هناك جانب إيجابى وحيد فى القرار الغريب لغرفة صناعة الإعلام بوقف برنامج «ممكن» للإعلامى المتميز خيرى رمضان
هناك جانب إيجابى وحيد فى القرار الغريب لغرفة صناعة الإعلام بوقف برنامج «ممكن» للإعلامى المتميز خيرى رمضان على قناة سى. بى. سى بتهمة اساءة احد ضيوف البرنامج إلى نساء الصعيد.
هذا الجانب هو أن الغرفة ستكون مضطرة لتطبيق هذا المعيار ــ الذى أوقفت به برنامج خيرى ــ على جميع الإعلاميين المنفلتين الذين يمارسون ما هو أخطر من الإرهاب والبلطجة فى كل مساء، وصاروا أخطر على أخلاق وقيم ومزاج وسمعة المصريين من كل قادة داعش والقاعدة والإخوان والسلفيين مجتمعين.
أحترم قرار غرفة الإعلام، لكن هناك عشرات الأسئلة التى ينبغى أن يجيب عنها من اتخذ القرار.
أولها: إذا كنم أوقفتم خيرى رمضان لأن أحد ضيوفه قال رأيا أو كلاما خاطئا، فما هى مسئولية المذيع عن آراء ضيوفه وإذا افترضنا أنه هو المسئول وليس فريق إعداده، فهل سيقوم المذيع بتلقين ضيوفه ما يقال وما لا يقال؟!
ثانيا: إذا تجاوز الضيف وخرج على النص، وقام المذيع برده ووقفه وتصحيحه بل والاعتذار العلنى من المذيع والمحطة، أليس ذلك كافيا أم يجب أن يقوم بوقف الحلقة فورا وطرد الضيف؟!.
ثالثا: ألا يكفى أن تتم محاسبته ومقاضاة الضيف صاحب التجاوز، باعتباره يعبر عن آرائه؟!
رابعا: وهذا هو الأهم، وبغض النظر عن هل أخطأ خيرى رمضان أم لا، فإن السؤال هو: إذا طبقنا هذه القاعدة على خيرى، فهل سنضمن فعلا تطبيقها على جميع الحالات فى الفضائيات التى تقع تحت ولاية الغرفة؟!
غالبية الذين علقوا على الموضوع استغربوا أن يكون أول تطبيق جدى من نصيب خيرى رمضان.
شهادتى فى خيرى رمضان مجروحة لأنه زميل وصديق عزيز منذ زمن طويل.
خيرى من الإعلاميين القلائل الذين يلتزمون إلى حد كبير بأكبر قدر من الآداب والقواعد المهنية. وإذا قورن بغالبية نجوم المهنة الآن فإنه سيبدو ملاكا مقارنة بما نسمعه ونراه من ألفاظ يخجل منها إبليس شخصيا، بل ويبدو الشيطان فى أسوأ صورة شخصا شديد التهذيب.
فى حلقات رمضان مساحة واسعة من النقاش الموضوعى إلى حد كبير، ووجود لمعظم وجهات النظر، بل إنه يعطى مساحة واسعة ومعتبرة لكل ضيف ليعبر عن رأيه، مقارنة ببعض الإعلاميين الذين يتحدثون أكثر كثيرا من الضيوف أنفسهم، ثم ان خيرى رمضان مهذب جدا على المستوى الشخصى وهو ما ينعكس على أدائه.
فى تقديرى قد يكون خيرى أخطأ قليلا حينما لم يردع ضيفه المنفلت الذى أساء كثيرا لنساء الصعيد، وتحدث بمنطق غريب من دون وعى كامل مثلا بالموضوع سواء من الناحية الاجتماعية والواقعية، او الدراسات الميدانية.
أنا كمواطن صعيدى شعرت بالغضب، لكن فى نفس الوقت أرى ضرورة مناقشة أى موضوع مهما كان فى إطار علمى منضبط وبواسطة خبراء متخصصين، وليس لكل من هب ودب، وربما تكون نوعية الضيوف تلعب دورا مهما فى هذا الصدد.
أخيرا ربما يكون خيرى رمضان وضيفه قد قدما لنا خدمة جليلة من دون تخطيط مسبق، وربما يكون قرار غرفة الإعلام المتسرع، سوف يساعدنا أيضا على مطالبة الغرفة بالتطبيق الفورى على أى نماذج متشابهة، آملين فى صدور قانون الإعلام الموحد حتى تكون هناك محاسبة فورية وعادلة.
على الغرفة أن تدرك أن الجميع سوف يجلس أمام الشاشات متربصا ويحسب كل شاردة وواردة لكل ضيف ولكل مذيع، خاصة المنفلتين منهم، وسوف يسارعون إلى سؤال الغرفة، لماذا تركتم هذا الكلام يمر. لن نسأل عما سبق، لأنه كان «مولد وصاحبه غايب» الآن وجدنا صاحب المولد، فليمارس عمله حتى النهاية، وعلى الجميع.
*ينشر هذا المقال بالتزامن في جريدة الشروق المصرية وبوابة العين الالكترونية*
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة