"مكاني".. تستهدف تعليم 95 ألف طفل سوري خارج مقاعد الدراسة
المواد الدراسية وضعها متخصصون لتحقيق الهدف من مشروع "مكاني"، وهو أن يظل الطالب على تواصل بالعلم لحين التحاقه بالمدارس النظامية.
"حلمي بأن أصبح مخرجًا للأفلام السينمائية، حتى أصور للناس ماذا واجهنا أثناء الحرب في سوريا، وأخبرهم عن رحلة الموت التي واجهها والدي وعائلتي أثناء سفرهم إلى السويد، أعيش الآن مع أمي وجدتي و5 أخوات، وعملت في محل للمفروشات، لكنني لم أتحمل الصعوبات، وعدت للدراسة واخترت (مكاني) إلى حين أن أجد مقعدًا دراسيًّا في المدارس الحكومية".. هكذا بدأ يروي الطفل ياسر (وهو اسم غير حقيقي) كيفية التحاقه بمركز "مكاني" في الأردن، المعني بتوفير فرصة لتعليم الأطفال الذين حرمتهم ظروفهم من استكمال دراستهم في المدارس العادية.
ويضيف ياسر: "أبلغ من العمر 16 سنة، وقدمت مع عائلتي إلى الأردن في عام 2012، وسافر والدي إلى السويد لعله يجد حياة أفضل للعائلة، ودرست سابقًا في مدرسة نظامية، لكن بسبب الرحيل لمنطقة سكن أخرى، فقدت مقعدي الدراسي، وأعترف أنني في المدرسة تعرضت لعنف من قبل الطلبة كوني سوريا، لكن في (مكاني) تحسنت نفسيتي، وتطورت لغتي الإنجليزية، وجعلت أختي تلتحق بالبرنامج أيضًا، حتى لا تفقد مع الوقت المهارات الأساسية للتعلم".
أما الطفلة بيان، وهو اسم غير حقيقي، فتبلغ من العمر 11 سنة، وانضمت لـ"مكاني" لاستكمال دراستها، وتقول: "كنت أشعر بالوحدة، فلا صديقات لي؛ لأن صديقاتي في سوريا سافروا مع عائلاتهن إلى دول مختلفة بسبب الحرب، أما الآن فلي صديقات تعرفت عليهن في (مكاني). قدمت أنا وعائلتي إلى الأردن في عام 2014، وأحلم بأن أصبح محامية حتى أدافع عن حقوق الناس، ووافق أهلي على أن التحق بهذا المركز بسبب توفر المواصلات، فمنزلي بعيد، لكن وجود الباص جعلهم يشعرون بالاطمئنان، وهناك نتعلم اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم وغيرها من المواد".
زيادة الثقة بالنفس
معلمة الرياضيات، منار الزعبي، في مركز "مكاني"، تقول: "يتم تقسيم الأطفال إلى مستويات، من خلال إخضاعهم لامتحان يبين مدى قدراتهم، والمستوى الواحد يضم أطفالًا أعمارهم متقاربة لكنها ليست واحدة كما في المدارس النظامية، فالكثير منهم انقطع عن الدراسة بسبب اللجوء وظروف الحرب، ولم يجدوا فرصًا في المدارس الحكومية، ومنهم من كان يعمل ليعول أسرته، ومع الضغوط ترك العمل وعاد للدراسة، وهناك أيضًا 12 حالة تعاني من صعوبات التعلم".
وتتابع الزعبي: "يتم الفصل بين الطلبة بعد عمر التاسعة، في بداية استقبالنا لهم كانوا يشعرون بالخوف، أما الآن فتغيرت شخصياتهم بالكامل وأصبحوا أكثر ثقة، والكثير منهم أصبح لديه رغبة باستكمال الدراسة في المدارس الحكومية وصولًا للمراحل الجامعية، ونقوم بتوعية الأهالي بشكل مستمر عن أهمية التعليم من خلال جلسات، ويتم التواصل معهم أيضا عبر الهاتف، ونوفر المواصلات للطلاب حتى نضمن التزامهم وعدم تقاعسهم".
