الجزائر وقطر تتنافسان على سوق الغاز الأوروبي
أرقام الاتحاد الدولي للغاز تظهر تنامي صادرات قطر في أوربا، في وقت تخشى الجزائر من فقدان سوقها التقليدي.
بلغت المنافسة أشدها بين الجزائر وقطر على سوق الغاز الأوربية، فبينما تحاول الأولى الإبقاء على حصصها في محيط نفوذها التقليدي، تظهر الأرقام أن الثانية أصبحت تشكل لاعبا أساسيا .
تكشف أرقام الاتحاد الدولي للغاز في آخر تقرير له سنة 2015، عن تغلغل قطر في سوق الغاز الأوروبية وتفوقها على الجزائر وروسيا والنرويج، وهي الدول التي تعتبر الممون التقليدي لكامل دول أوروبا بمادة الغاز بكل أنواعها.
وتظهر الأرقام أن الصادرات القطرية من الغاز الطبيعي المميع صارت تحتكر ثلثي السوق الأوروبية بحيث بلغت 17.61 مليون طن سنة 2014 في حين تأتي الجزائر في المرتبة الثانية بـ 10.74 مليون طن، ونيجيريا ثالثا بـ 4.48 مليون طن.
ويتسع الفارق كثيرا في السوق الأسيوية، إذ باعت قطر ما يساوي 36.36 مليون طن في 2014، بينما بالكاد وصلت الجزائر إلى 1.5 مليون طن. وفي المجموع الكلي للصادرات لسنة 2014، تحتل قطر المرتبة الأولى عالميا بـ 76.82 مليون طن، تليها ماليزيا في المرتبة الثانية بـ25.07 مليون طن، ثم أستراليا بـ23 مليون طن، وتأتي الجزائر في المرتبة الخامسة بـ 12.76 مليون طن.
اجتماع أزمة
تضييع الجزائر لحصصها خاصة في السوق الأوروبية، دفع بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى عقد مجلس وزراء مصغر خصص فقط لموضوع الغاز، مما يظهر –حسب مراقبين- حالة القلق التي تعيشها البلاد بسبب المخاوف من أن يتزايد تراجع المداخيل التي تقهقرت بأكثر من 50 % في 2015.
وأمر بوتفليقة في الاجتماع بمواصلة و تكثيف التنقيب عن الموارد من الغاز الطبيعي مؤكدا أيضا على احترام مخططات تحسين طاقات إنتاج الحقول التي توجد في طور الاستغلال. كما أعطى الرئيس الجزائري تعليمات بمواصلة و إعادة تفعيل برنامج تطوير الطاقات المتجددة.
ودعا بوتفليقة إلى مواصلة جهود ترشيد الاستهلاك الوطني للطاقة بشكل عام بما فيها الغاز الطبيعي واستهلاك الكهرباء.
تجديد العقود
ومع قرب انتهاء عقود التموين بالغاز مع زبائنها الأوربيين في 2019، تزداد مخاوف الجزائر في عدم التمكن من الحصول على عقود جديدة مرضية لها من حيث السعر والكمية المصدرة، وذلك لأسباب تتعلق بواقع سوق الطاقة المضطرب حاليا في العالم.
وترتبط أسعار الغاز الجزائري بالبترول، عبر عقود طويلة الأجل، ومع انهيار أسعار البترول حاليا سيكون من الصعب افتكاك أسعار مناسبة. وبحسب أرقام بنك الجزائر كان متوسط سعر بيع الغاز في 2013 حوالي 10 دولار للمليون وحدة حرارية، أما اليوم فنزل إلى 5 دولار حسب تقديرات الخبراء.
أما من حيث الكمية، فتبيع الجزائر سنويا ما مقداره 50 مليار متر مكعب لجارها الأوربي، وهي تواجه حاليا متاعب في استمرار تسويق هذه الكمية بسبب وفرة المعروض من جهة وظهور بدائل من ناحية أخرى، خاصة الطاقات البديلة التي أصبحت تعتمد عليها أوروبا بشكل متزايد، إلى جانب ظهور اكتشافات للغاز الطبيعي في منطقة المتوسط ودخول الغاز الصخري بكميات معتبرة للسوق أيضا.
مخاوف حقيقية
ويوضح عبد المجيد عطار، المدير العام الأسبق لمجمع سوناطراك البترولي الجزائري، أنن المنافسة باتت شديدة بين قطر من ناحية والجزائر وروسيا من ناحية أخرى، بالنظر إلى المنافسة الشديدة التي تجدها الأولى في السوق الأسوية من قبل أستراليا، وبالتالي هي تحاول تعويض ذلك بالبحث عن أسواق أخرى تعتبر أوروبا أهمها.
ويبرز عطار في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، أن قطر صارت من اكبر منتجي الغاز الطبيعي المميع في العالم، واستثماراتها في هذا المجال تفوق ب4 مرات استثمارات الجزائر، ما يجعل قدرتها الإنتاجية تفوق بمرتين إلى ثلاث مرات القدرة الإنتاجية للجزائر في مقابل احتياج داخلي بسيط جدا نظرا لعدد سكانها القليل.
أوراق رابحة
ويتخوف عطار من صعوبة مهمة الجزائر في المنافسة بسبب الضغوط الكبيرة التي تعاني منها حقولها وتنامي الطلب الداخلي المحلي بشكل كبير خاصة أن معظم محطات توليد الكهرباء تعمل بالغاز.
لكن الجزائر لا تزال تمتلك بحسبه أوراقا رابحة حتى تضمن الإبقاء على العقود طويلة الأجل في صفقات توريد الغاز وبالتالي الحفاظ على كميات تصدير مناسبة، أهمها أن الجزائر مصدر يمتاز بالثقة في السوق الأوربية، حيث لم يسبق له أن أوقف تموين أوربا بالغاز حتى في عز الأزمة الأمنية.
كما أن الجزائر تمتلك، بحسبه، بنية تحتية متطورة في نقل الغاز، إذ تربطها ثلاثة أنابيب بإسبانيا وإيطاليا معا، وهو ما لا تملكه دول أخرى تقع في محيط بعيد نسبيا عن أوربا.
aXA6IDEzLjU4LjYxLjE5NyA= جزيرة ام اند امز