8 أضعاف المعدل العالمي.. السياسة الاستباقية تقفز بتجارة الإمارات
أكد الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية، أن السياسة التجارية الاستباقية لدولة الإمارات قادت إلى تحقيق نمو يفوق المعدل العالمي لنمو التجارة بثمانية أضعاف.
وأشار في كلمة بالفيديو خلال فعاليات الدورة الرابعة من القمة العالمية للتجارة وسلسلة التوريد، التي تنظمها مؤسسة "إيكونوميست إمباكت" بالتعاون مع أكاديمية الاقتصاد الجديد بدبي على مدار يومين، إلى أن القدرة على التجارة بحرية تحدد بشكل أساسي مستقبل الاقتصاد، مؤكداً أن التجارة في صميم تطور الأمم.
وقال: "هذه القمة باتت خلال ثلاث سنوات فقط من أهم التجمعات في مجتمع التجارة الدولي، حيث يمكن لصناع القرار وقادة القطاع الخاص الاجتماع وتبادل الخبرات والرؤى، فضلاً عن تطوير حلول تعزز النظام التجاري العالمي".
وأشار إلى أن موضوع القمة لعام 2024، "إعادة تعريف المرونة والعلاقات"، يعكس التحديات الرئيسية التي يواجهها الاقتصاد العالمي اليوم.
وأضاف: "نحن جميعاً نتكيف مع تحالفات جديدة، ونتبنى تقنيات حديثة، ونتعامل مع عقبات جديدة، وبالتوازي مع ذلك، نعتمد مصادر جديدة للطاقة، ونتجاوب مع المطالب المتزايدة لتحقيق الاستدامة والمسؤولية البيئية، الطريقة التي نتعامل بها مع هذه القضايا، ومدى تعاوننا في معالجتها، سيحدد مستقبل التجارة في السنوات القادمة، وأنا على يقين من أن النقاشات التي ستجرى على مدار اليومين المقبلين ستساهم بشكل كبير في تحديد المسار الذي سنتبعه".
وأكد الزيودي، أن دولة الإمارات عازمة على أن يكون لها صوت مسموع في هذه القضايا، وقال: "نحن، كدولة يعتمد مستقبلها الاقتصادي بقوة على قدرتها على التجارة بحرية مع باقي دول العالم، وباعتبارنا محوراً رئيسياً في سلاسل التوريد العالمية بفضل بنيتنا التحتية اللوجستية واتصالاتنا الدولية، وسيعتمد مستقبل الاقتصاد الإماراتي بشكل كبير على مستقبل التجارة، ونؤمن بأن التجارة هي في صميم تطور الأمم حول العالم، خاصة في الجنوب العالمي".
واستعرض دور التجارة في تعزيز النمو الاقتصادي، قائلاً: "على مدار نصف القرن الماضي، شهدنا كيف يمكن للتجارة أن تزيد الإنتاجية، وتخلق الوظائف، وتلهم الابتكار، وتعزز مستويات المعيشة، وفي السنوات الأخيرة، رأينا أيضاً قدرتها على تحفيز التعافي العالمي وتخفيف تأثير التضخم".
وأوضح أن "الفوائد التي تنطوي عليها التجارة تستمر في توجيه استراتيجيتنا التجارية والتي تبنى على أساس محورين رئيسيين، الأول يقوم على مواجهة الحمائية من خلال جيل جديد من اتفاقيات التجارة الحرة المبنية على المصالح المشتركة، والثاني يقوم على تحديث النظام التجاري العالمي لضمان عمله بأقصى قدر ممكن من الفعالية لصالح أكبر عدد ممكن من الدول".
وتحدث عن برنامج الشراكة الاقتصادية الشاملة لدولة الإمارات، الذي تم إطلاقه قبل ثلاث سنوات بهدف تعزيز الروابط مع الاقتصادات الرئيسية حول العالم من خلال خفض الرسوم الجمركية، وتنسيق العمليات الجمركية، وتشجيع الاستثمارات.
- نائب مدير عام منظمة التجارة العالمية: استثمارات الإمارات تصنع الفارق في مستقبل الاقتصاد
- صربيا جسر الإمارات إلى البلقان.. شراكة اقتصادية شاملة
وقال: "تم تصميم هذه الشراكات لتسريع تدفق التجارة، وتأمين سلاسل التوريد الحيوية، وخلق فرص جديدة للقطاع الخاص لدينا، وقد أبرمنا حتى الآن حوالي 20 اتفاقية، من بينها ست اتفاقيات دخلت حيز التنفيذ بالفعل، بما في ذلك مع القوتين الإقليميتين الهند وتركيا".
