قمتان منتظرتان.. سفينة القمم الخليجية ترسو في المحطة الـ70
يعقد قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، اليوم الجمعة، قمتهم الاعتيادية الـ43 في العاصمة السعودية الرياض.
وتحمل تلك القمة أهمية خاصة كونها تأتي من بين 3 قمم دولية تستضيفها السعودية في اليوم نفسه، ويشارك فيها قادة دول الخليج أيضا، هي القمة الخليجية الصينية الأولى، والقمة العربية الصينية الأولى.
وبعقد القمة الخليجية الـ43 والقمة الخليجية الصينية الأولى، ترتفع عدد القمم الخليجية إلى 70 قمة منذ أول قمة خليجية عقدت في العاصمة الإماراتية أبوظبي في مايو/أيار 1981.
أيضا بعقد هاتين القمتين يرتفع عدد القمم الخليجية التي تم عقدها على مدار 5 شهور إلى 3 قمم، بعد عقد القمة الخليجية العربية الأمريكية (قمة جدة للأمن والتنمية ) في 16 يوليو/تموز الماضي، وهو أكبر عدد من القمم يعقد خلال تلك الفترة القصيرة في تاريخ مجلس التعاون الخليجي.
وتجري تلك القمم بالتزامن مع زيارة يجريها الرئيس الصيني شي جين بينغ للسعودية خلال الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وشهدت مسيرة القمم الخليجية منذ تأسيسها انعقاد 42 قمة اعتيادية، بالإضافة إلى قمة الجمعة الـ43، و17 قمة تشاورية.
كما تم عقد 4 قمم استثنائية و4 قمم خليجية أمريكية (بينها قمة مشتركة حيث حملت إحدى القمم صفة استثنائية)، إضافة إلى قمة خليجية مغربية بالرياض، وقمة خليجية بريطانية بالمنامة.
43 قمة اعتيادية
والقمة الخليجية الـ43 هي خامس قمة اعتيادية تستضيفها السعودية على التوالي، وهذه سابقة هي الأولى في تاريخ مجلس التعاون منذ تأسيسه عام 1981، حيث تستضيف فيها إحدى الدول 5 قمم متتالية.
وتترأس سلطنة عمان الدورة الحالية للمجلس التعاون الخليجي، فيما ستعقد القمة في الرياض، بعد تعديل أصبح يسمح لدولة الرئاسة (سلطنة عمان في تلك الدورة) بأن تُعقَد القمة في دولة المقر، وهو إجراء تم الاتفاق عليه خلال القمة الخليجية الـ37 التي عقدت بمملكة البحرين عام 2016.
وفي قمة الرياض 2015، تم التوجيه بالاستمرار في مواصلة الجهود للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتبني رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لتعزيز التكامل بين دول المجلس والعمل الجماعي المشترك، وإقرار إمكانية الاتفاق بين عدد من الدول الأعضاء على أي إجراءات تكاملية تراها.
وتعد قمة الجمعة هي القمة الاعتيادية الـ43 منذ نشأة مجلس التعاون، حيث عٌقدت 12 قمة في السعودية بما فيها قمة اليوم، و7 في الكويت و7 في البحرين و6 في دولة الإمارات، و6 في قطر و5 في سلطنة عمان.
ولعل أبرز تلك القمم هي أول قمة خليجية والتي عقدت في أبوظبي في مايو/أيار 1981، بدعوة من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واتفق خلالها قادة دول الخليج رسمیا على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وخلال نفس القمة، قام قادة دول الخليج بالتوقيع على النظام الأساسي للمجلس الذي يهدف إلى تطوير التعاون بين هذه الدول، واتفقوا على أن تكون مدينة الرياض بالسعودية مقرا دائما للمجلس.
فيما عقدت ثاني قمة بالرياض في نوفمبر/تشرين الثاني 1981، وتعد أسرع قمة اعتيادية في تاريخ انعقاد القمم الخليجية، إذ عقدت بعد 5 أشهر فقط من انعقاد قمة أبوظبي، وتم خلالها الموافقة على الاتفاقية الاقتصادية، بهدف إزالة الحواجز بين الدول الأعضاء وتقوية الترابط بين شعوب المنطقة.
ومن القمم الهامة أيضا، قمة أبوظبي عام 1998، والتي تم خلالها الاتفاق على عقد لقاء تشاوري نصف سنوي لقادة دول مجلس التعاون فيما بين القمتين السابقة واللاحقة، وتم اعتماد قرارات تطوير قوة درع الجزيرة.
