"إندبندنت": روسيا وإيران تستغلان محادثات جنيف لخنق حلب
قالت إنهما يسعيان لفرض الأسد كخيار وحيد في المستقبل
النظام السوري وحلفاؤه يستغلون محادثات السلام السورية لخنق مدينة حلب، وتوفير غطاء لتحقيق مكاسب على الأرض
حذرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية من أن روسيا وإيران تستغلان محادثات السلام السورية لخنق مدينة حلب، فيما يستخدمها النظام السوري وحلفاؤه كغطاء لتحقيق مكاسب على الأرض، في سيناريو هو الأكثر ترجيحًا لفرض رئيس النظام بشار الأسد كخيار وحيد في المستقبل.
وقالت -في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني-: إنه خلال الأيام والأسابيع المقبلة سوف يبكي الكثيرون على مصير حلب، وسيواصل الكثير منهم أيضا دعم الصفقة النووية.
وأشارت إلى أن هذا الاتفاق النووي أسهم في حدوث انفراجة في العلاقات المتوترة وتوافقًا سياسيًّا بين الولايات المتحدة وإيران، وزودها بالموارد اللازمة لشن الحرب، والبعض ما زالوا يعتبرونه انتصارًا للدبلوماسية على العمل العسكري، ولن يتم محاسبتهم على هذا التناقض الواضح.
واعتبرت أن مؤتمر "جنيف 3" الخاص بالتسوية السورية المقرر عقده في 25 فبراير/شباط المقبل، هو السبب المباشر لهذا الهجوم الأخير ضد حلب، الذي تقوده على الأرض قوات الحرس الثوري التابعة لإيران ووكلاؤها، فضلا عن الغارات الجوية الروسية.
وبينما استغله النظام السوري وروسيا كغطاء لتحقيق مكاسب على الأرض، أخذت الولايات المتحدة العملية على محمل الجد، وسعت إلى التهدئة واعتمدت خطوات لإضعاف جانبها، شملت تقييد حصول قوات المعارضة السورية على صواريخ مضادة للدبابات.
وأشارت إلى أنه من ناحية أخرى، مكنت روسيا القوات التي يقودها الحرس الثوري الإيراني وتتحكم في القطاع الأمني لنظام بشار الأسد، من قطع خط إمداد المعارضة الأخير في حلب عبر تركيا، والتحرك لفرض حصار تجويع على المدينة على غرار المفروض على 49 منطقة أخرى في سوريا، حتى يتمكن ائتلاف النظام من تركيع المدينة واستكمال عملية استعادتها، أو عزل المعارضين المعتدلين داخلها، وتوفير الموارد اللازمة للانتشار ضدهم على جبهات أخرى.
وفي غضون ذلك، تتجه الولايات المتحدة خلال محادثات السلام إلى فرض أوامر النظام على المعارضة بشكل متزايد، حسب الصحيفة التي ارتأت أنه لم يكن من الصعب توقع أن هذا سيحدث، فأي شخص يمكنه ملاحظة ذلك بالرجوع إلى ما حدث في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالنظر إلى أن المعارضين المعتدلين كانوا الطرف الوحيد الذي مورست وسوف تمارس عليه ضغوط للحفاظ على "جنيف 3".
ورجحت أن روسيا وإيران لن تضغطا على الأسد، ولا أحد يستطيع أن يضغط على "داعش" أو "جبهة النصرة" (تنظيم القاعدة في سوريا)، لذلك كان الخيار بالنسبة للولايات المتحدة بسيطًا: السماح بفشل عملية استثمرت فيها رأس المال السياسي، ودعم المعارضة إلى مرحلة يمكن فيها تطبيق الضغط الكافي على النظام لفرض مفاوضات بشروط ذات مغزى في نهاية المطاف، أو الضغط على قوات المعارضة لقبول شروط النظام من أجل الحفاظ على العملية.
ولفتت إلى أن هذه المعضلة تم تعليقها في وقت سابق من هذا الشهر، حتى 25 فبراير/شباط الجاري، لأن ممثلي المعارضة رفضوا التعامل مع النظام وداعميه، بينما يستمر القصف والتجويع على مناطق مدنية انتهاكًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، رقم 2254، الذي صوتت روسيا نفسها لصالحه.
ولكن وفقًا للصحيفة، فإن ما يثير الدهشة، بشأن هذه المسألة أيضا، هو أن الولايات المتحدة تبنت الموقف الروسي، معتبرة أن السماح بوصول المساعدات الإنسانية ووقف جرائم الحرب شرطًا مسبقًا، أي أنه كان شيئًا كان ينبغي أن يؤدي للتفاوض.
وتوقعت أنه إذا كان الائتلاف المؤيد للنظام السوري قادرًا على استعادة السيطرة على مدينة حلب، إما بالقتل أو تسريع اتجاه المعارضة المسلحة الرئيسية لترك ساحة المعركة، سوف تبقى تنظيمات القاعدة و"داعش" فقط الخصوم الرئيسيين، وحينئذ سوف يكونوا قد انتصروا.
واختتمت بالقول: إن الأسد وإيران وروسيا عملوا بلا كلل للقضاء على المعارضة المعتدلة؛ حيث لا يتبقى أي أحد يتواصل معه المجتمع الدولي، حتى يصبح حكم الأسد مقبولاً، وربما حتى دعمه لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها "داعش" في الشرق. لكن النصر الأسدي من هذا النوع، هو الأكثر تصورًا بسبب ميل إدارة أوباما الموالي لإيران/الأسد، الذي سوف يكون بعد ذلك قادرًا على تقديم نفسه باعتباره الخيار العملي لرئيس المستقبل.