وترى معلمة اللغة الإنجليزية، رغد خويلي، أن الطلاب لديهم قدرة عالية على التعلم، وأصبح لديهم صداقات وزادت ثقتهم بأنفسهم، خاصة الفتيات اللواتي تولدت لديهن رغبة في الدراسة خوفًا من الزواج، إذ يكثر الزواج المبكر بين عائلاتهن، وتقول: "الهدف من (مكاني) هو إيجاد مكان آمن يتوفر به التعليم والدعم النفسي والاجتماعي، وبالفعل لاحظنا نتائج واضحة تدلل على تحسن شخصيات من التحق في الدورة، وكل دورة مدتها 3 أشهر، وفي نهايتها يكون هناك امتحان يؤهل الطالب للانتقال إلى المستوى الأعلى".
دراسات
مدير مركز "مكاني" فرع الرمثا، كريم ذيابات، يقول: "سجل في المركز 217 طالبًا، يلتزم منهم في الدوام 120 طالبًا، ومعظم الطلبة قادمين من عائلات تعمل في الزراعة، وكل الطلاب المستفيدين من البرامج حاليًا سوريون، فعدد اللاجئين السوريين في محافظة الرمثا التي تقع شمال العاصمة عمان، ما يقارب 60 ألف لاجئ، بسبب وجودها على المنطقة الحدودية بين الأردن وسوريا، وبحسب إحصائيات وزارة التربية والتعليم لعام 2015، فقد سجل في مدارس المملكة الأردنية 129 ألف لاجئ سوري من مجموع 224 ألفًا، ما يعني عدم تسجيل 95 ألفًا إما لأنهم بعيدين عن متناول وزارة التربية والتعليم أو يتعذر خدمتهم، وتتفاقم هذه الحالة عندما نعرف بأن هنالك 30 ألف أردني خارج المدارس".
ويؤكد ذيابات أن المواد الدراسية التي يجري تدريسها للطلاب وضعها متخصصون بأساليب التدريس، وأن الهدف من مشروع "مكاني" هو أن يظل الطالب على تواصل بالعلم، لحين التحاقه بالمدارس النظامية.
مديرة مشروع "مكاني" في محافظة الرمثا، حنين سليمان، تقول: "توفر مراكز (مكاني) برامج متنوعة تغطي التعليم البديل وبناء المهارات والدعم النفسي والاجتماعي، وأيضًا العمل على توعية المجتمع المحيط بالمركز، ويستهدف بشكل رئيسي الفتيان والفتيات الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و18 عامًا، وصغار السن حتى 24 عامًا، وهي مجموعات تعاني من مواطن الاستضعاف ولها احتياجات خاصة".
وأوضحت أن التركيز ينصب على الفتيان والفتيات من كل الجنسيات خارج مقاعد الدراسة، سواء كانوا متسربين من الدراسة، أو ممن لم يلتحقوا بالدراسة أصلًا، أو الذين لم يستطيعوا الحصول على مقاعد في المدارس القريبة من منازلهم بسبب القدرة الاستيعابية لهذه المدارس.
ولفتت إلى أن مشروع مكاني يتم تنفيذه من قبل جمعية إنقاذ الطفل بعدد من المحافظات، وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، ويستهدف خلال الأربع أشهر الأولى من السنة الحالية، 1900 طالب، وفي مجال تقديم الدعم النفسي والمهارات الحياتية 775 طفلًا، وسيتم تقديم جلسات توعوية وأنشطة مجتمعية تشمل 3 آلاف شخص.
وتختتم قائلة: "الآن لدينا 3 مراكز، وسيتم افتتاح 8 مراكز بمناطق مختلفة، ومجموع الطلاب الحالي المستفيدين من المشروع في جميع الفروع 972 طالبًا".
aXA6IDMuMTUuMjExLjcxIA== جزيرة ام اند امز