كما جدد قادة دول الخليج تأكيدهم على سيادة دولة الإمارات على جزرها الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، ودعمهم المطلق لكل الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها لاستعادة سـيادتها على هذه الجزر، وطالبوا الحكومة الإيرانية بإنهاء احتلالها للجزر الثلاث.
وجاءت قمة المنامة في ديسمبر/كانون الأول 2004 بعد نحو شهر من وفاة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتم إطلاق اسم (قمة زايد) عليها، تقديرا لدور الفقيد الراحل في تعزيز مسيرة مجلس التعاون وإسهامه الكبير في تأسيسه.
أيضا تعد قمة الرياض 2011 من القمم الهامة في تاريخ مجلس التعاون، وشهدت ترحيب قادة دول مجلس التعاون بالاقتراح المقدم من العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، ووجهوا بتشكيل هيئة متخصصة لدراسة المقترح.
كما تم الاتفاق على اعتماد الهوية الشخصية كإثبات هوية لمواطني دول المجلس في القطاعين العام والخاص في جميع الدول الأعضاء، واعتماد القواعد الموحدة لإدراج الأوراق المالية في الأسواق المالية بدول المجلس.
وفي 2013، شهدت قمة الكويت الموافقة على إنشاء القيادة العسكرية الموحدة لدول المجلس، وتكليف مجلس الدفاع المشترك باتخاذ ما يلزم من إجراءات للبدء في تفعيلها.
أما قمة الكويت 2017 فأكدت أهمية عدم تغيير الوضع القانوني أو السياسي أو الدبلوماسي لمدينة القدس، وأن أي تغيير في هذا الوضع ستكون تداعياته بالغة الخطورة، وسيفضي إلى مزيد من التعقيدات على النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي ومفاوضات الحل النهائي.
وخلال قمة الرياض 2018، أبدى قادة دول الخليج ارتياحهم لما تم إحرازه من تقدم في تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز العمل الخليجي المشترك، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـ36 في ديسمبر/كانون الأول 2015.
كما أعرب قادة الخليج عن رفضهم التام لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة، وإدانتهم جميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها طهران.
قمة الرياض 2019، عقدت برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، فيما ترأست دولة الإمارات الدورة الأربعين لمجلس التعاون الخليجي.
وصدر عن القمة الخليجية بيان ختامي مطول من 91 بندا، تضمن رؤية دول الخليج لتعزيز العمل المشترك ومواقفها من مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وفي البيان، أكد قادة دول الخليج حرصهم على "قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون ووحدة الصف بين أعضائه"، مشددين "على وقوف دولهم صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس".
وتم خلال تلك القمة الإعلان عن تعيين الدكتور نايف بن فلاح بن مبارك الحجرف، من دولة الكويت، أميناً عاماً لمجلس التعاون.
وكانت دولة الإمارات أسست خلال رئاستها الدورة الـ40 لمجلس التعاون على مدار عام 2020، التي تزامنت مع العام الأول لانتشار جائحة كورونا، أسسا وقواعد لقيادة المجلس في تلك الظروف، كانت محل تقدير وإشادة دائمين.
ورغم انتشار جائحة كورونا، قادت دولة الإمارات خلال ترؤسها تلك الدورة أكثر من 733 اجتماعا خليجيا، معظمها عبر تقنية الاتصال المرئي، لمواجهة الفيروس وتداعياته على دول مجلس التعاون، وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك.
المصالحة في العلا
وشهدت القمة الخليجية الـ41 التي أقيمت في محافظة العلا غربي السعودية في 5 يناير/كانون الثاني 2021، رأب الصدع الخليجي، وطي صفحة الخلاف بين قطر من جانب ودول الرباعي العربي (السعودية والإمارات والبحرين ومصر ) من جانب آخر.
فيما اختتمت القمة الخليجية الـ42 التي عقدت بالعاصمة السعودية الرياض في ديسمبر/كانون الأول 2021، بإصدار بيان ختامي مطول من 72 بندا، وإعلان مقتضب حمل اسم "إعلان الرياض".
وتضمن البيان الختامي المطول رؤية دول الخليج لتعزيز مسيرة التعاون في مختلف المجالات ومواقفها من مختلف القضايا العربية والدولية. كما تركزت بنود "إعلان الرياض" على تعزيز مسيرة التضامن الخليجي، ليكون بمثابة خارطة طريق شاملة لتحقيق التكامل وتوحيد صف دول المجلس.
17 قمة تشاورية
منذ أن أقر قادة دول مجلس التعاون الخليجي في قمة أبوظبي 1998 عقد لقاء تشاوري نصف سنوي لقادة دول مجلس التعاون، تم عقد 17 قمة تشاورية.
