"داعش".. القصة الكاملة للتنظيم الإرهابي الأكثر همجية وثراء
بعد نحو عامين من سيطرة "داعش" على مساحات شاسعة من سوريا والعراق ظهر التنظيم كأكثر جماعة وحشية وثراء في العالم.
بعد نحو عامين من سيطرة تنظيم "داعش" على مساحات شاسعة من سوريا والعراق المتجاورتين، وإعلان ما يسمى بـ"دولة الخلافة"، ظهر التنظيم الذي يزعم أنه يشن حربًا مقدسة من أجل من الإسلام، كأكثر جماعة وحشية وثراء في العالم.
ولتسليط الضوء على مصادر تمويل التنظيم الإرهابي، وطبيعة الحياة تحت حكمه، والاستراتيجيات التي يلجأ إليها لتجنيد شباب أوروبا، وأبرز قادته المطلوبين للعدالة نشرت هيئة الإذاعة البريطانية، "بي بي سي" تقريرًا مطولًا بعنوان "جماعة الدولة: القصة الكاملة".
"داعش".. أعلى المنظمات الإرهابية تمويلًا فى التاريخ
بعد سقوط الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، والتى يبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة، في 10 يونيو/حزيران من العام الماضى، استولى عناصر التنظيم على أعداد كبيرة من المركبات المدرعة وكميات كبيرة من الأسلحة المتطورة، التي خلفها ورائه الجيش العراقي، ويقال إنهم استولوا أيضًا على نحو 500 مليون دولار من فرع البنك المركزي بالموصل، ثم استولوا على بلدة بيجي، ومصفاة النفط الضخمة بها.
ورغم الخسائر الإقليمية، ما زال التنظيم قادرًا على البقاء، ويرجع الفضل في جزء كبير من هذا إلى وضعه "كأعلى منظمة إرهابية تمويلًا" في التاريخ؛ لأن تمويله بالتأكيد أكثر شبهًا بدولة من منظمات مثل القاعدة التي تعتمد بشكل كبير على التبرعات لتمويل عملياتها.
وخلال عام 2014، بلغ دخل "داعش" من الابتزاز وجباية الضرائب 600 مليون دولار، وإجمالي مبيعات النفط 500 مليون دولار، إلى جانب 45 مليون دولار عوائد عمليات الاختطاف وطلب الفدية، وفقًا للأمم المتحدة ومؤسسة راند، "مؤسسة مستقلة غير ربحية" تؤثر على صناعة القرار في الإدارة الأمريكية، ووزارة الخزانة الأمريكية.
ويأتي تمويل "داعش" من عدة مصادر رئيسية، هي:
1- عائدات النفط المستمرة.
2- الضرائب ومصادرة الممتلكات.
3- المكاسب التي حققها من صوامع الحبوب، البنوك، ومنشآت تخزين النفط عندما اجتاح أولًا الأراضي السورية والعراقية التي يحتلها الآن.
وتضم المناطق التي يسيطر عليها "داعش"، آبار نفط واسعة وإمدادات الغاز، ومنشآت التخزين، التي تمكن التنظيم من الاستفادة منها.
ومنذ صيف عام 2014، استغل التنظيم بشكل فعال هذه الإمدادات لتوفير الوقود لعملياته، والسكان المحليين، وطرق التهريب عبر الحدود إلى تركيا، وزواج المصلحة، ونظام الأسد نفسه.
ولكن يبدو أن التنظيم يعاني مؤخرا للحفاظ على ثرائه، حيث أعلن خفض رواتب مقاتليه بنسبة 50٪، في مؤشر على أن المد المالي يتراجع في سوريا والعراق في نهاية المطاف.
جرائم التنظيم ومذابحه الوحشية
بدلًا من محاولة التستر على فظائعه، يتلذذ "داعش" بالإعلان عنها والدعاية لها، عبر نشرها في فيديوهات على الإنترنت، وصور تبين السجناء الذين ينقلون بعيدًا ويطلق عليهم النار مسلحون يرتدون ملابس سوداء، كما حدث في معسكر "سبايكر"، حيث يعتقد أن نحو 1700 جندي عراقي قد ذبحوا بدم بارد.
