إسرائيل تصنع تاريخًا مزيفًا بآثار "فرعون في أرض كنعان"
طالبوا بـ"أضعف الإيمان" للرد عليها
قال وزير الآثار المصري، أن مصر لا تملك من اللوائح والقوانين ما يمكنها من المطالبة بحقوقنا في هذا التمثال
قبل عده أشهر، أثار خبر طرح متحف بريطاني لتمثال أثري مصري للبيع في المزاد، غضب الأثريين المصريين، الذين طالبوا بوقف التعاون الأثري بين هذا المتحف ووزارة الآثار المصرية.
وقتها، قال وزير الآثار المصري، إن مصر لا تملك من اللوائح والقوانين ما يمكنها من المطالبة بحقوقنا في هذا التمثال، ودعى وقتها المصريين للتبرع من أجل شراء هذا التمثال.
ومنذ ذلك التاريخ، لم يحدث أي جديد في ملف الآثار المصرية المهربة من الخارج، حتى فوجئ المهتمون بالآثار المصرية بافتتاح إسرائيل معرضًا يضم آثارًا مصرية، تحت عنوان " فرعون في كنعان .. القصة غير المروية"، خلال الفترة من 4 مارس وحتى 25 أكتوبر.
ويضم المعرض قطعًا أثرية توجد لدى متحف إسرائيل، بالإضافة إلى قطع أخرى مصرية أهديت له على سبيل الإعارة خلال مدة المعرض من متاحف اللوفر بباريس وتورين والمتروبوليتان بنيويورك.
الخطورة في المعرض، كما يرى الأثريون، أن الكيان الصهيوني يروج من خلاله لفكرة أن تاريخه طاعن في القدم، وأنه موجود في أرض كنعان (فلسطين) منذ عهد الفراعنة، فهل تملك مصر من الأدوات ما يمكنها من وقف مثل هذه المعارض؟
في سعينا للإجابة على هذه الأسئلة، يجب التفرقة بين الآثار التي خرجت من مصر بصورة شرعية، وتلك التي خرجت بشكل غير شرعي.
ويقدم كتاب "سرقات مشروعة" للقاضي أشرف العشماوي، المستشار القانوني السابق للمجلس الأعلى للآثار، توضيحًا للفرق بين النوعين.
وذهب العشماوي في كتابه، إلى أنه قبل 1983، كانت القوانين التي تحكم الآثار في مصر، تسمح بتهريب الآثار تحت غطاء قانوني، حيث كانت موادها عائمة، وسمحت للبعثات الأجنبية التي تعمل في مصر بالحصول على نسبة من الآثار التي تستخرجها، وذلك قبل أن ينهي قانون صدر في عام 1983 هذه الظاهرة، وبالتالي صار أي أثر يهرب بعد هذا التاريخ من حق مصر.
ويخلص العشماوي من ذلك، إلى أن الآثار التي هربت قبل هذا التاريخ، ستكون هناك صعوبة في استعادتها، وينطبق الأمر نفسه على الآثار التي أهديت من ملوك ورؤساء مصر لقادة العالم.
الحل في المرسوم:
ما ذهب إليه العشماوي في كتابه، أشار إليه المرشد السياحي بسام الشماع، والذي أعد دراسة عن الآثار المنهوبة، حاولت تقديم مخرج لاستعادة الآثار التي أخذتها البعثات الأجنبية، وصارت تباع في مزادات عالمية، وتهدى لمتاحف العالم، كما حدث مع متحف الكيان الصهيوني.
يقول الشماع: "من المفارقات أن يكون الحل لاستعاده هذه الآثار في مرسوم أصدره محمد علي عام 1835، رغم أن محمد علي نفسه أهدى الكثير من الآثار لملوك العالم".
واحتوى المرسوم على 3 مواد فقط، الأولى وصفت الآثار برائعة القرون الماضية، والثانية قضت بضرورة تجميع الآثار وما ينتج مستقبلًا من الحفائر في مكان خاص بمدينة القاهرة، والأخيرة نصت على الحظر المطلق لتصدير الآثار في المستقبل.
ووفق هذا المرسوم يحق لمصر المطالبة بكثير من الآثار التي خرجت منها بطريقة غير شرعية، وكذلك التي أهديت لملوك ورؤساء العالم، ولكن المشكلة التي تقابلنا هي اتفاقية اليونسكو عام 1970 التي انضمت لها مصر، والتي تغل أيدينا عن استعادة حقوقنا في الآثار التي تم تهريبها.
