مصرفيون: إلغاء مصر سقف الإيداع بالدولار يستهدف جذب المدخرات
اعتبر خبراء مصرفيون أن قرار البنك المركزي المصري بإلغاء قيود الإيداع والسحب بالدولار للأفراد، خطوة تصحيحية للتعامل مع ملف شُح الدولار.
قال عدد من خبراء التمويل والائتمان، إن قرار البنك المركزي بإلغاء سقف الإيداع والسحب بالدولار للأفراد، هو خطوة تصحيحية لمسار المركزي بقيادة طارق عامر الذي تولى المسؤولية في نوفمبر/تشرين الثاني في التعامل مع ملف شُح الدولار وانتعاش السوق الموازية.
وأوضح مصرفيون أن القرار يستهدف جذب مُدخرات الأفراد إلى البنوك عبر إتاحة حرية الإيداع والسحب بدلًا من الحدود القصوى التي أدت إلى امتناع شريحة من المصريين بالخارج عن تحويل أموالهم للبلاد تفاديًا للاحتفاظ بها داخل منازلهم.
وأكد الخبراء أن قرار هشام رامز محافظ البنك المركزي السابق بفرض حدود قصوى للسحب والإيداع للأفراد بنحو 10 آلاف دولار يوميًّا و50 ألف دولار شهريًّا في فبراير/شباط 2015 لم يحقق الغرض منه بالقضاء على السوق الموازية للدولار.
كما أشاروا إلى أن القرار كان من ضمن أهدافه وقف حركة تحويل العملة الصعبة خارج البلاد، ولكن الآن هناك شبه توقف لحركة تحويل الأفراد لأموالهم في ظل استقرار المناخ السياسي.
من جانبها، قالت الدكتورة بسنت فهمي أستاذة التمويل والبنوك بالجامعة الفرنسية وعضو مجلس الشعب، لبوابة "العين" الإخبارية، إن قرار إلغاء سقف إيداع الدولار للأفراد هو تصحيح لقرار سابق اتخذه البنك المركزي لمحاربة السوق السوداء.
وأضافت أن المركزي وجد بعد مرور قرابة 13 شهر على القرار القديم بأن نشاط السوق الموازية اتسع نتيجة عجز الأفراد عن إيداع أموالهم في البنوك وتفضيل المصريين بالخارج الاحتفاظ بأموالهم خارج البلاد حتى لا يضطروا لإيداعها بالمنازل، ما انعكس في انخفاض السيولة المتوافرة بالجهاز المصرفي ومن ثم ازداد الطلب على السوق الموازية.
وتوقعت فهمي أن يُساهم القرار الجديد للمركزي في رفع ودائع العملة الصعبة في البنوك في ظل إتاحة حرية الإيداع والسحب، وفي الوقت نفسه سيقلل هذا من نشاط السوق الموازية.
وفقدت أسعار صرف الدولار 15 قرشًا مقابل الجنيه في تعاملات السوق الموازية، أمس الثلاثاء، بعد انتشار قرار البنك المركزي ليسجل 9.65 جنيه للشراء و9.70 جنيه للبيع مقابل 9.70 جنيه للشراء و9.85 جنيه للبيع، أول أمس الإثنين.
ورجحت أستاذة التمويل والبنوك أن تشهد الفترة المقبلة رفع البنك المركزي سقف الإيداع المفروض على الشركات تدريجيًّا حتى يتمكن المُصدِّرين من إيداع كامل أموالهم في البنوك بدلًا من الاحتفاظ بها خارج البلاد.
فيما رأت فهمي أنه ليس شرطًا أن يكون قرار إلغاء سقف الإيداع للأفراد مُقدمة لقرار خفض سعر الجنيه من قبل البنك المركزي، نظرًا لارتباط هذا القرار بعوامل متعددة، مثل رفع رصيد البلاد من الاحتياطي النقدي الأجنبي، وكذلك ارتفاع حصيلة الاستثمارات الأجنبية المُباشرة.
وكان طارق عامر محافظ البنك المركزي قد أكد خلال فبراير/شباط الماضي أنه لا يوجد تفكير في خفض قيمة الجُنيه قبل وصول الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى ما بين 25-30 مليار دولار.
