تحالف صامت بين الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني ونظام الأسد لقمع وحماية المناطق التي يتم تحريرها من قبضة المعارضة المسلحة
تحالف صامت ولكنه ليس سريًّا بين حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي -الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني- والحكومة السورية لدعم عمليات الجيش السوري النظامي في المناطق الكردية الحدودية، وقمع وحماية المناطق التي يتم تحريرها من قبضة المعارضة المسلحة، هو مضمون الاتفاق بين عدويين سابقين أصبحا صديقين بدافع الحاجة المرة.
كان حزب الاتحاد الديمقراطي هو الرابح الأكبر منذ اندلاع الانتفاضة ضد نظام الأسد، واعتبر موقفه الداعم والمؤيد للنظام خطوة أولى نحو تحقيق حلمه في إقامة دولة للأكراد في سوريا، ممتدة من القامشلي حتى عفرين على مسافة 700 كلم، وبعمق نحو 100 كلم في الداخل، أي ما يعادل نحو ثلث مساحة سوريا، وتكون منطقة فصل ما بين تركيا وحدودها مع العالم العربي.
لكن خدمة هذه المصلحة وتحقيق هذا الحلم، دفع بحزب الاتحاد لارتكاب انتهاكات ترقى إلى مصاف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بحق أبناء جلدته من الأكراد إلى جابن العرب السنة المعارضين للأسد، في المناطق ذات الأغلبية الكردية في شمال سوريا وشمالها الشرقي والتي أصبحت تحت سلطتهم الفعلية بتكليف من النظام السوري منذ مطلع الانتفاضة الشعبية ضده.
ومن خلال عدة حوادث شهيرة، خص الناشط الإعلامي الكردي، بيريفان حسن، بوابة "العين بها، توضح الانتهاكات التي ارتكبتها قوات حماية الشعب الكردي (الذراع المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي)، والتي تجلى أهمها في خطف عدد كبير من الفتيات والشبان من أجل تجنيدهم إلى صفوف حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، وحادثة الأب الذي أحرق نفسه في مدينة عين العرب (كوباني)، عندما اختطف قوات حماية الشعب الكردي، ابنته القاصر وجندوها في صفوفهم.
كما قام حزب الاتحاد الديمقراطي، بعمليات اعتقال لعدد هائل من الناشطين الأكراد المعارضين لهم في القامشلي والحسكة وعفرين وغيرها، الأمر الذي دفع بعدد كبير جدًّا من الشباب الكردي –يصل إلى نحو 100 ألف شاب بحسب تقارير دولية- بالهجرة إلى ألمانيا هذا العام فقط.
وقام حزب الاتحاد أيضًا بزج عدد كبير جدًّا من الذين يعارضون سياسته من الأحزاب الكردية الأخرى في السجون، ومصادرة ممتلكات كل من يثبت تعاونه ودعمه للمعارضة السورية المسلحة، أو لمن يعتبرهم الحزب من الإسلاميين، علاوة على استهداف كوادر ومقرات كل الأحزاب الكردية فيما يعرف بالمجلس الوطني الكردي المشارك في الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، في المناطق الخاضعة لسيطرته.
ووفق تقارير المنظمات الدولية والحقوقية، تراوحت طبيعة الانتهاكات التي ارتكبها الحزب، بين ارتكاب مجازر وحرق قرى وتجريفها، وتهجير مدنيين ونفي أشخاص واحتلال منازل وقرى ونهب ممتلكات، إضافة إلى قمع تظاهرات، وتجنيد الأطفال، ومنع نشاط جمعيات المجتمع المدني، وعدم السماح لوجود أية قوات موازية معه، باستثناء قوات النظام وجيش الدفاع الوطني والفصائل السريانية والآشورية الأخرى المتحالفة معهم، وأخيرًا قوات الصناديد وهي قوة عشائرية، تتبع لقبيلة شمر التي يعتبر زعيمها حليفهم الأكبر ويحظى بمنصب شكلي هو (الحاكم المشترك لكانتون الجزيرة).
أما الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، فقد أصدر في الفترة الممتدة بين 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 حتى 17 سبتمبر/أيلول 2015 عدة بيانات وتصريحات وتقارير لإدانة قوات الحماية الكردية، وقد اعتبر الائتلاف أن حزب الاتحاد الديمقراطي معادٍ للثورة، وأدان ارتكابه لمجازر وجرائم قتل في تل براك، حي غويران، الحاجية، تل خليل، المتينية، فضلًا عن الممارسات التي ارتكبتها هذه الميليشيات ضد الأحزاب الكردية الأخرى من اعتقال وقمع، وأخيرًا القانون التي أصدرته والمتمثل في إدارة أموال المهاجرين الذي وصفه بأنه يهدف لتغيير الديموغرافية.
وبالنسبة للتجمع الوطني للشباب العربي، وهو تجمع معارض أسسه المكون العربي في محافظة الحسكة منذ بداية الثورة، فقد أصدر عدة بيانات أدان من خلالها قوات الحماية الكردية، وتركزت البيانات على المجازر التي تم ارتكابها بحق المدنيين، ومحاولة تفرد تلك الميليشيات بالسلطة بدعم من النظام، واتخاذ مقرات عسكرية وسط الأحياء المدنية وجعلها عرضة للاستهداف العسكري.
وبعد أن وجدت قوى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش ضالتها في الأكراد لتستخدمهم كقوات برية لمساعدتها في القضاء على الجماعات المتشددة، كونهم ليس لديهم ميول إسلامية، وأغلبهم من اليساريين، لمع نجم قوات حماية الشعب الكردي أكثر بعين أنفسهم وباتوا يقاتلون بلهجة أكثر شراسة، لا سيما بعد التدخل الجوي الروسي، ووجدوا دافعًا آخر لمحاربة وتهجير كل من يخالفهم في ممارسة حلمهم في بناء الدولة الكردية داخل سوريا، وذلك بإحكام السيطرة على ما تبقى من مناطق لا تزال تحت قبضة داعش من منبج وجرابلس وصولًا إلى إعزاز.
ومؤخرًا، ظهر بشكل كبير دور الأكراد عندما بدأ القتال العنيف يندلع في شمال سوريا قرب الحدود التركية، وأثار مخاوف كبيرة من موجة جديدة ضخمة من اللاجئين السوريين تتدفق نحو تركيا، حيث قال مسؤولون أتراك ومعارضون سوريون في تصريحات صحفية، إن قوات النظام والمقاتلين الأكراد سيستمرون في هجومهما على معبر الحدود السورية عند إعزاز، بعد مكاسب كبيرة تحققت في ريف حلب الشمالي.
ويؤكد المسؤولون الأتراك أن هذه الاستراتيجية الكردية متعمدة لدفع العديد من العائلات العربية السنية لمغادرة ريف حلب الشمالي؛ لأن هذا من شأنه أن يسمح للأكراد بالادعاء أن هذه الأراضي جزء من وطنهم، ويعتقد المسؤولون الأتراك أيضًا أن نظام الأسد يؤيد هذه الخطة، ربما كتكتيك في زمن الحرب، وبعدها ينقلب عليهم بعد تثبيت أركانه.
aXA6IDMuMTQyLjE1Ni41OCA=
جزيرة ام اند امز