ومن حيث القسوة والوحشية، لم يستغرق الأمر طويلًا حتى يأتي الأسوأ، فبعد توقف دام شهرين فقط، هاجم "داعش" مجددًا، واستولى على مساحات واسعة من شمال العراق الذي يسيطر عليها الأكراد، وتشمل بلدة سنجار، ومعظم سكانها من الإيزيديين، وهي أقلية دينية قديمة يعتبرها التنظيم "كافرة".
ولم يتردد عناصر التنظيم في قتل مئات من الإيزيديين الذين فشلوا في الهرب، ثم فصل النساء والأطفال واتخذهم غنائم حرب، ليتم بيعهم ومقايضتهم كعبيد، واستخدامهم كعبيد جنس، وما زال الآلاف منهم في عداد المفقودين.
ولكن الاستعراضات الصادمة، والمتعطش للدماء بلغ ذروتها في نهاية شهر، أغسطس 2014، مع البدء في قتل الرهائن الغربيين، حيث ظهر جلاد التنظيم السابق محمد إموازي الملقب "الجهادي جون"، في فيديو وهو يقطع رأس الصحفي الأمريكي جيمس فولي، قبل أن يظهر في الأسابيع التالية صحفيان أمريكيان وبريطانيان وعمال إغاثة وهو يذبحون بطريقة مشابهة، في فيديوهات ذات جودة عالية، تزخر ببيانات الدعاية والتحذيرات.
طبيعة الحياة تحت حكم "داعش"
تنبثق من قيادة التنظيم، إدارات تحكم قبضته على جميع أركان الحياة، وتشمل المالية والزراعة والتعليم والنقل والصحة والرعاية الاجتماعية والمرافق العامة، كما أعيد صياغة المناهج بما يتماشى مع تعاليم "داعش" وإعادة كتابة التاريخ، وحذف جميع الصور من الكتب المدرسية، وأصبحت اللغة الإنجليزية خارج القائمة.
أما معاناة النساء تحت حكم التنظيم، فتجسدها رواية إحدى الهاربات من براثنه بعد تحرير مدينة الرمادي، في وقت سابق من هذا العام مع تقدم قوات الأمن العراقية، وفرار المدنيين من المعركة، بينما حاول مقاتلو التنظيم التسلل والاختباء في صفوفهم.
وبحسب رواية المرأة، نقلًا عن خبرتها الشخصية واثنين من شقيقاتها "اقتربت امرأتان، بعد فرارهما من منطقة القتال من نقطة تفتيش للشرطة، وبعد وصولهما إلى بر الأمان، اتجهت إحداهما فجأة إلى رجال الشرطة، وأشارت إلى الأخرى، قائلة: "هذه ليست امرأة، إنه أمير داعش".
وعندما تحققت الشرطة من الأمر، اكتشفت أن المرأة الأخرى رجل، حلق لحيته، ووضع مساحيق تجميل وارتدى ملابس نسائية، وكان من أبرز القادة المطلوبين محليًّا.
وقالت المرأة للشرطة: "عندما وصل داعش، قتل الأمير زوجي، الذي كان أحد رجال الشرطة اغتصبني، ثم أُخذت واتخذني زوجة له"، مضيفة: "تحملته كل هذا الوقت، أنتظر الانتقام لزوجي وشرفي، وخدعته ليحلق ويضع مساحيق تجميل، ثم أبلغت عنه الشرطة".
فيديو الحياة تحت حكم "داعش"
70 هجومًا إرهابيًّا و1200 قتيل
منذ إعلان الخلافة، حتى أوائل عام 2016، وقع نحو 70 هجومًا إرهابيًّا، سواء نفذه أو شجع عليه "داعش" في 20 دولة في جميع أنحاء العالم، من كاليفورنيا إلى سيدني، سقط ضحيتها ما يقدر بنحو 1200 قتيل.
حملت الهجمات نفس رسالة العقاب والترهيب والاستفزاز على غرار ذبح الرهائن، في حين أظهرت الامتداد العالمي للتنظيم.