وتعرضت احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي للتآكل على مدار 5 سنوات، إذ سجلت 16.533 مليار دولار بنهاية يناير 2016 مقارنة بـ36 مليار دولار بنهاية 2010، نتيجة تآكل الصادرات وانخفاض عائدات السياحة من 14 مليار دولار في عام 2010، إلى 6 مليارات دولار خلال عام 2015.
من جانبه، قال محمود مصطفى مسؤول الائتمان، لبوابة "العين" الإخبارية، إن قرار إلغاء سقف الإيداع والسحب بالدولار للأفراد يخاطب شريحة المواطنين الذي يحتفظون بمُدخراتهم في البيوت، حيث يستهدف جذبها إلى الجهاز المصرفي الرسمي.
وأضاف أنه عند إصدار البنك المركزي بقيادة المحافظ السابق هشام رامز سقفًا لإيداع الأفراد بالدولار كان الهدف منه السيطرة على عمليات تحويل العملة الصعبة للخارج، حيث رصد حينها إيداع الأفراد مبالغ في البنوك المالية ثم تحويلها لبنوك خارج عند السفر خارج البلاد.
وأوضح أن هذه العملية تشبه ما كان يحدث في البورصة المصرية حين كان يقوم المستثمرون بشراء أسهم ثم تحويلها إلى شهادات إيداع دولية متداولة في بورصة لندن بهدف بيعها في الخارج والحصول على العائد بالدولار والاحتفاظ بحصيلة البيع في الخارج.
ورأى مسؤول الائتمان أن الوضع الآن تغير في ظل استقرار المناخ السياسي وعدم وجود داعٍ لتحويل الأموال خارج البلاد.
وأضاف مصطفى أن هناك بُعدًا مهمًّا جذابًا للأفراد الآن يتمثل في ارتفاع الفائدة على الدولار بالبنوك المصرية مقارنة بأغلب دول العالم، خاصة أنه بإمكان الأفراد إيداع أموالها لفترة قصيرة لا تتجاوز 3 أشهر، ثم سحبها في أي وقت.
ويصل العائد على ودائع الدولار ذات آجل 3 سنوات إلى 4%، يرتفع إلى 4.25% لآجل 5 سنوات، و4.5% للودائع ذات آجل 7 سنوات.
واستبعد مصطفى أن يؤدي إلغاء سقف الإيداع والسحب للأفراد إلى تنشيط حركة معاملات السوق الموازية، نظرًا لأن الأفراد يستهدفون الاحتفاظ بالدولار للاستفادة من استقرار سعره او ارتفاعه مستقبلًا ومن ثم الحفاظ على قيمته الشرائية، لافتًا إلى أن العكس هو ما حدث؛ إذ أدى القرار إلى ارتباك السوق الموازية نظرًا لتمتع الأفراد الآن بمرونة أكبر في إيداع العملة الصعبة بالبنوك.
في حين قلل مسؤول الائتمان من فرص تعميم البنك المركزي قرار رفع حدود الإيداع بالدولار على الشركات الآن بهدف عدم تنشيط الطلب على السوق السوداء، خاصةً أن المركزي أصدر مؤخرًا عدة قرارات بخصوص زيادة الحدود القصوى لإيداعات الشركات بالدولار في البنوك.
وشهد الشهر الماضي رفع البنك المركزي الحد الأقصى للإيداع من 50 ألف دولار إلى 250 ألف دولار شهريًّا لمستوردي السلع الأساسية والاستراتيجية مثل الأدوية والغذاء والمعدات ومستلزمات الإنتاج، ثم تلاه قرار يسمح للمُصدِّرين بالإيداع والسحب حتى مليون دولار شهريًّا بغرض توفير مستلزمات الإنتاج وتنشيط الصادرات.
ورأى مصطفى أنه على الرغم من وجود مطالب بالسوق لخفض البنك المركزي سعر الجنيه أو تعويمه، ولكن من المُستبعد اتخاذ هذه الخطوة الآن؛ لأنها يمكن أن تساهم في دفع الأفراد لشراء الدولار من السوق السوداء بهدف إيداعه بالبنوك والاستفادة من ارتفاع الفائدة على الدولار.
ويعني تعويم الجنيه إفساح المجال لتحديد سعره بناءً على حرية حركة العرض والطلب دون تدخل المركزي عبر طرح 3 عطاءات أسبوعيًّا لبيع الدولار للبنوك.
aXA6IDEzLjU5Ljk1LjE3MCA= جزيرة ام اند امز