لم يختلف أداء مليشيات الحشد الشعبي، عن أداء "داعش"، في تنفيذ الإعدامات وسحل جثث القتلى وحرق منازل وتدمير محلات تجارية.
في 11 من إبريل/نيسان 2015، قرر نيد باركر -مدير مكتب وكالة "رويترز" في بغداد- الرحيل عن العراق بسبب تهديدات بالقتل وجهت له عبر صفحات "فيس بوك" وقناة تلفزيونية تابعة لمليشيات الحشد الشعبي، إثر تقرير نشره واثنان من رفاقه عن الأعمال التي قامت بها تلك المليشيات، عندما قامت بانتزاع مدينة تكريت من سيطرة تنظيم "داعش".
وفق ما رصده باركر، لم يختلف أداء مليشيات الحشد الشعبي، عن أداء تنظيم "داعش"؛ حيث ذهب في تقريره إلى أن مليشيات الحشد نحرت رجلاً قيل إنه ينتمي إلى "داعش"، وسحلت جثثًا لقتلى آخرين، وحرقت منازل ودمرت محلات تجارية.
كل هذه المشاهد التي رصدها مدير وكالة رويترز، كانت سببًا في تهديده بالقتل، لم يستطع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن ينكرها في مؤتمر ميونخ للأمن، وألقى بالمسئولية على من سماها بـ "مجموعات مسلحة أفرزها الحشد الشعبي".
وقال إن "الحشد الشعبي أفرز مجموعات مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة، وهذا الوضع لن نسمح باستمراره لأنه يهدد حياة العراقيين".
وبدا العبادي مرتبكًا في كلمته عندما وصف هذه القوات، رغم هذا الاعتراف، بأنها "قوات نظامية تخضع لقرارات الحكومة".
ويتعارض هذا الوصف مع تصريحات قادة هذه القوات، التي انتقدت أكثر من مرة قرارات الحكومة.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية عن معين الكاظمي القيادي البارز في مليشيات الحشد الشعبي، قوله في 24 إبريل/نسان 2015 إن "الموقف الحكومي لا يزال رافضًا دخول مقاتلي الحشد إلى محافظة الأنبار، بسبب الضغط الأمريكي"، مشيرًا إلى أن السفير الأمريكي في بغداد ستيورات جونز حذر الإدارة المحلية في الأنبار بقطع جميع أنواع الدعم عنها، في حال طلبها دخول الحشد الشعبي المحافظة.
وليس ذلك فحسب، بل إن المفارقة التي تبدو طريفة وغريبة في الوقت نفسه، هو تهنئة وزير العدل حيدر الزاملي الشعب العراقي في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2015، بمناسبة إطلاق سراح وكيله في الوزارة عبدالكريم السعدي بعد اختطافه لمدة شهر من قبل مليشيا تابعة للحشد الشعبي تتخذ من منطقة الشعب شمالي العاصمة مقرات لها.
بعد كل ذلك، "كيف تكون هذه المليشيات قوات نظامية؟!"، الإجابة جاءت في أكثر من بيان حقوقي دولي، لم يفرق بين هذه الميلشيات وتنظيم "داعش".
ففي 15 يناير/كانون الثاني 2016، دعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إلى حل مليشيا الحشد الشعبي باعتبارها "تنظيمًا إرهابيًّا"، كما دعت مجلس النواب العراقي إلى الاضطلاع بمسئولياته وسن قانون تمنع قيام مليشيات أيا كان مسماها.
وحملت المنظمة صناع القرار في العالم المسؤولية عن جرائم الميلشيات، وقال البيان إن "التركيز على جرائم منظمات معينة مثل داعش وتجييش الجيوش لمحاربتها وغض الطرف عن مليشيات تعمل بدعم رسمي في العراق أكثر منها خطورة يؤدي إلى اتساع نطاق الإرهاب والخراب في المنطقة".
وذكر البيان أنه و"بدعم من الحكومات العراقية المتعاقبة وبعد عام 2003 تنشط في العراق أكثر من ثلاثين مليشيا" طائفية.
وأكد البيان أن هذه المليشيات "عاثت في البلاد فسادًا وخرابًا قتلت وخطفت الآلاف من المواطنين العراقيين على أسس طائفية، ولا تزال مستمرة في جرائمها، فلا يكاد يمر يوم دون تفجير أو قتل أو خطف أو تهجير".
وتكررت الاتهامات نفسها في بيان صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الأحد 31 يناير/كانون الثاني الماضي، تعليقًا على قيام عناصر من فصائل الحشد الشعبي باختطاف وقتل العشرات من المواطنين السنة بمدينة المقدادية، وسط العراق، وتدمير منازل ومتاجر ومساجد تابعة لهم.
وقال مسئول بالمنظمة الحقوقية، إن "أعمال القتل العمد للمدنيين والنهب والتدمير غير المبررة لممتلكاتهم، في سياق صراع مسلح، قد ترتقي لمنزلة جرائم حرب".
وأردف أن "تلك الأعمال تعد انتهاكًا جسيمًا للقانون الإنساني الدولي".
وحملت المنظمة الحقوقية الحكومة العراقية المسؤولية عن أفعال فصائل الحشد الشعبي، منذ أن صدر قرار حكومي بضمها إلى قوى الجيش العراقي في 7 إبريل/نيسان 2015.
ولم تغب أفعال هذه المليشيات عن الأمم المتحدة، التي سبق وأصدرت في يوليو/تموز 2015 بيانًا يشير إلى تلقيها تقارير متتابعة بانتهاكات لحقوق الإنسان من قبل جهات مختلفة، من بينها قوى أمنية عراقية وفصائل الحشد الشعبي.
كل هذه الخطايا لخصها وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد، في قوله خلال مؤتمر صحفي جمعه الجمعة مع وزير الخارجية الروسي: "لا يمكن لنا أن نفرق بين داعش والنصرة من جهة والجماعات المدعومة من إيران في سوريا والعراق".
وتابع: "إذا كنا نريد القضاء على داعش والنصرة بمرة واحدة وننتهي من ذلك، لا يمكن أن نرى كتائب أبوالفضل العباس وجماعة بدر والحشد الشعبي وحزب الله يفعلون ما يفعلونه بأبناء الشعب العراقي والسوري".
aXA6IDMuMTQ1LjguMTM5IA== جزيرة ام اند امز