مصانع الحديد والأسمنت الخليجية تترقب تداعيات أزمة النفط
شركات مواد الإنشاء من الحديد والأسمنت الخليجية تصوب أنظارها تجاه تداعيات انخفاض أسعار النفط على عقود مشروعات الإنشاء
تصوب الكيانات العاملة بقطاع مواد الإنشاء في دول الخليج وتحديدًا شركات الحديد والأسمنت أعيُنها تجاه حركة أسعار النفط لتقييم انعكاسها على المشروعات الإنشائية الحكومية، ومن ثم الوقوف على تداعياتها على معدلات الإنتاج بشركاتها.
وتستحوذ شركات الأسمنت والحديد السعودية على النصيب الأكبر من الاهتمام بدول مجلس التعاون الخليجي لعاملين أساسين: الأول: هو أن العجز المتوقع بموازنة المملكة يبلغ نحو 327 مليار ريال في العام 2016 أدى فعليًا إلى تقليص عقود الإنشاءات الجديدة.
وهو الأمر الذي رصده أسامة العفالق رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمقاولات بتصريحه بأن المشروعات المطروحة تراجعت بنسبة 30%، وتتركز نسب التراجع بين المشروعات الكبرى.
أما العامل الثاني فيتمثل في أن الإنفاق الحكومي يشكل 70% من مشروعات المقاولات بالسعودية، ويستبعد الخبراء أن يسد القطاع الخاص هذه الفجوة نظرًا لضخامة المشروعات الإنشائية الحكومية.
ومع ذلك توقع خبراء عقاريون ومحللون ماليون أن تُحافظ شركات الأسمنت والحديد السعودية على استقرار معدلات الإنتاج خلال العام الحالي، نظرًا لأن عقود مشروعات البنية التحتية والإنشائية الحكومية تستغرق عدة سنوات، فضلًا عن أن باب التصدير قد يكون مُستقبلًا أحد النوافذ الهامة لتسويق إنتاج شركات الأسمنت.
في حين تحتفظ شركات مواد الإنشاء في الإمارات وقطر بوضع أكثر استقرارًا بسبب ارتباط الدولتين بأحداث دولية هامة تتطلب التوسع في المشروعات الإنشائية والبنية التحتية، إذ تستضيف دبي معرض أكسبو الدولي 2020، وبعدها بعامين تُقام فعاليات كأس العالم 2022 في الدوحة.
من جانبه، قال عمرو علوبة رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بشركة جماعة المهندسين الاستشاريين والتي تمتلك فروعًا في الرياض ودبي وقطر، إن شركته رصدت تراجعًا في مناقصات تنفيذ مشروعات البنية التحتية بالمملكة السعودية.
وأوضح علوبة لبوابة "العين" الإخبارية أن انخفاض أسعار النفط تسبب بشكل مباشر في تقليص المملكة لحجم العقود الإنشائية التي تبرمها هذه الفترة عما كانت عليه قبل ذلك، في محاولة للسيطرة على فجوة عجز الموازنة.
وأشار علوبة إلى أن هذا التباطؤ في العقود الإنشائية الجديدة لم يطل قطر والإمارات نظرًا لتركيز الدوحة على إنهاء مشروعات البنية التحتية من شبكات طرق ومرافق وأنفاق وسكك حديدية لاستضافة كأس العالم 2022، وكذلك استعداد الإمارات لاستضافة معرض أكسبو الدولي 2020.
كما رصدت الإمارات 100 مليار دولار لتنفيذ مشروعات بنية تحتية ومساكن وفقًا لرؤية أبو ظبي 2030.
فيما أعلن جاسم سيف السليطي، وزير المواصلات القطري في سبتمبر/أيلول 2014 أن الدوحة خصصت أكثر من 140 مليار دولار لتطوير مشروعات النقل والبنية التحتية خلال الأعوام الخمسة المقبلة، ثم كشفت الأمانة العامة للجنة العليا للمشاريع والإرث بالشهر الجاري أن منشآت كرة القدم التي تبنيها قطر لاستضافة كأس العالم ستتكلف 30 مليار دولار.
وأكد علوبة أن انخفاض العقود الإنشائية الجديدة بالسعودية من شأنه التأثير سلبًا على إنتاج مصانع الأسمنت والحديد بالمملكة، خاصةً أنها مشروعات عملاقة من الصعب أن تعوضها مشروعات القطاع الخاص.