وأضاف "تتيح هذه الاتفاقيات لمصدرينا ومصانعنا ومستثمرينا الوصول إلى نحو ربع سكان العالم، كما أنها تفتح آفاقاً جديدة للنمو في آسيا والشرق الأوسط".
وتحدث عن النتائج التي تحققت حتى الآن كنتيجة للسياسة والاستراتيجية التجارية، قائلاً: "في النصف الأول من عام 2024، بلغ إجمالي تجارتنا الخارجية غير النفطية 1.39 تريليون درهم، وهو أعلى مستوى على الإطلاق، بزيادة قدرها 11.2% مقارنة بنفس الفترة من عام 2023، ويعد هذا النمو السادس المتتالي في التجارة الخارجية النصف سنوية.
وتابع "الأهم من ذلك، أن صادراتنا غير النفطية نمت بنسبة 25% لتصل إلى 256 مليار درهم، وهو رقم قياسي آخر يأتي في وقت يشهد فيه نمو التجارة العالمية تباطؤاً، حيث بلغ متوسط النمو التجاري العالمي 1.5% فقط في النصف الأول من عام 2024، فيما سياستنا التجارية الاستباقية تقود إلى تحقيق نمو تجاري أعلى ثمانية أضعاف من المتوسط العالمي، وهناك المزيد في المستقبل".
وأشار إلى المفاوضات التي تم اختتامها بنجاح في الأسابيع الثلاثة الأخيرة مع أستراليا ونيوزيلندا وصربيا والأردن، والتي تعكس الطموح الكبير لبرنامج الشراكة الاقتصادية الشاملة.
وتحدث عن هدف تحديث سلاسل التوريد، والذي يتجسد في مبادرة "تكنولوجيا التجارة"، التي أطلقت بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي ودائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، لافتاً إلى أن المبادرة تهدف إلى تسريع استخدام التكنولوجيا في سلاسل التوريد العالمية.
وقال: "نحن نشهد بالفعل استخدام تقنية البلوك تشين لتسهيل عمليات الدفع على طول سلاسل القيمة، والمركبات ذاتية القيادة والحلول الذكية لتحسين الخدمات اللوجستية في الموانئ، والذكاء الاصطناعي الذي يعزز إدارة المخاطر وتحسين طرق الشحن".
وتابع "لكن يمكننا أن نفعل المزيد، كاعتماد الفوترة الإلكترونية والعقود الذكية لتسريع عمليات التحقق من العملاء، ويمكننا ترميز السلع لتحقيق الرقمنة الكاملة للتجارة من البداية إلى النهاية".
واستعرض بعض الخطوات التي تم اتخاذها على هذا الصعيد، مشيراً إلى إطلاق التقرير الأول لتكنولوجيا التجارة في يناير الماضي، والذي قدم خارطة طريق لتوجيه المعنيين في رحلتهم.
كما أشار إلى انعقاد المنتدى الأول لتكنولوجيا التجارة بجانب المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي، حيث قدم القادة والخبراء رؤاهم حول كيفية دمج التكنولوجيا في سلاسل التوريد.
وفيما يتعلق بالتجارة في الخدمات، أكد أن الإمارات تطور هذا القطاع بشكل متسارع، قائلاً: "على مدى العقد الماضي، نمت التجارة في الخدمات عالمياً بنسبة 60% أسرع من التجارة في السلع، وفي الإمارات، نمت تجارتنا في الخدمات بمعدل عشر مرات أسرع من المتوسط العالمي خلال السنوات الثماني الماضية، ومع تطوير اقتصادنا القائم على المعرفة والابتكار، أصبحنا نصدّر التعليم وتكنولوجيا المعلومات بقدر ما نصدّر الألمنيوم".
واختتم كلمته بالتأكيد على أن توسع نطاق التجارة يعزز اقتصاد الإمارات، وقال: "لهذا السبب تظل الإمارات داعماً قوياً لنظام التجارة المتعدد الأطراف، ولهذا ندفع باتجاه ضد العزلة والتجزئة، ولهذا نبني اتصالات وعلاقات جديدة حول العالم من أمريكا الجنوبية وصولاً إلى آسيا والمحيط الهادئ، ولهذا نبقى البلد الأكثر اتصالاً على هذا الكوكب، وفي حين ندرك حالة عدم اليقين الحالية، تظل الإمارات تتطلع إلى المستقبل برؤية طويلة الأمد، وبينما يربط البعض التجارة بالسياسة والإجراءات، نواصل نحن استغلال فرص الغد، وأدعو الجميع للانضمام إلينا في بناء نظام تجاري يعمل لصالح الجميع".