاد يكسر "طابو" السياسة
وجاء طلب الحزب في تجمع حاشد نظمه بالعاصمة الجزائرية، يوم 13 فبراير شباط، معلّلا بمعطيات اقتصادية لأن "فتح الحدود يؤدي إلى تحفيز القدرة التنافسية وتعزيز النقاش الحر، ويجعل من المواطن سيد الموقف والحاكم الوحيد للحياة العامة".
وبات يتقاسم هذا الموقف في الجزائر عدة أطراف سياسية ترى في فتح الحدود فرصة للتكامل الاقتصادي بين البلدين وإيذانًا ببدء بناء المغرب العربي الذي يظل متعثرًا بسبب خلافات الجارين الجزائري والمغربي رغم إطلاقه في سنة 1989، بين خمس دول هي الجزائر والمغرب وتونس وليبيا ومويتانيا.
وعلى الجانب المغربي، يثار هذا المطلب عند أعلى السلطات في المملكة، إذ سبق للعاهل المغربي محمد السادس نفسه أن طالب في عدة خطابات له بفتح الحدود، وكذلك فعل رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران في عدة مناسبات آخرها في البرلمان المغربي.
لكن هذه الدعوات كانت تلقى في كل مرة آذانًا صمّاء من الجانب الجزائري، بحجة أن غلق الحدود كان قرارًا مغربيًا أحاديًا الجانب اتخذ سنة 1994 بسبب اتهامات للجزائر بالضلوع في عملية إرهابية مسّت إحدى فنادق مراكش، وهو القرار الذي ردت عليه الجزائر بالمثل ولم تراجع موقفها فيه منذ ذلك الحين.
الاقتصاد المغاربي يمثل 0.6% من الناتج العالمي
ويشير الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول، إلى المساهمة الضعيفة التي تمثلها منطقة المغرب العربي في الاقتصاد العالمي، قائلا: "مجموع الناتج المحلي الخام في دول المنطقة مجتمعة يساوي 444 مليار دولار لعدد سكان يقدر بـ93 مليون نسمة، وهو لا يمثل سوى 0.60 % من الناتج العالمي".
وبحسب الخبير، فإن أرقام البنك الدولي، تشير إلى أن المغرب العربي يضيّع على نفسه نقطتين إلى 3 نقاط من نسب النمو سنويًا بسبب عدم الاندماج الاقتصادي، دون احتساب الآثار غير المباشرة لهذا الواقع في حال استمراره طويلا خاصة في الجوانب الاجتماعية والأمنية.
ويوضح مبتول في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية أن "عجز الدول المغاربية عن إيجاد تصور للاندماج الاقتصادي فوّت عليها فرصا كبيرة"، وضرب مثالا بحالة الجزائر مع المغرب قائلا: "كان يمكن للبلدين أن يجعلا من ثرواتهما الباطنية فرصة لدفع النمو، فالجزائر تملك الغاز والمغرب لديه الفوسفات، وبإمكان الشراكة بينهما أن تحول المنطقة إلى قطب عالمي للإنتاج".
ويقترح مبتول مستقبلا بعد إزالة عوائق السياسة إنشاء بنوك مغاربية للاستثمار، والتفكير في عملة موحدة وبنك مركزي مغاربي وبورصة مشتركة، من أجل دعم المشروعات في المغرب العربي وجعله منطقة مستقطبة للاستثمارات الأجنبية.
حجم التجارة بين الجزائر وتونس لا يتعدى 1.5 مليار دولار
وعلى الجانب الجزائري التونسي، يوضح وزير الاستشراف الجزائري السابق بشير مصيطفى، أن "العلاقات التجارية بين تونس والجزائر زادت بنسبة 80 بالمائة بعد توقيع اتفاق الأفضليات التجارية العام 2008 ولكنها ضعيفة من حيث الحجم حيث لم تتعد 1.5 مليار دولار العام 2014 منها نصف مليار دولار خارج قطاع المحروقات" .
ويشير مصيطفى في محاضرة له ألقاها في الملتقى المغاربي الثاني الذي نظمته جمعية بحوث ودراسات المغرب العربي بتونس، بأن هبوط مداخيل النفط في الجزائر وتراجع السياحة في تونس يمثلان فرصة تاريخية للبلدين لإطلاق منظومة اندماج تتعدى انسياب التجارة إلى توحيد السياسات الاقتصادية".
ويؤدي توحيد السياسيات الاقتصادية، وفق الوزير السابق، إلى "تسريع عملية تنويع الاقتصاد وتطبيق اليقظة الاستراتيجية على القطاعات ضعيفة النمو وعلى رأسها قطاعات المستقبل أي الطاقات الخالية من الكربون وقطاعات الصناعة والصناعات الفلاحية والموارد البشرية والبحث العلمي واقتصاديات المعلومات والمعرفة".
ويقترح مصيطفى لهذه الغاية، إطلاق معهد جزائري تونسي لدراسات النمو من شأنه رسم السياسات الاقتصادية المواتية للمرحلة القادمة، أي مرحلة نهاية عصر النفط بالنسبة للجزائر ومرحلة العجز في الموازنة بالنسبة لتونس.
aXA6IDMuMTQ0LjExNi4xOTUg جزيرة ام اند امز