لا يُسمح للأطباء وفقًا للوائح وزارة الصحة الفلسطينية بإجراء عمليات إجهاض إلا إذا كان الحمل يعرض حياة الأم للخطر وليس صحتها النفسية.
صُدمت "فاطمة" عندما علمت، وهي أم لتوأمين وتفرض عليها أعباؤها بذل مجهود كبير، أنها حملت من جديد، ولم يوافق طبيبها على إجراء عملية إجهاض إلا بعد أن وعدته بأن تدعي أن العملية كانت لعلاج حالة طبية طارئة.
وقالت فاطمة، التي تعيش في الضفة الغربية، "شعر بالأسف لحالي وقال لي: إذا سألك أحد كيف انتهى بك الأمر إلى عملية إجهاض فسأجد نفسي في ورطة وأفقد وظيفتي، ولذلك قولي إنك تعرضت لنزيف في ذلك الوقت."
وأضافت - مشترطة عدم استخدام اسمها الحقيقي لأنها لم تخبر زوجها قط بما جرى - "أجرى لي عملية الإجهاض في المرة الأولى ومرة ثانية ومرة ثالثة."
والخيار قاس بالنسبة للفلسطينيات الراغبات في الإجهاض بالضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، حيث يفرض القانون حدودًا صارمة لمثل هذا الإجراء، فالخيار المتاح إما بين الإبقاء على الجنين أو التخلص منه بالحيل أو بأساليب سرية تنطوي على خطورة أو التوجه إلى إسرائيل، حيث القوانين المتعلقة بهذا الأمر أكثر تسامحًا بكثير.
وينتقد المدافعون والمدافعات عن حقوق المرأة الحظر بقوة لكن تعديل القوانين يبدو غير مرجح، فالتقاليد المحافظة تتحكم في معظم مظاهر المجتمع الفلسطيني، كما أن البرلمان معلق فعليًّا منذ عام 2007 بسبب الانقسامات، مما يجعل من المستحيل تعديل القوانين أو إصدار تشريعات جديدة.
ولا يُسمح للأطباء وفقًا للوائح وزارة الصحة الفلسطينية بإجراء عمليات إجهاض إلا إذا كان الحمل يعرض حياة الأم للخطر وليس صحتها النفسية.
وإذا تم رصد تشوه في الجنين يمكن إجراء عملية الإجهاض بموافقة الأبوين، لكن التخلص من الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا المحارم فمحظور وفقًا لقواعد الوزارة.
وتحجم السلطات الفلسطينية عن ذكر أرقام تبين عدد حالات الإجهاض، التي تمت الموافقة عليها أو عدد الأشخاص الذين حوكموا بتهمة انتهاك القانون، وتشير الحسابات المعتمدة على الملاحظة إلى أن مثل هذه الموافقات نادرة لكن الخوف من العواقب ومن انتهاك المحظورات يجعل الكثير ممن يخضعن للتجربة يتكتمن الأمر.
وقالت المقدم وفاء معمر، مديرة وحدة حماية الأسرة بالشرطة الفلسطينية، إن المرأة التي تخضع لإجهاض غير قانوني يمكن أن تواجه السجن من سنة لـ3 سنوات.
وأضافت أنه يمكن تخفيف العقوبة للسجن من ستة أشهر إلى 12 شهرًا في حالات التخلص من الحمل الناجم عن اغتصاب أو زنا المحارم.
ويمكن أن ينطبق التخفيف على النساء المهددات بالقتل "دفاعًا عن الشرف".
وقالت المقدم وفاء معمر، إن من يجري عملية إجهاض غير مسموح بها يمكن أن يواجه أيضًا حكمًا بالسجن من عام إلى 3 أعوام أو من 5 أعوام إلى 15 عامًا إذا توفيت الأم، أما إن كان من أجرى العملية طبيبًا فقد يحكم عليه بالسجن لـ3 سنوات إضافية.
وأضافت أنه إذا أجهضت المرأة نفسها بنفسها فإنها تواجه نفس العقوبة كما لو أن شخصا آخر ساعدها.
حتى اللجوء لوسيلة كأقراص منع الحمل من المحظورات، ومن المعروف أن صيادلة يصرفون تلك الأقراص دون حتى توجيه سؤال.
وقالت "سميرة"، وهي فلسطينية أخرى طلبت إخفاء هويتها، إنها وجدت صيدليا بعيدًا عن بلدتها تعاطف مع صديقة لها وساعدها على منع الحمل.
وأضافت "حدثته عن السيدة التي لها 10 أبناء وتشعر بالإنهاك. قلت له: أنت في أمان وأنا حتى لست من هذه المنطقة ولن أذكر اسمك مطلقًا. قال: وهو كذلك. تفضلي الدواء."
وقالت أمينة عويضات، المديرة التنفيذية لجمعية تنظيم وحماية الأسرة الفلسطينية، إنها تحترم القانون الفلسطيني لكنها تريد توفير "خدمات آمنة" للنساء الراغبات في التخلص من الحمل.
وأضافت أن التجربة أثبتت أن الإجهاض غير الآمن مكلف؛ لأن المرأة حين يحدث لها نزيف وتضطر للذهاب للمستشفى تكون تكلفة الإجهاض غير الآمن والتعافي من توابعه أعلى.
وتتوجه بعضهن لإسرائيل حيث يمكن أن يحدث الإجهاض فور موافقة لجنة طبية، ويمكن للفلسطينيين المقيمين في القدس الشرقية التي تدرجها إسرائيل ضمن دائرة اختصاصها القضائي دخول المستشفيات الإسرائيلية.
ولا تميز بيانات الحكومة الإسرائيلية الخاصة بين من خضعن لعمليات إجهاض بين فلسطينيات القدس الشرقية وعرب إسرائيل الذين يشكلون ما يصل إلى 20 % من سكان إسرائيل.
وتشير أحدث بيانات المكتب المركزي للإحصاء، والتي تغطي الفترة من 2012 إلى 2013، إلى أن نحو 85 % من متلقي الخدمة كانوا من الأغلبية اليهودية، وأن 15 % -أي ما بين 2600 و2800 حالة سنويًّا- إما من عرب إسرائيل أو فلسطينيات القدس الشرقية.
وقال مسؤول بمكتب الإحصاء، مسترشدًا بمعلومات من واقع الملاحظة استقاها من موظفي سجلات بمستشفيات، إن 9 فلسطينيات من الضفة أو غزة خضعن لعمليات إجهاض في إسرائيل في 2012 وإن 6 أخريات خضعن لهذه العملية في 2013.
حتى هذا العدد الضئيل ازداد ضآلة في الآونة الأخيرة.
وقالت داليا باسا، وهي مسؤولة بالحكومة الإسرائيلية مكلفة بترتيب دخول الفلسطينيين لتلقي العلاج الطبي، إنها تعلم الآن بدخول حالة واحدة تقريبًا سنويًّا لإجراء عملية إجهاض.
وأضافت لرويترز "يجئن إلى إسرائيل عادة لحساسيات قضايا الشرف التي تستلزم التخلص من الجنين."
وأوضحت أن مثل هذه الطلبات تتعامل معها عادة جمعيات حقوق الإنسان أو أقارب للأم بالقدس الشرقية أو القطاع العربي في إسرائيل.