وتعتبر بنود الاتفاقية أن الآثار التي تقتنيها البعثات الأثرية، وتلك التي تهدى لها، من المقتنيات الثقافية للدولة التي أصبحت موجودة بها، ومن ثم فإن الحل الذي يطرحه الشماع هو انسلاخ مصر من هذه الاتفاقية.
وقال: "بعد أن أصبحت متاحف العالم تعرض آثارنا في الكيان الصهيوني، ما الذي يمنع من اتخاذ هذا القرار؟".
علاج عاجل:
ولا يملك الشماع إجابة على هذا السؤال، لكنه في المقابل يطالب بعلاج حاسم وعاجل للمشكلة، يقضي بوقف التعامل الأثري بين وزارة الآثار المصرية والمتاحف التي تعاونت مع الكيان الصهيوني، على غرار ما حدث مع المتحف الذي باع تمثال "سخم كا".
وأعلنت وزارة الأثار المصرية في أغسطس من العام الماضي، وقف التعامل مع متحف نورث هامبتون ببريطانيا في أي مجال يخص الآثار والمتاحف بعد طرحه تمثال "سخم كا" عن طريق مزاد، بما يخالف الأخلاق المتحفية في العالم، في واقعة هي الأولى من نوعها.
وقال الشماع: "ما أقدمت عليه المتاحف الثلاثة التي تعاونت مع متحف إسرائيل في معرض فرعون على أرض كنعان، أكثر جرمًا من واقعة البيع بالمزاد، وأضعف الإيمان في الوقت الحالي هو أن نوقف التعاون الأثري مع هذه المتاحف".
ويضم المعرض مجموعة من الآثار الفرعونية النادرة، أبرزها تمثال بديع للملك أخناتون (1340 - 1335) من الحجر الأصفر، تمت إعارته لمتحف إسرائيل من قبل متحف اللوفر باريس، وتمثال أبو الهول للملك تحتمس الثالث معار من متحف المتروبوليتان بنيويورك بأمريكا، وتمثال تحتمس الثالث معار من متحف فيينا.
هذا بالإضافة إلى الآثار الفرعونية التي يملكها متحف إسرائيل وتم عرضها بالمعرض، ومنها جزء من تمثال أبو الهول للملك الشهير منكاورع، تم اكتشافه في فلسطين المحتلة، مجموعة من التوابيت بأشكال آدمية ترجع إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، تمثال للملك رمسيس الثالث من حجر البازلت، وهو التمثال الوحيد لملك مصري قديم من الحجم الطبيعي الذي تم اكتشافه في فلسطين، خاتم من الذهب عليه اسم العرش للملك توت عنخ آمون، لوحة الانتصار للملك سيتي الأول منقوش عليها نص لانتصار الملك المصري، قناع الربة الأسطورية حت حر (حتحور) ربة الجمال والموسيقى والحب المصرية الأسطورية، قنينة مصرية قديمة ترجع إلى الثالث عشر والرابع عشر من حجر الكالسيت، وعقد من حجر الفاينس يرجع إلى زمن القرن الرابع عشر.
المعاملة بالمثل:
ويرى د.أحمد غانم أستاذ الآثار بجامعة الإسكندرية، أن اتفاقية اليونسكو عام 1970 والمنضمة لها مصر، تغل إيدينا عن المطالبة بأي آثار مصرية، لكنه في المقابل يطالب المتاحف الأجنبية التي أعارت إسرائيل آثارها بـ"المعاملة بالمثل".
وقال غانم: "في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر الآن، لا نملك أن نقطع العلاقات مع تلك المتاحف، لكننا في المقابل بحكم التعاون العلمي معهم نستطيع إحراجهم بالمطالبة بالتعامل بالمثل".
ويستخدم غانم نفس الوصف السابق الذي استخدمه الشماع، موضحًا أنه: "إذا كنا لا نستطيع استعادة الآثار، فأضعف الإيمان هو أن نطلب منهم نفس الآثار التي عرضت في متحف إسرائيل، لاستخدامها في معرض وطني".
وأضاف: "لابد من دراسة مغزى الرسالة التي أرادت إسرائيل إرسالها من هذا المعرض، لنقوم في المقابل بإعداد رسالة مضادة تستخدم نفس القطع الأثرية".
aXA6IDMuMTM1LjIxOS4xNTMg
جزيرة ام اند امز