"عكاشة".. سلسلة أزمات تنتهي بتجريده من الحصانة
قبل إعلان نتيجة التصويت النهائي، خرج عكاشة غاضبًا من مقر البرلمان، متوعدًا من لم يسانده.
حفلت جلسة التصويت، على إسقاط عضوية النائب بالبرلمان المصري توفيق عكاشة، اليوم الأربعاء، بمشادات وتهديدات، على مدى 6 ساعات، انتهت بتجريده من حصانته، حسب مراسلة بوابة "العين" الإخبارية داخل البرلمان.
وأثار "عكاشة" سلسلة أزمات داخل مجلس النواب، منذ فوزه بالانتخابات، انتهت بلقاء جمعه بسفير إسرائيل لدى مصر، في مسقط رأسه بالدقهلية (دلتا مصر)، فكان "القشة التي قصمت ظهر البعير" ليفقد مقعده في البرلمان.
ولجأ مجلس النواب، في جلسة اليوم، إلى التصويت الإلكتروني، بعد التأكد من حضور ما يزيد عن 400 نائب، أي أكثر من ثلثي الأعضاء، وهي الأغلبية المطلوبة، لإسقاط العضوية، وفقًا للمادة 110 من الدستور، وكان التصويت من خلال النداء بالاسم، ووقوفًا، لإبداء الرأي بالموافقة أو الرفض.
وبعد مرور ما يزيد عن 6 ساعات، تم التصويت على إسقاط عضوية "عكاشة"، بموافقة 465 نائبًا، من إجمالي حضور 490 نائبًا، وذهبت بقية الأصوات بين الرفض أو الامتناع عن التصويت.
ولم تخلُ الجلسة من المشادات الكلامية، والمزايدات أحيانًا، كما وصفها أحد النواب، والتي اضطر معها رئيس المجلس الدكتور علي عبدالعال، إلى حذف عبارة المزايدات من المضبطة، ليعلن بعد ذلك خلو مقعد نائب دائرة نبروه وطلخا بمحافظة الدقهلية.
وعلى الرغم من حضور توفيق عكاشة، في هذا اليوم، من العاشرة صباحًا، وجلوسه في البهو الفرعوني، انتظارًا لتحديد مصيره، ومع بدء الجلسة طلب رئيس المجلس حضوره، لكنه لم يستجب، وبعد مرور ما يقرب من ساعة من بدء التصويت، وكانت المؤشرات القوية تتجه لإسقاط العضوية، الأمر الذي شعر معه "عكاشة" بخطورة الموقف، حاول الدخول للقاعة الرئيسية للإدلاء بقوله، ولكن تم غلق الأبواب بناء على طلب رئيس المجلس، منعًا لخروج النواب خوفًا من حدوث خلل في اكتمال النصاب.
وقبل إعلان نتيجة التصويت النهائي، خرج عكاشة غاضبًا من مقر البرلمان متوعدًا من لم يسانده.
وشهدت جلسة، الأحد الماضي، واقعة أثارت جدلا واسعًا، كان بطلها "عكاشة" عندما دخل إلى القاعة الرئيسية موجهًا كلامه للدكتور علي عبدالعال، والمستشار أحمد سعد الدين، الأمين العام للمجلس، مطالبًا إياهما بمنحه الكلمة، وهو ما استفز النائب الناصري كمال أحمد، الذي باغت "عكاشة" نائب التطبيع -كما يصفه النواب- وقام بخلع حذاءه وضرب به رأس "عكاشة".
واضطر النواب للتدخل وفض الاشتباك بين النائبين، ووجه "كمال" كلمات ساخنة لـ"عكاشة" بعد ضربه بالحذاء، قائلًا: هذه رسالة من عبدالناصر لك، وذلك بعد الانتقادات التي وجهها "عكاشة" للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، خلال لقائه بالسفير الإسرائيلي.
واضطر رئيس المجلس إلى طرد "كمال" و"عكاشة" من الجلسة، واختلفت ردود فعل النواب، حول واقعة الحذاء، البعض رحب بها، مطالبًا بوضع الحذاء في متحف المجلس، والآخر رفضها، ليس دفاعًا عن نائب التطبيع، ولكن حفاظًا على هيبة المجلس.
وعرف توفيق عكاشة بـ"نائب المشاكل"؛ حيث اعتاد إقحام نفسه في معارك كثيرة، وافتعال معارك أخرى، بدأها مبكرا، بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية، ورفضه استخراج بطاقة عضويته بمجلس النواب، احتجاجًا على استقالة اللواء خالد الصدر، الأمين العام للنواب، بناء على طلب المستشار مجدي العجاتي، وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، وتعيين "سعد الدين"، بديلًا له، الأمر الذي رفضه "عكاشة"، وأقسم أنه لن يحصل على بطاقة عضويته إلا بتوقيع "الصدر"، بل إقالة وزير شئون مجلس النواب، وبعد أيام قليلة، استخرج "عكاشة" بطاقة عضويته بتوقيع "سعد الدين" متراجعًا عن تهديداته.