لماذا لا يزال يستقطب مجندين من أوروبا؟
تباطأ تدفق المجندين، سواء المقاتلين وأسرهم، والذين يتركون منازلهم في أوروبا من أجل العيش في الرقة في سوريا بشكل كبير.
ولكنه وصل إلى ذروته بين عامي 2013-2014، عندما كان عبور الحدود التركية السورية الممتدة بطول 822 كم أسهل بكثير للجهاديين، وعندما كانت تنتشر دعاية "داعش" على وسائل الإعلام الاجتماعي بدون صعوبات إلى حد كبير، وعندما كان يسيطر على المزيد من الأراضي في شمال سوريا وشمال غرب العراق.
غير أن هذه العوامل تغيرت الآن في غير صالح "داعش" الذي بات يركز على استقطاب الشباب، في المناطق الفقيرة ويعانون البطالة والتهميش والإحباط.
لكن العوامل الكامنة وراء دفع الشباب البريطانيين والأوروبيين نحو الانضمام إلى الجماعة لم تختف، وأبرزها ثلاثة.
العزلة
نجح "داعش" بشكل هائل في استغلال الشعور بالاغتراب و"عدم الانتماء" بين كثير من الشباب المسلم في أوروبا، حيث يشعر كثير من المجندين بالنفور من أسرهم من جهة، ومن المجتمعات الأوسع التي يعيشون فيها من جهة أخرى.
وقد لعبت شبكة الإنترنت دورًا رئيسيًّا، حيث يقضي المراهقون الذين لا يزالون يعيشون في منازل أسرهم وقتًا كبيرًا منعزلين في غرفهم على الشبكة العنكبوتية.
الكاريزما
مفتاح إيصال هذه الرسالة، هو مهارة "داعش" في استخدام الشخصيات الكاريزمية المقنِعة، حيث تشير الإحصاءات إلى أنه في معظم الحالات يتم إقناع الأشخاص بالانضمام إلى القضية عن طريق أقرانهم.
ويمكن أن يكون هذه الشخص أخ أكبر ذهب بالفعل إلى سوريا، يحدثهم عن كمال الحياة هناك، أو زميل، أو حتى شخص غريب يقابلهم على الإنترنت يستخدم اسم حركي مثل "أبو عبد الله البريطاني".
الصور الحية
الرسائل الماهرة، والاستخدام الماكر -وإن كان مقززًا- للصور، التصوير السينمائي، والعنف الشديد المتلذذ، زاد بالتأكيد من جاذبية "داعش" بين بعض الأشخاص وكثير منهم ذوي خلفيات جنائية، الأشكال السادية للإعدام لأعدائه، وهم في الغالب من المسلمين الآخرين، خدمت بدورها في جذب مزيد من الأفراد ذوي الميول السيكوباتية (المضطربين عقليًّا ونفسيًّا).
هل أصاب داعش الجنون؟
يبدو التنظيم مصممًا على السيطرة على العالم بأسره، بشكل يستفز ويواجه الولايات المتحدة وروسيا، وقائمة طويلة تضم آخرين، فهل يمكن أن يتحدى حقًّا القوى العالمية، ويأمل في البقاء؟
وفقًا لأرقامه، يضم التنظيم 40 ألف مقاتل تحت قيادته (بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن العدد يصل إلى نصف ذلك).
أبرز قادة "داعش" المطلوبين في الولايات المتحدة
1- أبو بكر البغدادي، قائد التنظيم (10 ملايين دولار).
2- عبد الرحمن مصطفى القادولي، مسؤول بارز (7 ملايين دولار).
3- أبو محمد العدناني، متحدث (5 ملايين دولار).
4- عمر شيشاني، قائد عسكري (5 ملايين دولار)
5- أبو محمد الشمالي، قائد لوجستي (5 ملايين دولار).
6- أبو عمر التونسي، مدرب انتحاريين (5 ملايين دولار).
aXA6IDMuMTQzLjIxNC4yMjYg جزيرة ام اند امز