آخر تلك القمم عقدت في الرياض في 21 مايو/أيار 2017، وجرى خلالها بحث مسيرة العمل الخليجي المشترك في الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية كافة، سعيا لتحقيق المزيد من طموحات أبناء دول المجلس في التعاون والتلاحم والتقدم.
4 قمم استثنائية
في المقابل، عقدت 4 قمم خليجية استثنائية استضافتها جميعا السعودية، (3 في الرياض ورابعة في مكة)، ومن بين تلك القمم قمة خليجية أمريكية عقدت في مايو/أيار 2017 حملت أيضا طابع الاستثنائية.
فيما تعد قمة الرياض الاستثنائية يناير/كانون الثاني 2009 أول قمة خليجية طارئة، وتم خلالها بحث مجمل قضايا المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وشهد يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014 القمة الخليجية الطارئة الثانية، بدعوة من العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
واحتضنت مكة المكرمة في 30 مايو/أيار 2019، قمة خليجية طارئة، بدعوة من الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وذلك بالتزامن مع قمتين أخريين، إحداهما عربية طارئة وإسلامية عادية لبحث التداعيات الخطيرة للهجوم الذي قامت به مليشيات الحوثي الإرهابية على محطتي ضخ نفط بالسعودية في 14 من الشهر نفسه، وما قامت به من اعتداء على 4 سفن تجارية بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الإمارات قبلها بيومين.
وأدان البيان الختامي للقمة الخليجية الطارئة تلك الهجمات، وأكد تضامن دول المجلس مع السعودية ودولة الإمارات وتأييد ودعم كل الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدولتان لحماية أمنهما واستقرارهما وسلامة أراضيهما.
القمم الخليجية الأمريكية
4 قمم خليجية أمريكية عقدت منذ نشأة مجلس التعاون الخليجية، إحداها استثنائية، كانت الأولى في منتجع كامب ديفيد في مايو/أيار 2015.
أما القمة الخليجية الأمريكية الثانية فعقدت في 21 أبريل/نيسان 2016 بالرياض، وأكدت الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والتي تهدف إلى تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار للمنطقة.
أما القمة الثالثة فعقدت في الرياض في 21 مايو/أيار 2017، وهي القمة الخليجية الأمريكية الأولى التي حملت صفة استثنائية، وعقدت بناء على دعوة من الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وشارك فيها قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب.
أما القمة الرابعة فهي قمة جدة للأمن والتنمية التي شارك فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن وقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأردن ومصر والعراق في 16 يوليو/تموز الماضي.
وأكد القادة خلال مشاركتهم في القمة "رؤيتهم المشتركة لمنطقة يسودها السلام والازدهار، وما يتطلبه ذلك من أهمية اتخاذ جميع التدابير اللازمة في سبيل حفظ أمن المنطقة واستقرارها، وتطوير سبل التعاون والتكامل بين دولها، والتصدي المشترك للتحديات التي تواجهها، والالتزام بقواعد حسن الجوار والاحترام المتبادل واحترام السيادة والسلامة الإقليمية".
قمة مغربية وأخرى بريطانية
وإضافة إلى القمم السابقة، عقدت قمة خليجية مغربية في الرياض يوم 20 أبريل/نيسان 2016، وأكدت أن دول مجلس التعاون ومملكة المغرب تشكل تكتلا استراتيجيا موحدا، حيث إن ما يَمُسُّ أمن إحداها يمس أمن الدول الأخرى.
كما عقدت القمة الخليجية البريطانية بالتزامن مع القمة الخليجية في المنامة يومي 6 و7 ديسمبر/كانون الأول 2016، واتفق القادة في البيان الختامي للقمة على إطلاق الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة لتعزيز علاقات أوثق في المجالات كافة.
أول قمة عربية صينية
وبالتزامن مع القمة الخليجية الـ43 ستنطلق "قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية"، والتي تعد أول قمة صينية خليجية.
وأكد الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية هي أول قمة خليجية صينية، وتأتي استكمالاً للعلاقات التاريخية بين دول مجلس التعاون والصين.
وأكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أهمية العلاقات الخليجية-الصينية، لافتا إلى أن الصين تعد الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون كما أن مجالات التعاون المستقبلية كبيرة جداً.
وأوضح أن هناك رغبة متبادلة لتطوير العلاقات لما يخدم المصالح المشتركة ويعزز التعاون في المجالات الاقتصادية والتنموية والتجارية وغيرها.