"عكاشة"، الرجل العاشق للأضواء، قرر بعد ذلك الترشح على منصب رئيس مجلس النواب، وبدأ تحركاته للحصول على أكبر عدد من الأصوات، ولكن أخذ "عكاشة" الصدمة الأولى في الجلسة الإجرائية للمجلس بعد ترشحه على رئاسة المجلس، وحصوله على 25 صوتًا فقط، مقابل 401 صوت لـ"عبدالعال"، وأسرها "عكاشة" في نفسه، الذي بدا طيلة الوقت معترضًا على طريقة إدارة رئيس المجلس للجلسات.
"عكاشة"، الذي يصف نفسه بأنه "مفجر ثورة 30 يونيو"، خُيل إليه، أنه بمجرد طلبه للكلمة في الجلسة، سيحصل عليها، وهو ما لم يحدث، وفي إحدى الجلسات، لم يكتف بالصياح رفضًا لعدم منحه الكلمة، ولكنه هب من مقعده، وصعد إلى المنصة العلوية، محاولًا الوصول لمقعد رئيس المجلس، بالمخالفة للبروتوكول، إلا أن أحد أفراد الأمن، منعه، وهو ما رفضه "عكاشة" الذي احتد على عدم السماح له، بالوصول لـ"عبدالعال"، ولكن اضطر في النهاية النزول من على المنصة، متمتمًا بكل كلمات الغضب.
لجأ "عكاشة" في إحدى المرات، في محاولة منه، لجذب أنظار وسائل الإعلام، إلى الجلوس داخل "البهو الفرعوني" (استراحة النواب) وقام بوضع لاصق على فمه مكتوب عليه: "ممنوع من الكلام بأمر الحكومة داخل المجلس وخارجه"، بعد رفض رئيس المجلس منحه الكلمة، في إحدى الجلسات.
ولم يترك "عكاشة" قانون الخدمة المدنية، الذي كان يثير جدلًا شديدًا بين النواب والشارع المصري يمر مرور الكرام دون أن يضع لمساته؛ حيث قام بحمل لافتة مكتوب عليها "أرفض قانون الخدمة المدنية"، وطاف بها في أروقة المجلس.
"أنت أساسا جيت هنا غلط"، هذه العبارة وجهها "عكاشة" غاضبًا إلى رئيس المجلس، بعد قراره بطرد نائب نبروه من الجلسة العامة، وموافقة المجلس على ذلك، على خلفية ذهابه إلى منتصف القاعة الرئيسية، صارخًا في وجه "عبدالعال"، اعتراضًا على عدم منحه الكلمة، وهي الطريقة التي رفضها رئيس المجلس، مطالبًا إياه بالعودة لمقعده، ولكن النائب لم يستجب، وتعالت صيحاته الغاضبة، الأمر الذي استفز رئيس المجلس، واضطر إلى طرده، مرتين على مدار جلستين، وتشكيل لجنة خاصة للتحقيق معه، في واقعة إهانته، وهو أول نائب منذ انعقاد الجلسات يتم التحقيق معه بشكل رسميي.
أزمات "عكاشة"، لم تكن مع البرلمان فقط، ولكن افتعل بعضها، مع المحررين البرلمانيين داخل المجلس، منها اعتراضه على ما نشرته مواقع إلكترونية عن واقعة طرده من الجلسة العامة، وهرول النائب إلى المركز الإعلامي، واضعًا قدمًا على الأخرى، متحدثًا بلهجة انفعالية، وصوتًا عاليًا، قائلًا: أنا توفيق عكاشة محدش يقدر يطردني، وأنا سأمنع الصحافة الإلكترونية من دخول البرلمان، وسأعتصم هنا حتى يتم الاعتذار".
وبلغ "عبدالعال" ما فعله النائب، الذي قال لوكيل المجلس السيد الشريف،: فور انتهاء الجلسات، اقطعوا المياه والكهرباء عن المجلس، مش عايز حد يعتصم، ووعد بالنظر في المذكرة التي قدمها المحررون البرلمانيين ضد "عكاشة" بسبب إهانته للصحفيين.
"عكاشة"، المشاكس دائمًا، كان لقاءه بالسفير الإسرائيلي، مؤخرا، القشة التي قصمت ظهره، وطردته خارج البرلمان، ليفقد لقب ظل يدافع عنه وهو "سيادة النائب".