وقد بلغ حجم الإنفاق الاستثماري للحكومة السعودية منذ 2009 حتى 2015 نحو 503.7 مليار دولار.
ومع ذلك، استبعد رئيس مجلس إدارة جماعة المهندسين الاستشاريين أن يكون التأثير سريعًا على مصانع الأسمنت والحديد السعودية، حيث يُمكن أن تبدأ تداعيات تراجع عقود الإنشاء في الظهور منتصف العام المقبل، نظرًا لأن العقود الحالية طويلة الأجل.
وبحسب تقرير "قطاع البناء والتشييد في دول الخليج 2015" الصادر عن شركة "ألبن كابيتال"، فتقدر قيمة مشروعات القطاع بدول الخليج العربي نحو 126 مليار دولار في 2015 بمعدل نمو سنوي مركب 11%.
واستنادًا إلى بيانات الاتحاد العالمي للصلب، انخفض إنتاج السعودية من حديد الصلب الخام خلال عام 2015 بنسبة 10% مقارنة بعام 2014 ليبلغ 5.7 ملايين طن، فضلًا عن تراجع إنتاج قطر بنسبة 14% ليسجل 2.6 مليون طن، في حين ارتفع إنتاج الإمارات على 3 مليون طن بمعدل نمو سنوي 26%.
وفي المُقابل ارتفعت مبيعات شركات الأسمنت السعودية في العام 2015 بمعدل سنوي 3.77% لتسجل 58 مليون طن مقابل 55.9 مليون طن في العام 2014، وواصلت المبيعات الارتفاع في يناير/كانون الثاني 2016 بتسجيل 5.747 مليون طن مقارنة بـ 5.429 مليون طن في نفس الفترة من العام الماضي بنسبة نمو 5.9%.
من جانبه، قال إبراهيم منصور مدير التحليل المالي للأسهم بقطاع البحوث بشركة مباشر للأوراق المالية لبوابة "العين" الإخبارية، إن السعودية تستهدف خفض عجز الموازنة في العام 2016 إلى 326 مليار ريال مقابل 367 مليار ريال في 2015، مما سينعكس على طرح مشروعات إنشائية جديدة أو معدلات تنفيذ المشروعات القائمة.
وأضاف أن مصانع المواد الإنشائية مثل الحديد والأسمنت السعودية ستتأثر سلبًا بهذه التطورات، خاصةً أن مصانع الأسمنت تعمل الآن بمعدل تشغيل 90% من الطاقة التصميمية لها، وهي معدلات مرتفعة مقارنة بأسواق مجاورة مثل مصر التي تسجل مصانع الأسمنت بها معدلات تشغيل 75 – 80%.
وتوقع منصور أن تشهد المملكة العام الجاري تراجعًا في معدلات تنفيذ المشروعات المتعاقد عليها نظرًا لارتباط التنفيذ بسرعة تحصيل شركات المقاولات للمستخلصات المالية، وبدوره سينعكس ذلك على إنتاج مصانع الأسمنت والحديد.
ورهن قدرة مصانع الأسمنت السعودية للخروج من الأزمة عبر موافقة الحكومة على السماح لها بتصدير الإنتاج إلى الخارج.
وكانت المملكة قد حظرت في أغسطس/آب 2012 تصدير الأسمنت بهدف سد احتياطات السوق المحلية، ولكن وزارة التجارة والصناعة أعلنت مؤخرًا عن استعدادها لرفع طلب الشركات برفع حظر تصدير الأسمنت إلى السلطات السعودية، وأنها لا تعارض تصدير الأسمنت من حيث المبدأ بشرط وفرة المخزون من الكلينكر والأسمنت وعدم رفع السعر على المستهلك.
واستبعد مدير التحليل المالي للأسهم بشركة مباشر أن تمتد تراجع حركة الإنتاج إلى مصانع مواد الإنشاء في الإمارات وقطر، نظرًا لأن كل دولة منهما تنفذ مخططات تطوير إنشائية ضخمة استعدادًا لاستقبال فعاليات دولية.
وقد أعلنت قطر الوطنية لصناعة الأسمنت وهي أكبر شركة للأسمنت في السوق القطرية عن زيادة إنتاجها من الأسمنت في العام 2015 إلى حوالي 3.8 مليون طن مقابل حوالي 3.5 مليون طن في العام السابق.
aXA6IDMuMTI4LjMxLjc2IA== جزيرة ام اند امز