"إرادة" .. تقدم العون لـ6 الآف طفل مصاب بالسكري في الأردن
أكثر الأسئلة تتعلق بخوف الأهل على مستقبل أطفالهم، وهل يؤثر هذا المرض على زواج الفتيات؟ وهل يحرمون مستقبلًا من الإنجاب؟ .. فما الإجابات؟
لاحظت "أم حلا" أن صحة طفلتها "حلا"، البالغة من العمر 5 سنوات ونصف، بدأت تتدهور يومًا بعد يوم، ووزنها آخذ بالتناقص، وفي الليل تستيقظ كثيرًا لقضاء حاجتها، وبعدما اخبرت زوجها عن هذه الأعراض، اتفقوا بضرورة إجراء فحوصات طبية للطفلة، وكانت الصدمة قوية حين علموا أنها مصابة بمرض السكري النوع الأول.
"أم حلا" حالة من بين حالات كثيرة من أهالي الأطفال المصابين بمرض السكري النوع الأول، "العين" التقت بعضهم للوقوف على معاناتهم.
تقول أم حلا: "أكثر الأمور صعوبة واجهتني، هو إقناع ابنتي الصغيرة ألا تخاف من الإبرة، والفحص يوميًّا 3 مرات، ولا يوجد بديل آخر للفحص غير الإبرة، وبدأت تسألني أسئلة كثيرة، لماذا أحرمها من الحلويات ولا تستطيع أكل الخبز والأرز، بينما أسمح لشقيقتيها بذلك، هي صغيرة لكنها تلاحظ وتسأل دومًا، ويجب أن أجيبها إجابات علمية، وألا أخفي عنها طبيعة المرض التي تعاني منه".
وتؤكد "أم مجد" أن ابنها "مجد"، الذي يبلغ من العمر 8 سنوات، أصغر من أن يدرك جميع التفاصيل وينتبه إليها، لكنها تقول، إنه "مع الوقت سيتعلم الحقن ويعرف المحظورات من الطعام، وفي إحدى المرات تعرض لغيبوبة السكري، لكن بفعل وعي المعلمين في المدرسة استطاعوا إخباري سريعًا واستطعنا تلافي المشاكل".
تضيف أم مجد: "طفل السكري يختلف تمامًا عن أي طفل آخر، ويجب معاملته باهتمام وانتباه لما يأكل وتوعيته بشكل دائم، حتى تنضج لديه الفكرة، ومع الوقت يصبح لديه معلومات كافية، الأطفال كما نعرف يحبون الحلويات والأغذية غير الصحية، وإن اهتمت الأم بغذاء طفل السكري، سيواجه مصاعب حين يقابل أصحابه في المدرسة في فترة الإفطار، خاصة أنهم يجلبون معهم عصائر وشيكولاتة وغيرها، وجميعها من الأمور الممنوعة عنه، كما أن المدرسة به مقصف يحوي كل ما هو غير صحي ويباع للأطفال".
الوعي نصف العلاج:
ومع صعوبة الوضع ظهرت جمعية "إرادة" للأطفال والشباب المصابين بالسمنة ومرض السكري، وتقول رئيستها الدكتورة سيما كلالدة: "جاءت فكرة تأسيس الجمعية في عام 2013، بعدما لاحظنا كأطباء أن هناك فجوة في وعي الأهالي والجهات المختلفة التي تحيط المريض، خاصة الطفل المصاب بمرض السكري، بكيفية التعامل معه، وما المحظورات التي يجب أن يبتعد عنها، وكيف له أن ينخرط في فئات المجتمع المختلفة دون أن يشعر أنه مختلف عن غيره من الأطفال".
وأوضحت أن من الصعوبات التي تواجه طفل السكري وأسرته مثلًا وجود عدد من المدارس ترفض تسجيله في السنة الدراسية، ومنع الطفل في المدرسة من المشاركة في الأنشطة الرياضية اعتقادًا منهم أنه لا يستطيع بذل المجهود اللازم، وأيضًا عدم التزام الطفل بالنظام الغذائي المناسب له، وعدم قدرة المحيطين به على مساعدته في عملية الحقن لأخذ جرعات الأنسولين اليومية، والكثير من التفاصيل.
وتقول إن الطفل يحتاج يوميًّا الى أن يفحص 3 مرات تقريبًا من خلال شرائح تكلفتها في السوق ما بين 14 و25 دينارًا، لتبلغ التكلفة الاقتصادية لطفل السكري إلى ما يقارب 1500 دينار أردني سنويًّا.
تركز الجمعية من خلال برامج التوعية للمعلمين والأهالي، كونهم أكثر الفئات التي تتعامل بشكل مباشر مع طفل السكري، وبحسب الإحصائيات التي أعدتها الجمعية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وهي الإحصائية الأخيرة الموجودة في الأردن والتي تبين عدد الأطفال المصابين بمرض السكري من النوع الأول، لعام 2014، وتقدر أعدادهم بـ6 الآف مصاب، بمعدل زيادة يتراوح بين 1% و2% لأسباب غير واضحة حتى يومنا هذا.
أهمية الفحص المستمر:
وتضيف كلالدة: "المخاطر الآنية التي تصيب طفل السكري، تتمثل في إصابته بالصداع المستمر، وعدم التركيز في المدرسة، وإذا أصيب بهبوط مفاجئ للسكر في الدم قد يصاب بغيبوبة، والكثير من التفاصيل. أما المخاطر على المدى البعيد؛ فإن عدم انضباط السكر وفق المعدل الطبيعي يؤدي إلى فشل كلوي، وكما نعلم فإن نصف المصابين بهذا المرض هم من مرضى السكري، ويؤثر طبعًا عدم الانضباط على البصر وأيضًا على الإحساس بالأطراف، ويؤثر على النمو والبلوغ وسرعة التئام الجروح وغيرها".
وتعمل الجمعية وفق برامج محددة لتوعية الأهالي والمعلمين بكيفية التعامل مع الغيبوبة التي تحدث للأطفال، ونجمع أطفال السكري سويًّا ليصبح لديهم دراية عن مرضهم، بالإضافة إلى تعليمهم أسلوب الحقن الصحيح، ففي بعض المدارس يضطر الطفل لأن يحقن نفسه بنفسه لعدم وجود مساعدة من قبل المعلمين، ويجب أيضًا أن يفحص مستوى السكري قبل تناول وجبة الطعام.
وتقول الدكتورة سيما كلالدة: "تتعلق أكثر الأسئلة التي ترد إلينا من الأهل بخوفهم المستمر على مستقبل أطفالهم، وهل هذا المرض يؤثر على زواج الفتيات؟ وهل يحرمون مستقبلًا من الذرية لعدم قدرتهم على الإنجاب؟ ونؤكد لهم دومًا وتكرارًا أن أطفال السكري أشخاص عاديون لكن يجب الاهتمام بهم وضبط مستوى السكر لديهم، وفي حالة السيطرة على حالتهم الصحية، ستكون أمورهم طبيعية تمامًا كأي إنسان طبيعي".
aXA6IDE4LjE5MS4xNTAuMTQ0IA== جزيرة ام اند امز