الحشد الشعبي بالعراق.. أداة إيرانية لإشعال الطائفية
مشاركة مليشيات الحشد الشعبي في معارك تحرير المدن العراقية من تنظيم داعش كان لها الأثر السلبي على إشعال الوضع الطائفي بالعراق
زادت مخاوف العراقيين من تحول جيش بلادهم إلى قوات واتحاد لمليشيات طائفية، الأمر الذي يثير حفيظة التيار السني من مخاوف تغليب الطائفية على مفاصل الدولة وإتباع سياسة التهميش، في ظل النفوذ الإيراني والولاءات الخارجية على المسرح السياسي العراقي.
في ظل هذا السياق، تصاعدت في الآونة الأخيرة التحذيرات من أن تدخل قوات "الحشد الشعبي" -الذي يضم مليشيات موالية لإيران- في مدينة الموصل ومحافظة نينوى، شمالي العراق، ينذر بحرب طائفية، لاسيما في ظل رفض أهالي المدينة والمحافظة لتلك المليشيات، لما ارتكبه من جرائم في العديد من المحافظات.
ويرى مراقبون أن الحشد الشعبي يستهدف الاستيلاء على الموصل، المدينة ذات البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخاصة، التي تعد مسقط رأس غالبية قيادات الجيش العراقي في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، ما يحيل المكون الديموغرافي للمكان إلى عنصر استهداف إيراني غايته "القصاص من التاريخ".
وقام البرلمان العراقي العام الماضي بوأد مشروع قانون يقضي بتأسيس حرس وطني يكون رافدًا لأجهزة الأمن العراقية ويتكون من أهالي المحافظات، مما يسمح للتيار السني بالسيطرة على المناطق التي يتم تحريرها من قبضة تنظيم "داعش".
وأتى ذلك في ظل الإصرار الإيراني على خلق توتر طائفي عن طريق دعم أفراد رئيسيين في الحكومة العراقية والدعم اللوجستي والعسكري لمليشيات الحشد الشعبي.
وأدى ذلك إلى التدخل المباشر لمليشيات الحشد الشعبي في عمليات تحرير المدن العراقية التي سقطت في يد تنظيم "داعش" الإرهابي، وسط تحذير الكثير من القادة العراقيين من خطر انفلات هذه المليشيات، مشددين على ضرورة "كبح جماحها".
ولجأت السلطات العراقية إلى تلك المنظومة المدعومة إيرانيًّا لمساعدتها على تحرير الأراضي التي سيطر عليها "داعش"، دون أي أسس قانونية أو دستورية.
وتنفذ تلك المليشيات خطة فصلت وحيكت خيوطها في طهران، بما ينسجم مع الميول الإيرانية؛ إذ إن تلك المليشيات لها نهج تدميري للمناطق ذات الأغلبية السنية، ومعارك تكريت وصلاح الدين وديالي شاهدة على ذلك.
وتجاهر هذه المليشيات، التي اتسمت تحركاتها في العراق بالصبغة الطائفية، بالولاء لطهران التي تؤمن لها الدعم المالي واللوجستي، إلى جانب التسليح والتدريب.
وتقول المنظمات الحقوقية إن مليشيات الحشد الشعبي تشرف حاليا على أكثر من 24 سجنًا بطريقة غير شرعية، وتمارس بحق المعتقلين فيها انتهاكات ضد الإنسانية، كما ارتكبت انتهاكات عدة بحق المدنيين في محافظة صلاح الدين، وسط العراق.
شملت تلك الانتهاكات القتل والاغتصاب، إضافة إلى التهجير القسري والاعتقالات العشوائية بتهمة مساعدة تنظيم "داعش".
تجارب محافظات سنية عراقية عديدة، كمحافظتي صلاح الدين وديالي مع قوات الحشد الشعبي وما ارتكبته من جرائم، تثير مخاوف أهالي الموصل ونينوى من تكرار التجربة.
ويرى الكثير من الخبراء في الشأن العراقي أن أداء الحشد الشعبي -في محافظات عديدة- دفع بالعراق إلى حافة خطرة، تهدد وحدة الوطن العراقي وتماسكه، ما يدفع المكون الوطني والعروبي إلى رفض تدخلهم قطعيًّا.
مليشيات الحشد الشعبي هي من القضايا الشائكة في العراق، وتعتبر أحد أهم أسباب الفتنة الحديثة فيها؛ حيث أسهمت في خلق تناحر اجتماعي، زاخرة بالجرائم المتعمدة، التي تهدد العراق بحرب طائفية إذا لم تنجح الحكومة العراقية في السيطرة عليها.
aXA6IDMuMTQ1LjcyLjQ0IA== جزيرة ام اند امز