مليشيات الحشد الشعبي بالعراق.. ظلال دموية بمساندة إيرانية
إثر سقوط العراق في دوامة العنف، كونت إيران مليشيات الحشد الشعبي في تمويلها وتدريبها بهدف خدمة التوجه والوجود الإيراني بالمنطقة
على إثر سقوط العراق في دوامة العنف، استغلت إيران الحرب الطائفية التي نتجت عن الفراغ الأمني الذي خلفه الغزو الأمريكي في 2003.
وبدأت طهران في تمويل وتدريب مليشيات مسلحة في العراق تهدف إلى خدمة توجهها في المنطقة، ومن أكبر تلك المجموعات المسلحة الموجودة في العراق مليشيات ما يعرف بـ"الحشد الشعبي".
ففي 13 يونيو/حزيران عام 2014، أطلق علي السيستاني، المرجع الشيعي العراقي، فتوى دعا فيها العراقيين إلى "الجهاد" على أثر الانهيار السريع للجيش العراقي أمام حرب العصابات الخاطفة التي شنها تنظيم داعش ضده.
ووضعت تلك الفتوى حجر الأساس لتكوين الحشد الشعبي، الذي ضم العشرات من المليشيات العراقية تحت قيادة واحدة.
وأبرز تلك المليشيات هي "سرايا الإسلام"، الجناح العسكري لـ"منظمة بدر"، وكتائب "حزب الله" العراقية المعروفة بسرية تنظيماتها وتنسيقها المباشر مع إيران، إضافة إلى الكثير من المليشيات والفصائل التي ولدت من رحم جيش المهدي العراقي في أثناء الغزو الأمريكي للعراق.
ويعزو مراقبون كثرة عدد الفصائل التي يتكون منها الحشد الشعبي إلى الرغبة في الحصول على امتيازات قيادية وعسكرية، فكل شخص تجتمع لديه المؤهلات الشخصية مع التغطية العشائرية العددية والتمويل، يعد نفسه القائد الذي يتم التنسيق المباشر معه من قبل الإيرانيين والجيش العراقي.
ويتهم بعض المراقبين إيران بأنها وراء تعدد فصائل الحشد، ويقولون إن للإيرانيين مصلحة في شق الفصائل ليسهل عليها بسط سيطرتها على الحشد.
ويأتي الدعم الإيراني للحشد الشعبي تحت غطاء دعم للعراق في مواجهة تنظيم "داعش، حيث اشتمل على الأسلحة والخبرات العسكرية، كما جاء في تصريح لنوري المالكي، نائب الرئيس العراقي، حينما قال: إن "الحشد الشعبي أوقف تقدم الإرهابيين ومنع انهيار الجيش وسقوط بغداد، ولولا الدعم الإيراني لكان الوضع في العراق صعبًا جدًّا"، وإن هذا الدعم الإيراني جدي وسريع، وقد خصصت الحكومة العراقية مليارات الدولارات لدعم مليشيات الحشد الشعبي.
ونشرت عدة وكالات أنباء صورًا لقاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع لوحدة القوات الخاصة للحرس الثوري الإيراني، بصحبة أعضاء في مليشيات الحشد الشعبي، وأكدت مصادر أن سليماني يشرف شخصيًّا على تحركات هذه المليشيات في عدة مناطق في العراق.
فيديو لظهور قاسم سليماني برفقة قوات الحشد الشعبي في العراق:
ونقلت وكالة رويترز عن مسئولين عراقيين قولهم إن طهران ساعدت في تنظيم تشكيلات الحشد الشعبي بعد الفتوى التي أصدرها السيستاني، بدعوة العراقيين للدفاع عن بلدهم بعد اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي مدينة الموصل، غرب البلاد.
وكان للمستشارين الإيرانيين الموجودين في العراق دور في مساعدة العراقيين في كل شيء، من المساعدات التكتيكية إلى توفير إمكانات الاستطلاع والإشارة اللاسلكية باستخدام الطائرات المسيرة لإجراء المسح الإلكتروني والتقاط الاتصالات اللاسلكية.
ومن أهم أهداف تشكيل إيران لمليشيات الحشد العراقية هو دعم نظام بشار الأسد في سوريا، وعدم تعرضه لخطر السقوط بعد تسليح المعارضة، بل لا يستبعد أن يكون المخطط يشمل أيضًا تشكيل مجموعات خاصة من مليشيات الحشد لإرسالها إلى مناطق صراع النفوذ الإيراني مثل اليمن.
وأكدت عدة تقارير أن فصائل بالحشد الشعبي تقاتل في سوريا، وبعضها عُرف على الساحة السورية قبل نشاطه على الساحة العراقية كـ"سرايا الخراساني"؛ حيث يقول مختصون إن تطورات الساحة العراقية لم تؤد إلى سحب قوات عراقية طائفية من سوريا كما أشيع، فما زالت مليشيات "عصائب أهل الحق" و"منظمة بدر" و"كتائب حزب الله" العراقية و"حركة النجباء" وغيرها ترسل مقاتلين إلى سوريا بالتزامن مع مشاركتها في القتال في العراق وبالوتيرة السابقة نفسها.
وفي سياق متصل، صرح ديفيد بتريوس، الرئيس الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، في حوار مع صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مؤخرًا، بأن مليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران سوف تشكل خطرًا على العراق أكثر من تنظيم "داعش" الإرهابي نفسه.
وأضاف أن هذه المليشيات تقوم بفظاعات ضد المدنيين السنة في العراق.
وشدد بتريوس على ضرورة وقف تجاوزات المليشيات التابعة للحشد الشعبي بحق المواطنين السنة التي تزيد من حدة التوتر الطائفي في البلاد، وعبر عن تخوفه من قيامها بعمليات تطهير طائفي، وتهجير السنة من مناطقهم
aXA6IDMuMTUuMTQ4LjIwMyA= جزيرة ام اند امز