تسلل الغزيين إلى إسرائيل .. مغامرة اليائسين تنتهي بالسجن
"الخيارات منعدمة أمام الشباب لا عمل ولا أفق، لذلك هم يجازفون بالمخاطرة"، والد أحد المقبوض عليهم، في حديث لبوابة "العين"
امتزجت مشاعر الغضب بالقلق لدى الفلسطيني محمد شلوف (65 عامًا) بعد تلقيه معلومات عن تعرض ابنه سعيد (23 عامًا) للاعتقال من قبل الاحتلال الإسرائيلي، خلال محاولته التسلل إلى إسرائيل، عبر السياج الحدودي المحاذي لجنوب قطاع غزة.
وقال شلوف، الذي يقطن مدينة رفح جنوب قطاع غزة لبوابة "العين" الإخبارية، إنه فوجئ بنبأ اعتقال ابنه عبد ربه مع اثنين من أصدقائه.
واعتقل شلوف، مع صديقيه فجر السبت الماضي، بعد محاولتهم اجتياز الشريط الحدودي المحاذي لجنوب قطاع غزة.
وأطلق الوالد المسن تنهيدة قائلًا: "الخيارات منعدمة أمام الشباب لا عمل ولاح اية ولا أفق، لذلك هم يجازفون بالمخاطرة".
الدافع الاقتصادي
ورأى شلوف أن سوء الأوضاع الاقتصادية وانعدام الفرص في غزة يدفع الشباب والأطفال إلى التفكير بالتسلل للهروب من هذا الواقع بحثًا عن فرص أحسن، رغم عدم جدوى هذه المجازفات التي تنتهي بالاعتقال.
ووفق تقرير رسمي فلسطيني فإن قطاع غزة شهد تصاعدًا قياسيًّا في معدلات البطالة خلال العام 2015، لتصل إلى 41% من مجموع القوى العاملة، فيما كانت البطالة في الضفة الغربية 17.3% فقط.
وأفاد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في تقرير إحصائي تلقت بوابة "العين" نسخة منه، بأن النتائج الأساسية لمسح القوى العاملة في فلسطين للعام 2015، كشف أن عدد العاطلين عن العمل في الضفة وغزة وصل 336 ألف شخص، بواقع 143 ألف في الضفة و193 ألف في غزة.
ولا يبدي حمزة القهوجي، (23 عامًا)، أي ندم على مجازفة التسلل، التي كلفته 4 أشهر من الاعتقال، وقال القهوجي، الذي أفرجت عنه قوات الاحتلال، لبوابة "العين"، أنه حاول التسلل على أمل العثور على فرصة عمل كي يتمكن من إعالة أسرته، ولكن جرى اعتقاله مع صديقه زكريا أبو لحية.
وأضاف القهوجي، الذي يقطن شرقي خان يونس، وهو متزوج وأب لأربعة أطفال، إنه اعتقل في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي واعتقل مباشرة بعد اجتيازه الحدود شرق خان يونس واقتيد للتحقيق.
وأضاف أنه خضع للمساومة وعرض عليه العمل مع قوات الاحتلال ولكنه رفض ذلك، فتم الحكم عليه 4 أشهر أمضاها قبل أن يجري الإفراج عنه مؤخرًا، معتبرًا أنه لا جديد فلا أفق ولا حياة، سواء في السجن أو خارجه الأمر سيان.
معطيات عن المتسللين
وشهدت الآونة الأخيرة زيادة لافتة في أعداد المتسللين عبر السياج الحدودي بدوافع متعدة من ضمنها تردي الوضع الاقتصادي.
ويقول نائب مدير وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ياسر عبد الغفور، لبوابة "العين"، إن قوات الاحتلال اعتقلت خلال عام 2014 نحو 176 شخصًا بينهم ما لا يقل عن 38 طفلًا، وكان بينهم 94 شخصًا اعتقلوا قبل الحرب على غزة، بينما اعتقل الباقون وهم 82 منذ الحرب حتى نهاية عام 2014.
وأضاف أنه تم توثيق 76 حالة اعتقال لمتسللين في فترة ما قبل انطلاق الانتفاضة خلال عام 2015، فيما جرى اعتقال تسلل ما لا يقل عن 15 شخصًا منذ مطلع العام الجاري.
دوافع التسلل
وأظهرت تقارير إسرائيلية حديثة تخوفها بأن تكون عمليات التسلل جزء من محاولات جس النبض واستكشاف الواقع خلال الحدود تقف وراءها حركة حماس، رغم توفر معطيات من مخرجات التحقيق مع المعقلين أن "هؤلاء يفعلون ذلك لأنهم معنيون بالخروج من غزة وحسب، فيما يسميهم الجيش باليائسين من أوضاعها الإنسانية المزرية والمتدهورة باستمرار بسبب الحصار عليه، إن كان ذلك بسبب الوضع الاقتصادي، مشاكل الكهرباء والماء، أو عدم وجود أمل بمستقبل أفضل".
ووفقًا لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن "هؤلاء الفلسطينيين وعلى ما يبدو أن غالبيتهم العظمى شبان، يسعون إلى اختراق الحدود بحثًا عن مستقبل أفضل، حتى لو كان ذلك مقرونًا بزجهم في السجون".
اهتمام أمني
وتبدي الجهات الأمنية بغزة اهتمامًا كبيرًا بملف التسلل والمتسللين ودوافعهم، بحيث لا تتوقف عند أبعاد الوضع الاقتصادي، إنما إلى أبعاد ذات صلة بسعي الاحتلال لتجنيد المزيد من العناصر التابعة لها.
وقال الخبير الأمني إسلام شهوان لبوابة "العين"، ظاهرة التسلل هي ظاهرة متعددة الأشكال والأسباب والدوافع فحينًا يبرز الدافع الاقتصادي وحينًا تهور الشباب، وحينًا تظهر الأبعاد الأمنية، مشددًا على خطورة هذه الظاهرة "كونها تجعل شبابنا وأطفالنا وهو في مقبلة العمر صيدًا سهلًا للاحتلال الذي يريد تعويض المخزون الاستراتيجي لعملائه بعد الضربات المتلاحقة التي تعرض لها خلال السنوات الماضية".
ورأى أن مواجهة هذه الظاهرة يتطلب تضافر جهود على صعيد التوعية والتحصين وهذه عملية وقائية تشترك فيها عدة جهات، إضافة لعمليات الإحباط والمنع وتمارسها الأجهزة الأمنية التي تتابع هذا الملف من عدة محاور، لإحباطها قبل حدوثها، وكذلك عبر التعامل الجاد والمسؤول مع كل حالات الاعتقال والتسلل ودراسة دوافع كل منها وتداعياتها بشكل محدد.
aXA6IDMuMTQ5LjIzNC41MCA=
جزيرة ام اند امز